عندما يكون النجاح يعتمد على الغش و التسريبات
جاء في بعض المنابر الإخبارية الرسمية أن وزارة التربية الوطنية ستعلن عن النتائج النهائية للباكلوريا الدورة الأولى لسنة2015 يومه الأربعاء 24 يونيو في جميع الشعب.
ونعلم جميعا ما اتسمت به هذه السنة من تسريبات للمواضيع بعد دقائق معدودة من إجراء الامتحان و في بعض الأحيان يتم التسريب قبل الامتحان مع إعطاء حلول للتمارين المقدمة.و لم تخل حتى الامتحانات الجهوية من هذا الوباء الخطير من طرف بعض من منعدمي الضمير الديني و الخلقي، لغرض في نفس يعقوب.
رغم أن الجهات المسئولة قد أعلنت عن القبض على بعض المتورطين في جهات مختلفة من ربوع المملكة شمالا و جنوبا و شرقا و غربا، فان الداء قد لا يرجى الشفاء منه إلا بالعقوبات الزجرية المانعة لتكرار الفعل.
و مما جاء في منابر العامية أن 15 تلميذا(ة) من الدار البيضاء وحدها أقدموا في مصحات طبية،على إجراء عمليات جراحية على الأذن لإزالة الصفائح الالكترونية على شكل عدسة بها يستقبل التلميذ الأجوبة بالصوت من مرسل على مسافة يمده بالحلول للتمارين الموضوعة.و لا بد للمواطن الذي بهت من هذه الأفعال الشنيعة أن يتساءل :إذا كانت مدينة الدار البيضاء وحدها و خلال يوم واحد، عرفت 15 حالة من تلاميذ يقومون بإجراء عمليات جراحية لإزالة تلك الصفائح الالكترونية الصغيرة من الأذن، لما لها من أضرار على السمع إذا ما مكثت في أماكنها، فكم عدد التلاميذ الذين اقبلوا على هذا الفعل في جغرافية المغرب الكبرى؟
و يبقى للأطباء الذين ساهموا في وضع هذه العدسات لهؤلاء التلاميذ نصيب من المسؤولية و نصيب في إشاعة الغش في البلاد و نصيب في المساهمة في الأيدي الملطخة بالفساد والفاسدة في الوطن…و عليهم مسؤولية جنائية في العمل الذي سمحوا لأنفسهم بالمشاركة فيه…
طبعا إن من يلجا إلى هذه التصرفات من التلاميذ، ليس من أبناء الفقراء و لا من الفئات المتوسطة،نظرا لما تكلفه هذه العملية من أموال باهظة.بل إن هذا هو عمل بعض من أبناء و أباء الفئات الثرية التي الفت الأرباح بطرق غير مشروعة،و الذين لهم باع في شراء الذمم من اجل الوصول إلى مآربهم.و هؤلاء أيضا ليسوا من أبناء التعليم العمومي،الذي يجمع في حجراته أبناء الفقراء و الفئات المتوسطة من أبناء الشعب.فالأثرياء الذين فقدوا كل الثقة في المدارس العمومية، و الذين يكرهون أن يتعلم أبناؤهم المدللين مع أبناء الشعب البسطاء لكبر في نفوسهم و عقولهم،فلا يرضون بتسجيل أبنائهم في تعليم عمومي يتآكل يوما عن يوم بفعل الاكتظاظ و عدم محاسبة الغشاشين من رجال التعليم…
المؤسف حقا في هذه الوضعية ،و المحزن أيضا ،أن نقول إنها مأساة اجتماعية بكل المقاييس الأخلاقية و الوطنية و الإنسانية.مأساة عندما ترى التلاميذ المجدين وهم طوال السنة مع كتبهم و دفاترهم و التمارين التي ينجزونها لوحدهم و سهر الليالي، أو بتأطير أساتذة الدعم الخارجي. محرومين من كل ملذات الحياة البسيطة من الاستمتاع بالجو العائلي، آو القيام بالنزهات في العطل، أو الاستراحة و لو ليوم واحد من هوس المراجعة و التحضير .و ترى الآباء و الأمهات يبذلون كل مقتنياتهم المالية و جهودهم النفسية من اجل إعانة أبنائهم على النجاة من رهاب الامتحانات،الذي لا يعرفه إلا بعض الآباء عندما يحملون أبناءهم ليلة الامتحان في وقت متأخر، للمستعجلات، من هول الامتحان. يحاولون أن يبحثوا عن من يدعم أبناءهم من الخطر القادم (الامتحان).و مأساة أخرى أن يجد التلميذ بعد العمل المتواصل و لسبب من الأسباب،حائرا،عندما يعلن عن نتائجه المتوسطة أو فوق المتوسطة بفعل الإرباك و الخوف.و تغلق في وجهه كل المنافذ للولوج إلى المعاهد العليا ذات الاستقطاب المحدود، و التي تبقى مفتوحة في وجه من حصل على المعدلات المرتفعة ،حتى لو كانت بطريقة غير مشروعة…
إن المعدل المرتفع هو الذي يفتح للتلميذ كل الأبواب المغلقة للمعاهد العليا،أما الدراسة في الجامعة فالكل يعلم مصير التلاميذ امام الإضرابات التي لا تنتهي،وأمام المحسوبية و الزبونية التي يقوم بها بعض أساتذة الجامعة منعدمي الضمير المهني و الخلقي…
ورحم الله القائل سيعيد المجتمع إنتاج نفس الطبقات الاجتماعية .فالأبناء سيخلفون آباءهم في الفقر و الغنى،و في الجهل و التعلم.
انه مجتمع يجعل الأثرياء أسيادا و يجعل الفقراء أشباه العبيد. أما الفئات المتوسطة فتلعب دوما دور الوسيط بين هؤلاء و أولائك ،أو تنزلق إلى الدرك الاجتماعي السافل مع الفقراء أشباه العبيد في الأزمات…
انجاز:صايم نورالدين
Aucun commentaire