تفعيل الفضاء المدرسي
تفعيل الفضاء المدرسي
مدخل:
يعتبر الفضاء المدرسي مكونا أساسا من مكونات الفعل التدريسي. لارتباطه العضوي بالشروط الضرورية اللازمة لإنجاح العملية التعليمية التعلمية داخل المؤسسة التربوية.
والفضاء المدرسي ببنياته وتجهيزاته ووسائله، يلعب دورا حاسما في إنجاح أو فشل الفعل التعليمي؛ مما جعل الوزارة تعي به، وتفرده بالمذكرة رقم:88 بتاريخ 9 جمادى الأولى1424 الموافق ل:10 يوليوز 2003. ذات الموضوع: استغلال فضاء المؤسسات التعليمية. الحامل لعشر مؤشرات لتفعيل هذا الفضاء. كما ضمنت الموضوع نفسه في كتيبها: " دليل الحياة المدرسية " الصادر في شتنبر 2003، بعنوان: ( فضاءات الحياة المدرسية، ص.ص.: 13 ـ 15 ). فترى ما الفضاء المدرسي؟ وكيف نفعله؟.
1 ـ تعريف الفضاء المدرسي:
الفضاء المدرسي كل فسحة زمانية ومكانية، تسمح بإنجاز فعل داعم للفعل التعليمي الرسمي.
والفضاء المدرسي بهذا المفهوم الإجرائي متعلق:
ـ بإنجاز فعل داعم في فترة زمنية ومكانية معينة.
ـ بدعم الفعل التعليمي الرسمي.
ـ خارج عن بنية الفعل التعليمي.
وهو به؛ يـنـتـج فــضاء مــدرسيا آخـر، خارجا عن إطار هذا التعريف. وهو الفضاء المدرسي البنياتي ( نسبة إلى البنية )، الذي يتعلق بالتعليم الرسمي. فعندما نكون إزاء تدريس درس في الرياضيات داخل حجرة الدرس، فإننا نكون في فضاء بنياتي. لأنه جزء من بنية الدرس الرياضي الرسمي. أما عندما يكون التلاميذ يجرون مقابلة رياضية في ملعب المدينة. نكون إزاء فضاء مدرسي بالمفهوم الإجرائي. ولا يخرجه هذا المفهوم من صفة المدرسة لأنه متعلق بالفعل التعليمي، وتمارسه المدرسة.
2 ـ أنواع الفضاء المدرسي:
هناك نوعان من الفضاء المدرسي:
ـ فضاء داخلي: وهو الفضاء الذي يوجد في داخل المدرسة كالساحة والقسم والمرافق الصحية والرياضية ومختلف القاعات المتخصصة والإدارة والمختبر…
وهو فضاء إما مغلق أو مفتوح.حيث المغلق هو مساحة مكانية مغلقة كالقسم أو مستودع الألبسة الرياضية… والمفتوح هو مساحة مفتوحة وغير مغلقة كالساحة أو ملعب الرياضي…
ـ فضاء خارجي: وهو خارج المدرسة. حيث يكون مغلقا أو مفتوحا. فقاعة المحاضرات بدار الشباب مثلا: فضاء مدرسي خارجي مغلق إن أجرى فيه التلاميذ مسابقة ثقافية. وأما الطبيعة، فمثلا حقل؛ هو فضاء مدرسي خارجي مفتوح إن أجرى فيه التلاميذ دراسة عينية على بعض النباتات.
3 ـ الفضاء في المؤسسة التعليمية المغربية:
حسب دليل الوزارة السابق ذكره فإن فضاد المؤسسة التعليمية يشمل:
ـ قاعة الدرس، وهي متنوعة حسب الغرض الذي أقيمت من أجله.
ـ ساحة المؤسسة.
ـ المرافق الرياضية.
ـ المرافق الإدارية.
ـ مركز التوثيق والإعلام CDI .
ـ قاعة متعددة الاختصاصات.
ـ قاعة المداومة.
ـ قاعة الصلاة.
ـ المرافق الصحية.
ـ قاعة التمريض.
ـ مرافق أخرى كالداخليات…
وهناك فضاءات خارجية مثل:
ـ معاهد الموسيقى.
ـ المكتبات العمومية.
ـ المسارح.
ـ دور الشباب.
ـ الأندية الرياضية المدنية وغيرها.
ـ المقاولات الإنتاجية.
ـ مراكز التكوين.
4 ـ كيفية تفعيل الفضاء المدرسي؟
الفضاء سواء منه البنياتي أو بالمفهوم الإجرائي السابق، يجب تفعيله حتى يؤدي دوره الموكول له في بناء الفعل التعليمي أو في دعمه وتعزيزه، وحتى يفعل لابد من وجود شرطين متلازمين هما:
ـ الشرط الأول شرط ذاتي في الشخص التربوي، يستلزم منه القناعة التامة والكاملة بأهمية ودور الفضاء في إنجاح الفعل التعليم أوفي دعمه.
ـ الشرط الثاني شرط خارجي، بما يفيد ثقافة التكامل الخارجي للمصلحة العامة بين جميع الفاعلين التربويين والمتدخلين في الفضاء المدرسي.
وهما شرطان لازمان لا يستقيم تفعيل الفضاء البنياتي المدرسي دون قناعة الإدارة التربوية أو هيئة التدريس بأهميته، ودوره الخطير في بناء الفعل التعليمي. هب أن مدرسا، يرى في الحجرة الدراسية سوى حجرة جامدة لا تنبض بالحياة أو مجرد جدران يجتمع فيها التلاميذ بضع سويعات للتعلم لا شأن لها بالتعليم، ولا دخل لها في عمق الفعل التدريسي. فكيف تكون دروسه، بالمقارنة مع مدرس آخر؛ يرى أن موقع الحجرة الدراسية يحتل موقع بيت من بيوت منزله. واجب عليه تأثيثه حتى يستقيم العيش فيه؟. فكيف تكون حجرة الدرس عنده؟. أليس تأثيثها بالمثيرات البيداغوجية والديداكتيكية واجب عليه انطلاقا من تنزيله الحجرة المدرسية تلك المنزلة؟
والتفعيل ينطق من العناية التامة بالفضاء المدرسي من صباغة وتزيين وصيانة، إلى تأثيثه بالحدائق والممرات والجداريات و الصور … واحترامه وتقديره، ونشر ثقافة العناية به بالمحافظة عليه نقيا سليما، معافى من الأوساخ والأزبال…
وليس هذا كل شيء بل نذهب إلى إشراك الجهات الخارجية في العون على العناية به، ودفعهم إلى المساهمة في المحافظة عليه. فمثلا توعية ساكني محيط المدرسة بأن المدرسة هي ملكهم قبل أن تكون مرفقا عاما خدماتيا. فهي موجودة من أجل أبنائهم، فلا داعي إلى تكسير أبوابها وتجهيزاتها لأنها ملكهم… فهذه التوعية من قبيل تفعيل الفضاء المدرسي الخارجي. وأما عن الشراكة من أجل تفعيل هذا الفضاء، فيمكن ضرب مثال: حيث نقول فإن تفعيل المكتبة مثلا لا يتطلب سوى الكتابة والاتصال بدور النشر والمكتبات ووزارة الثقافة والبعثات الثقافية الأجنبية للمساعدة في تجهيزها ومنحها الكتب والمصادر والمراجع.
وعن تفعيل الفضاء المدرسي الخارجي فإن الرحلات والزيارات للمتاحف مثلا أو للمعارض الفنية أو للمصالح الخارجية للمؤسسات العمومية أو شبه العمومية أو الخاصة كفيل بتفعيل هذا الفضاء.
خاتمة:
عود على بدء، ليس الوارد في هذه المداخلة البسيطة الدخول في حيثيات تفعيل الفضاء المدرسي بقدر ما هي ورقة تثير الانتباه إلى أهمية هذا الفضاء في الحياة المدرسية، وأن تفعيله مسؤوليتنا جميعا إن كنا نريد الدفع بالمدرسة إلى آفاق واعدة، وإن كنا نريد التغير والتجديد لهذه المدرسة الجامدة والقابعة بين جدران اسمنتية تجتر الروتين والملل، وتموت يوما بعد يوم بموتنا.
وأملي أن تثير الورقة جملة من الأسئلة خاصة أسئلة المعوقات التي تحول دون تفعيل هذا الفضاء، وهذه المؤسسة التربوية والتعليمية.
عبد العزيز قريش
2 Comments
اخي الفاضل الأستاذ المحنك الذي بتعفنا كل مرة بكتابات من مستوى رفيع تنم على بحث دقيق وعلم وفير ودراية عالية . وانني عندما يغيب قلمك اتساءل كثيرا مع نفسي أين اختفى استاذنا ومعلمنا الكبير السيد عبد العزيز قريش.
ان ما قلته عن الفضاء المدرسي كله كلام منطقي واقعي بامكانه اخراج المؤسسة من قوقعتها ,ولكنك تعلم يا أخي الفاضل ان المجموعات المدرسية لا تتوفر على أدنى الشروط للعمل فلولا ارادة مدرسيها لكانت مغلقة من زمان.ليس هناك سياج ,ولا مكتبة ,ولا مرافق صحية ,ولا جمعية للاباء ,ولا حضور للجماعات المحلية ,ولا مساهمة خارجية . بل حتى اصحاب المكرومات يفضلون تقديمها بمؤسسات المدينة وبحضور عاملها والمصورين – مع بعض الاشتثناءات بطبيعة الحال- ان التلميذ متآكل من الفقر والبؤس وأستاذه في غاية اليأس ولا من يسمع أو يرى هذا الأنين الذي يتراجع شيئا فشيئا ثم يتحول الى الم عادي خفيف .
أستاذي الفاضل الكريم سيدي محمد المقدم شكرا على كلماتك الرقيقة، قلمي ككل الأقلام مهموم بمعيش يومي وضعتنا في سياسة من لا سياسة لهم. لذا يغيب عن الساحة من الفينة للأخرى. لكن لن يغيب إلى الأبد إلا بفعل الرحيل إلى رب العالمين. لذا أعتذر منكم ومن القراء الكرام ومن الجريدة والجرائد الأخرى التي أكتب فيها. إن مسألة عدم تفعيل الفضاء المدرسي هو الباب الذي تركته للقراء للتداول فيه. أما ما أدليت به فهو صحيح بدون منازع. بل إن العالم القروي أخاله في ظل هذه السياسة العامة التي يجريها القوم علينا أنه خارج هذه السياسة ولا تعترف به. لكن كل معاناة الأهل والأحبة وهيئة التدريس والإدارة والتفتيش والتلاميذ في العالم القروي وهي معاناة شديدة وقوية لا تقف دون أن نضع حسب استطاعاتنا نقطة ماء في محيط مهما كانت هذه النقطة متلاشية؛ لنخرج من هذا اليأس الذي تسرب إلينا من سياساتهم القاتلة. مع الشكر والتقدير