غياب البعد البيداغوجي في بعض مؤسسات التعليم الخاص
معلوم أ ن السياسة التربوية للمغرب تشجع التعليم الخاص منذ عقود ؛ وقد حظي بالاهتمام حتى صارت له مديرية على المستوى المركزي ترعى شؤونه . ومن قبيل التحفيز لهذا النوع من التعليم سياسة غض الطرف عن إمكانياته التي تكون في الغالب محدودة ودون المواصفات المطلوبة في مؤسسات تربوية ؛ إذ قد يرخص لبعض المؤسسات في ظروف استثنائية بفضاءات مرفوضة حسب المعايير المطلوبة على الأقل في الوثائق الرسمية حتى لا نقول وفق المعايير المتعارف عليها دوليا لأن ذلك سيفتح الباب على نقاش طويل عريض يشمل مؤسسات التعليم العام أيضا .
وبالرغم من هذه السياسة المتساهلة مع التعليم الخاص فان بعض المؤسسات تسعى جاهدة لتلميع صورتها لأسباب تجارية لا علاقة لها بالبعد البيداغوجي خصوصا في بداية كل موسم دراسي حيث يشتد التنافس بين مؤسسات التعليم الخاص من أجل استقطاب أكبر عدد ممكن من المتعلمين . ومن مظاهر التنافس غير الشريف اعتماد أسلوب الطعن في النتائج ؛ بمجرد انتقال متعلم من مؤسسة إلى أخرى تسعى المؤسسة المستقبلة إلى إقناع ولي أمره بأنه قد نجا من الضياع ؛ وأنه قد فعل خيرا إذ تدارك الأمر ونقل ابنه إلى بر الأمان ؛ وقد يسمع ولي الأمر العديد من الحكايات الملفقة التي تحاول إقناعه بأن المؤسسة التي غادرها ابنته أو بنته لا مصداقية لها وأن هم أصحابها هو جمع المال ؛ وقد لا تعترف المؤسسة المستقبلة بنتائج غيرها علما بأنه ليس من صلاحية مؤسسة ما تقويم نتائج غيرها طالما وجدت مؤسسات رسمية لها حق البث في النتائج .
ومن الأساليب المعتمدة في بعض مؤسسات التعليم الخاص إخضاع المتعلمين لاختبارات كتابية وشفهية من أجل السماح لهم بولوجها ؛ وهي خطوة ظاهرها البعد البيداغوجي وباطنها الدعاية والتأثير على الآباء والأولياء من أجل إقناعهم بسمعة المؤسسة التي لا تقبل كل من يرغب في الالتحاق بها لأن هدفها ليس الربح وإنما التربية ووجه الله تعالى .ولقد صدمت بصدمة طفلة في العاشرة من عمرها وهي بنت أستاذة جامعية أرادت تغيير مؤسسة ابنتها لظروف خاصة ففوجئت برفض المؤسسة المستقبلة لنتائج ابنتها في المؤسسة التي تريد مغادرتها ؛ وفوجئت بامتحان ابنتها وبفشلها الذريع حسب تقويم المؤسسة المستقبلة مما أثر على نفسية الطفلة التي زرتها وهي في حالة انهيار يرثى لها ؛ وقد حاولت بحكم انتمائي للقطاع التربوي إخراج هذه الطفلة البريئة من حالتها النفسية المزرية لأنها شعرت بالإهانة بحضور والدتها التي صدقت تقويم المؤسسة ولم تتردد في لومها مما ساهم في تفاقم وضعية هذه الطفلة التي كانت ضحية إشهار مؤسسة خاصة.
ومعلوم أن ظروف الامتحان لها انعكاسات سلبية على نفسية المتعلمين خصوصا عندما يتعلق الأمر بالفوز والفشل الذي تترتب عنه عقوبات أو تحفيزات مهما كان نوعها ؛ فبمجرد علم الطفلة بأن الاختبار يتعلق بقبولها أو رفضها في هذه المؤسسة فانهها ستكون ضحية ارتباك بسبب الخوف وهذا سيجعل أجوبتها متعثرة مهما كانت درجة صعوبة وسهولة الاختبارات لأن الطفلة أشعرت منذ البداية بالعاقبة ؛ ولم تطمأن بالاستقبال في المؤسسة مهما كانت مردوديتها.
ولست أدري ما هو تكوين الممتحنين لهذه الطفلة علما بأن التعليم الخاص يشغل حاملي الاجازات التعليمية غير الخاضعين للتكوين البيداغوجي اللازم ؛ كما أنني لا أدري ما هو الهدف من وراء اختبار الطفلة وأي نوع من التقويم أهو تشخيصي أم إجمالي ؟ وما هي معاييره ؟ وما هي درجة مصداقيته ؟ ولماذا ألغى تقديرات الطفلة في المؤسسة السابقة ؟ ومن خول له ذلك ؟ إلى غير ذلك من الأسئلة المشروعة بيداغوجيا.
لقد أقبلت هذه المؤسسة على عمل مرفوض بيداغوجيا وقد عاينت آثاره السلبية على نفسية طفلة بريئة وقر في نفسها أنها فاشلة ؛ وأن المؤسسة التي كانت تنتمي إليها كانت تخدعها وتعبث بمصيرها ؛ والغريب أن هذا الشعور انتقل من الطفلة إلى والدتها عن طريق العدوى حتى أن الأم كادت تفقد الثقة ببنتها ذات الخط الجميل في اللغتين العربية والفرنسية ؛ وذات التعبير الجميل باللغتين وذات الرسوم المثيرة وذات البديهة والذكاء الواضح بعدما حاورتها وبعدما استعادت ثقتها بنفسها .
فهل ستتنبه مؤسسات التعليم الخاص إلى هذه الممارسات غير المقبولة بيداغوجيا ؟ وهل ستراعى نفسيات الأطفال عندما ينتقلون من مؤسسة إلى أخرى ؟ وهل ستتحسن ظروف الاستقبال فتكون بالأحضان لا بالامتحان ؟ لأن التقويم يكون بعد التحصيل لا قبل التحصيل ؛ وأما الحكم على نتائج مؤسسة سابقة فمن اختصاص الوزارة لا من اختصاص مؤسسة كباقي المؤسسات لا يمكنها أن تكون خصما وحكما في نفس الوقت. وهل سمعة مؤسسة أغلى وأثمن من نفسية طفلة ذرفت دموع البراءة بعد عطلة سعيدة ؟
أرجو أن يعود المسئولون عن هذه المؤسسات إلى رشدهم والى المنافسة الشريفة عوض الإشهار الرخيص الذي لا يعدو تجريح الغير لتنزيه الذات مقابل الربح ؛ وعلى حساب فلذات الأكباد ومشاعر الآباء والأمهات .
Aucun commentaire
تحية أخوية لأستاذي الفاضل محمد شركي مشفوعا بالدعاء له بالصحة والعافية. إن ما طرحته يعبر بوجه أو بآخر عن بعض الاختلالات الفنية فضلا عن التربوية التي تعتبر اختلالات بنوية في هذا التعليم. وقد استقطب التعليم الخاص شرائح عديدة من طبقات المجتمع المغربي نتيجة الدعاية الواهمة ونتيجة وضعية المؤسسة التعليمية الرسمية المزرية. فلو نظرنا إلى المسألة بعين الباحث لوجدنا أن التعليم الخاص هو الوجه الآخر للتعليم الرسمي من عملة التعليم المغربي، وهي عملة مازالت في حاجة ماسة للمراجعة رغم ما يقال عن الإصلاح. فالمسألة يجب أن ننظر إليها في إطارها التقني، وفي أبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتربوية. وعلى العموم فالتعليم الخاص في ظل إشراف الوزارة عليه مهما كان هذا الإشراف؛ فإن كثيرة هي الأسئلة التي يجب أن تطرح؛ حتى نجيب هل لدينا فعلا تعليما تربويا خاصا أم تجارة تربوية. مع التقدير والشكر
اريد ان ابدأ من حيث انتهى استاذنا عبد العزيز قريش : ان التعليم الخاص اصبح حاليا عبارة عن تجارة تربوية جد مربحة ، ولهذا فان الأخ شركي وضع يده على الداء ن فكيف يعقل اننا ننتقد الأكتظاظ في العليم العمومي في حين نجد ان الكثير من مدارس التعليم الخاص الأبتدائي تكدس داخل غرف وأقول غرف ولي قاعات للدراسة بمساحة 12 متر مربع حوالي 30 ام 35 تلميذ ، بل العديد من مدارس التعليم الخاص هي عبارة عن منازل لا تتوفر فيها ادنى الشروط الصحية ، ناهيك عن الأثمان المرتفعة ، وتشغيل معلمات يتم استغلالهن ابشع استغلال ، تصوروا ان من العديد من مدارس التعليم الخاص تشغل المعلمات مقابل 800 درهم او 1000 درهم …فكيف يمكن ان تكون هناك مردودية في ظل غياب اي مراقبة ، وفي ظل سياسة اغماض العين من طرف المسؤولين عن التعليم على هذا الوضع الأستغلالي لمدارس التعليم الخاص ، ناهيك عن استغلال التلاميذ والأباء ماديا …فمثلا حاليا بوجدة بعض مدارس التعليم الخاص تطلب من التلاميذ احضار رزمة كاملة من الأوراق المستعملة في آلات النسخ ، وبهذه المدرسة حوالي 600 تلميذ وتصوروا ما الذي ستفعله المدرسة بحوالي 600 رزمة من اوراق النسخ مع العلم انها لا تسلم للتلاميذ الا ورقة واحدة خلال نهاية الأسبوع بها برنامج التمارين خلال الأسبوع ….ونحن نعلم ان كل رزمة من اوراق النسخ بها 500 ورقة …كسؤال ماذا تفعل هذه المدرسة بهذا الكم الهائل من الأوراق فحتى النيابة الأقليمية لا تستهلك 500 او 600 رزمة من الورق خلال السنة …..على اي هناك الكثير والكثير ما يمكن قوله عن جشع واستغلال مدارس التعليم الخاص لأباء هربوا من رداءة التعليم العمومي ليسقطوا في استغلال التعليم الخصوصي …