العنف على المدرسة في العالم القروي
العنف على المدرسة في العالم القروي
ليس الحديث هنا عن العنف على المدرسة في العالم القروي حديثا تحليليا لظاهرة تربوية واجتماعية، تستقطب فكر الباحثين التربويين والاجتماعيين فضلا عن المختصين في مجالها، بقدر ما الحديث: مجموعة أسئلة تفرض نفسها على رجل الميدان الذي يعيش الظاهرة بكل ثقلها النفسي والاجتماعي والسياسي والتربوي، وتتعقد عندها الخيوط وتتشابك دون أن يجد جوابا صريحا من المعنف، الذي يرمي المؤسسة بعنف مادي ظاهر وجلي في تمظهراته، وبعنف رمزي تستشفه في دلالات العنف المادي.
والعنف على المؤسسة التعليمية في العالم القروي يقطع الجسر بين المؤسسة التعليمية والمجتمع المحلي أو البيئة الطبيعية لهذه المؤسسة. ذلك أن التجسير كان تاريخيا منبع وجود المؤسسة التعليمية من رحم المجتمع المحلي؛ يتسابق في ذلك مع المجتمعات المحلية الأخرى ويتباهى بذلك، حيث كان المجتمع المحلي يومئذ واعيا بدور هذه المؤسسة في حياته الخاصة والعامة. فوجدنا مجتمعات محلية قروية محج طلاب العلم والعلماء، ومصدر الفنون والعلوم بما فيها العلوم الدينية! انتقلت بعلومها إلى حواضر ومدن تستقطب العمران. فوجدنا حينها المجتمع المحلي هو الذي يبني المؤسسة التعليمية ويصرف ماليا عليها بل يوجد لها الوقف للصرف عليها ويخصص الكراسي العلمية بالوقف. لكن انقلب التجسير إلى تكسير هذه العلاقة العضوية في المجتمع القروي؛ فأصبحت المؤسسة التعليمية في عالمها القروي ـ مع عدم التعميم ـ مؤسسة طارئة عليه وخارجة عن عضويته ودخيلة، تستوجب في نظره العقوبة والعنف والطرد من حياته، وترجع هذه النظرة إلى المؤسسة التعليمية للتطور الذي حصل في مفهوم المدرسة وبنيتها وهيكلتها، وفي رسالتها ودورها الاجتماعي والمهني … ومنه وجدنا عدة رؤى للمؤسسة التعليمية تستوطن العالم القروي خاصة إذا علمنا أن تحولا كبيرا طرأ على دور التعليم في الحياة الاجتماعية، وانفصل عن ارتباطات متنوعة بأنساق أخرى، كانت في حكم البديهية العضوية كارتباطه بالشغل والترقي الاجتماعي والاقتصادي.
وبما أن هذا الانفصال تم داخل تعليم تقليدي يعتمد على الصيانة لا على الإبداع، ويرتكز في عمقه على التلقين والحفظ لا توطين الكفايات والكفاءات وتوظيفها من أجل الرقي الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وخلق حقول الشغل وتطويرها بما يتلاءم مع تطور العصر. أصبحنا نعيش مفارقة مضمون التعليم مع الواقع وتغيراته المتسارعة ؛ التي انعكست على التعليم نفسه؛ حيث ظهر بمظهر المتأخر عن الركب، الذي لا يجدي نفعا لمتعاطيه. ووقع الانفصام في ذاته، وتحول إلى هدر للموارد البشرية بدل استثمارها واستغلالها لفائدة التنمية البشرية والحجرية، وهو أمر غير عاد ولا مقبول بمنطق العقل والمسؤولية؛ لهذا أصبحت صورة التعليم في ذاكرتنا الثقافية والواقية مشوشة حول دوره ووظيفته في المجتمع. وقلما وجدنا وعيا بأهميته خارج ارتباطاته الاقتصادية، من منطلق أنسنة الإنسان قبل تشغيله وتفعيله في الحياة العامة للمجتمع. ولذا وجدنا في واقعنا المعيش العنف داخل المؤسسة وعليها. له أسبابه ومبرراته ودواعيه ومسوغاته؛ رغم أننا لا نصادق على تلك المبررات أو الدواعي والمسوغات، لأنه ظاهرة خطيرة وغير أصيلة في المجتمع المتعلم.
وبما أن المؤسسة التعليمية في العالم القروي تشهد عدة تمظهرات للعنف، وجب البحث العلمي الميداني في هذه الظاهرة بما يعالجها من الأساس. والعنف يتجلى في عدة مظاهر منها على سبيل المثال لا الحصر:
ـ التعدي المادي على المؤسسة كتكسير أبوابها وتحطيم جدرانها وسرقة محتوياتها …
ـ حرمانها من التسييج واتخاذها مرعى للمواشي والدواجن …
ـ اتخاذها مرافق صحية للمجتمع المحلي …
ـ عدم احترامها وصيانتها، واحترام العاملين فيها …
ـ ………….
ومن أجل هذه الوضعية غير السليمة للمؤسسة التعليمية في العالم القروي، تنبثق عدة أسئلة جوهرة؛ نثيرها في هذه الورقة لعلها تثير هي الأخرى جدالا بين المهتمين، وتولد حوارا جديا ومسؤولا تجاه مؤسستنا التعليمية التي نريدها فاعلة في المجتمع، ونريدها مدخلا للتنمية في مستوياتها ومجالاتها المختلفة. ومنها:
ـ ما الأسباب الموضوعية والواقعية التي تجل العالم القروي يسخط على المؤسسة التعليمية ويعاقبها بالعنف عليها؟
ـ ما سبل علاج هذه الظاهرة الاجتماعية؟
ـ ما مسؤولية المؤسسة ذاتها في هذه الوضعية؟
ـ ما مسؤولية الدولة في هذه الوضعية من خلال مسؤولية أجهزتها المختلفة فيها؟
ـ إلى أي حد يمكن أن تتدخل الثقافة في علاج هذه الظاهرة المرضية؟
ونحن نطرح هذه الأسئلة، نؤمن بأن الحوار بين المتدخلين في الشأن التعليمي كفيل بتشريح الوضعية والوقوف على الأسباب، وطرح العلاج في إطار من تكامل الأدوار وتنسيقها. فهذه الظاهرة تهم الجميع دون استثناء، وتتعدى التنظير إلى التطبيق، وتفارق الافتراض إلى الواقعية، وتتطلب الحزم والمسؤولية في اتخاذ القرارات وتفعيلها ميدانيا، بعيدا عن التجاذبات المختلفة للأطراف المتدخلة. فهل نؤمن بأن العنف على المؤسسة التعليمية دلالة اجتماعية عن عدم الوعي بأهميتها في حياة الإنسان كفرد ثم كمجتمع؟!
تحرير: عبد العزيز قريش
Aucun commentaire
قيام المدرسين بالمؤسسات القروية بالواجبات ا لمنوطة بهم، بكل مسؤولبة مع احترام الساكنة ، بدءا باحترامهم للمتعلمين، يشكل الركيزة الأسايسة التي تجعل سكان البادية يدافعون عن مؤسستهم و يحرسونها و يساعدون العاملين بها حسب استطاعتهم.
تحية للجميں
أجد أن التطور الذي حصل في المدرسة بانفصالها عن مؤسسة المسجد ورسالته الأخلاقية، التي كانت تغذي الناشئة بالقيم الأخلاقية. إضافة إلى وجود تعليم يعتمد على الذاكرة ولا يوظف شيئا منها في حياته من أجل خلق نشاط اقتصادي متميز للوطن، ووجود ثقافة مهنية ليست في مستوى المسؤولية تقدم المصلحة الخاصة عن العامة، وتلقي بتبعيات أوضاعها الاقتصادية على التلميذ وتستغله فيها سواء بإهماله أو بدفعه إلى الساعات الإضافية أو ابتزازه ماديا أو أخلاقيا؛ وغياب ردع قانوني لمن يهاجم المؤسسة التعليمية في العالم القروي وغير هذه السباب. هي التي تؤدي إلى هذه الوضعية السيئة وغير المقبوله بمنطق الإيمان والوطنية فضلا عن العقل كما قلت. أطرح فكرتي للمناقشة والتصحيح. وشكرا على إثارة هذه القضية في الصحافة.
السلام عليكم وبعد : فان صاحب الموظوع أخص المدرسة في البادية فقط لتشخيص هذا المرض المزمن, الا انني أري أن المؤسسة التعليمية في الحاضرة أسوأ بكثير , مما تعانيه مثيلتها في البادية . ولكي لا ننحصر في التنضير فقط, كما ذكر صاحب هذا الموضوع مشكورا الشائك والخطير جدا وجب علينا جميعا أيها الأخوة الكرام : أنا وأنت وهو وهي وهما وهم وهن ونحن جميعا , أن
نمر الي الأجراء أو اجراءات هي , قبل أن يتوقف قلب هذا المرفق الوطني الحيوي أن لم نقول هو الحياة كلها بالنسبة لنا جميعا .
ولكن ما هي هذه الاجرءات يا تري ,فبالنسبة لي ومن باب تجربتي المتواضعة وفي الميدان لأنني
مارست « وربما ما زلت » رئاسة جمعية آباء التلاميذ في احدي اعداديات هنا في بركان ,أكد لكم ما يلي : أن الحل والعقد يوجد داخل مؤسساتنا التربوية لا غير لا يجب أن نبحث بعيدا , ولا يجب أن نبتعد أكثر . لماذا ؟ وكيف ؟ ومع من ؟ ومتي؟ ومن يباشر ويتناول هذا الموظوع الوعر والسهل
في آن واحد ,هي هذه الأسئلة التي يجب علينا جميعا كما ذكرت سابقا, أن نجد لها أجوبة تناسب
خطورة الموظوع.
ولتذكير الجميع فالمسئولية نتحملهاجميعا,لا يستثني منها أحدا تختلف فقط في الدرجات ,ولكن عندما ننضر الي درجة التضرر فنجد : الأب,الأم,الآخ , الأخت العم, الخال ….الخ اذن من هم
المتضررين , طبعا نحن عامة القوم الذي نغضواالطرف في كثير من الأحيان ,ولا نتحمل مسئولياتنا في وقتها ومرت الأزمان والأحقاب وآخرها ما وصلنا اليه أليوم. وهذا ندائى الي جميع من يقرأه من الأخوة الكرام الغيورين علي وطنهم ودينهم , أن نبقي في اتصال لعلنا جميعا نصل
الي نتيجة ما في هذا الشأن . والله لا يضيع اجرا لمن أحسن الظن في عمله . والسلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته.
لسم الله.وبعد شكرا جزيلا للاخ الدي طرح الموضوع الشائك و المعقد.وكمساهمة بالاجابة على السؤال المحوري المتمثل في الاسباب الموضوعية والواقعية وراء سخط العالم القروي وعنفه على المؤسسة التعليمية .أقول ان العنف لا يولد الا العنف بمعنى ان العالم القروي هو موضوع عنف الطرف الاقوى في المعادلة و هي الدولة والمدرسة كمؤسسة اجتماعية تمتلكها الدولة تمرر عبرها اديولوجيتها تلقى في المقابل الرفض و عدم القبول . يتجلى عنف الدولة على العالم القروي للتهميش الدي طاله في فترات زمنية سابقة من عزلة عن مراكز الحضر المحظوظة نسبيا. ففي غياب البنيات التحتية من طرق و مستوصفات وادارات ..الخ لا ننتظر الا هدا النفور و انعدام الثقة بين سكان القرية و الدولة ممثلة في المدرسة. زد على دلك فترات الجفاف التي عرفها المغرب مند سنوات عديدة. الا انه وبكل موضوعية أخدنا نلحظ نوعا من الاهتمام بالعالم القروي في السنوات الاخيرة مما خفف نسبيا من درجة العنف ضد كل ما هو دولتي. هده بعض الاسباب الرئيسة للاجابة على السؤال ولنا عودة للموضوع ان اقتضى الحال دلك. والسلام./.
تحية إلى الأخ قريش.
بدا لي أن الموضوع أثار مسألة المسؤولية عن الوضع الحالي للمؤ سسات التعليمية،لا فرق بين بادية أو مدينة… وكما يقول علماء الاجتماع فإن لكل ظاهرة أسباب هي بدورها من أسباب أخرى. ولا حد للمتوالية السببية. ويضيفون أن الإنسان يعتبر سبباً أولياً(المرجع : دراسات فوكوني Fauconnet أو هيدر Heider)، أو نقطة الصفر في سلسلة الأسباب. ويمكن تحميله مسؤولية أفعاله في الميدان القضائي أو في المسؤولية الجنائية. يبقى لنا إذن أن نحمل المسؤولية بوضوح لمن هم في هرم السلطة قبل أي شخص آخر…
27/01/2007.