مدرسة ابن حمديس نحو النموذجية بالرغم من الاكراهات
لا تخلو صفحة من صفحات الميثاق الوطني للتربية والتكوين من الحديث عن الجودة ؛ ومعلوم أن الميثاق هو قناعة وطنية بضرورة تحسين جودة التربية والتعليم للوصول إلى تحسين وضعية المواطن والبلاد بعد إفلاس قطاع التربية بسبب تعاقب السياسات الفاشلة والأساليب المحنطة التي استعملت خلال عقود ما بعد الاستقلال في معالجة القضية التربوية التعليمية .
ومع حلول إصلاح الميثاق استبشر الكثيرون خيرا ؛ ولكن مع انصرام سنوات العشرية الأولى للإصلاح واحدة بعد الأخرى ساد اليأس من جديد عند الكثيرين ؛ وباتت القناعة الراسخة أن الإصلاح مرهمي ليس غير يلامس السطح ولا يغوص في الأعماق حيث تجذرت المشاكل. ومما يدعو لليأس الطابع الإعلامي التسويقي الذي تنهجه الوزارة من خلال ما تسميه منتديات الإصلاح ؛ وهي دعوات متهافتة تدعي الإصلاح ولكنها سرعان ما تتهاوي على أرض الواقع ؛ ويثبت بالملموس أن الغرض من ورائها الدعاية المحضة.
لقد قدر لي أن أكون ضمن أعضاء جمعية آباء وأولياء تلاميذ مدرسة ابن حمديس التي تقع في قلب المدينة ولكنها تعكس ببنايتها العتيقة مرحلة الاستعمار البغيض . ولقد وجدت الجمعية من المشاكل أمامها ما يجعلها تنصرف انصراف الكرام كما هو حال معظم الجمعيات عن العمل الجاد ؛ ولكن بفضل عزيمة أعضائها سطر هدف النمذجة لهذه المؤسسة ؛ خصوصا وقد تعودت القناة الأولى نقل وقائع الدخول المدرسي فيها كل موسم؛ وربما خدع الكثيرون بلقطات خاطفة ينقلها التلفزيون وظنوا أن هذه المدرسة قد أنعم الله عليها ؛ بل منهم من يظن أن زيارة القناة الأولى عبارة عن تحيز للمدرسة ؛ والحقيقة أن هذه المدرسة فيها من الاستحياء ما يغنيها عن الشكوى والاستجداء؛ لهذا يفضل المسئولون زيارة الإعلام لها.
انكب أعضاء الجمعية وعلى رأسها سيدة فاضلة ؛ وهي موظفة سابقة في القوات المسلحة تسلحت بإرادة الجيش القوية مع زملائها على العمل الجاد ؛ وأظهر الجميع وبمساندة إدارة المدرسة الشابة والجادة أيضا عزيمة من أجل رفع تحد قلما يرفع في المؤسسات التربوية ؛ وهكذا تم الترميم والإصلاحات التي شملت قاعات الدروس ودورات المياه ؛ وبكثير من الطموح تم تشييد قاعة متعددة الوسائط بمساندة قدماء التلاميذ ومن بينهم وزير الإسكان وتزويدها بأجهزة الحاسوب ؛ كما تم توحيد الزي المدرسي وهو الزي الموحد الوحيد في المؤسسات العمومية في المدينة وربما في الجهة. وبعد هذه المجهودات اغتنم السيد وزير التربية الوطنية وممثليه في الجهة والإقليم الفرصة للظهور أمام عدسات الكاميرا ليتم تسويق المنتوج الإعلامي الاستهلاكي لتغطية جزء من نشاط وزاري روتيني كالعادة مع وعود عرقوب بتزويد المؤسسة بالتجهيزات اللازمة وربطها بخط للأنترنيت لتكون قدوة يقتدى بها في الجهة . وتوالى موسمان تامان كاملان ولم يقدم عرقوب ولو قلما جافا لهذه المدرسة التي صدقت شعار الجودة وطمحت اليه ؛ واعتمدت على إمكانياتها من خلال مجهودات جمعية الآباء لتحقق حلم النمذجة المنشود . ولم ينل من عزيمة المدرسة تنكر الوزارة للوعود بل واصلت مشوارها وحافظت على الزي الموحد تقتنيه حتى للمعوزين من تلاميذها ؛ بل لم تفرط في الأعمال الاجتماعية حيث خصصت العشر الأواخر من شهر رمضان كالعادة لجمع الألبسة المستعملة لفائدة التلاميذ الفقراء في مدارس الأحياء الهامشية ؛ وهي سنة سنتها المدرسة ولا زالت ماضية على إحيائها كل سنة.
لقد كان بالامكان أن تتحقق النمذجة لو أن الوزارة ومن يمثلها في الجهة وفوا بالعهد ولم يروجوا للدعاية الرخيصة والمجانية ساعة الزيارة ؛ ولكن حبل الكذب عندنا طويل مع أنه قصير عند غيرنا من الأمم التي لا تسمح بالكذب والتسويف في مجال حيوي كمجال التربية.
وإنني إذ أستعرض وضعية هذه المدرسة الصامدة الحريصة على أن تكون نموذجية أهيب بأهل الأريحية من قدماء تلاميذها عبر هذا المنبر الإعلامي وجدة سيتي الرائد الذي ندب نفسه للدفاع عن مكانة مدينة الألفية مشكورا أن يتفضلوا بتحقيق رغبة فلذات الأكباد في اقتناء خط للأنترنيت له الدور الفعال في تحسين المردودية وتعجيل النمذجة التي قد تعكس بشكل صحيح إصلاح الميثاق ؛ ولتكن العملية خالصة لوجه الله تعالى بعيدا عن أضواء الإعلام الاستهلاكي على طريقة مسئولي الوزارة الوصية؛ فهل من آذان صاغية؟ ووعود صادقة ناجزة ؟
Aucun commentaire
بسم الله الرحمن الرحيم
تشكراتنا للاخ الكريم محمد شركي و تحية تقدير للجمعية ى ما تطمح اليه من مشاريع تعود بالفائدة على جميع التلاميذ .