مؤتمر دمشق ترسيخ لحالة الانقسام الفلسطينية
مؤتمر دمشق ترسيخ لحالة الانقسام الفلسطينية
في خضم الإنقسام المريب التي تشهده الساحة الفلسطينية والخطوات السريعة التي ترسخ الإنقسام على الأرض في ظل قيام حركة حماس بإعلان تشكيل أجهزة أمنية جديدة بمسميات جديدة,وفي ظل إزدواجية جباية الضرائب التي تدفع من المواطن لحكومتي غزة ورام الله,والقرارات السياسية التي تتخذها كل حكومة وتفرضها على المواطن الفلسطيني بعيداً عن أي روح ديمقراطية تراعي المصلحة الوطنية العليا,ومصلحة المواطن عملياً أصبحت الأراضي الفلسطينية مقسمة إلى دولة وولاية متمردة,دولة في الضفة الغربية رأسها المؤسسات الشرعية المتمثلة بالرئيس والوزارات والأجهزة الأمنية,وولاية متمردة بكل ما تحمله الكلمة من معنى حيث شهدت سيطرة بالقوة والسلاح على مؤسسات السلطة,وتشكيل أجهزة لم تنال أي شرعية من أي مؤسسة دستورية سواء قرار الرئيس,او المجلس التشريعي الذي فعلياً أعلنت وفاته وتم مواراته الثرى وفتح بيت عزاء له,وحكومة فقدت شرعيتها ودستوريتها بقرار الإقالة الذي اتخذ بحقها على خلفية الإنقلاب الذي قادته حماس في حزيران 2007م.
الأحداث السياسية تتلاحق سواء على الساحة الداخلية أو من الخارج الذي يحاول استعراض عضلاته ونقل معركته في الساحة الفلسطينية,حيث أصبحت الولايات المتحدة والاحتلال الصهيوني من جهة,وإيران والقوى الحليفة من جهة أخرى تخوض معركة عض الأصابع في الساحة الفلسطينية..
هذه المعركة التي تقودها الولايات المتحدة والقوي الإقليمية بالتكليف للأطراف الفلسطينية التي غيبت مصالح وطنها وشعبها وقضيتها لكي تحقق مصالحها وأهدافها الفئوية الضيقة في زمن غابت به القيادات التاريخية الوطنية عن الشعب الفلسطيني ، أي غاب الحكماء والعقلاء عن الساحة وهو غياب مخطط وممنهج تتضح أغراضه يوما تلو يوم .
ولترسيخ هذا الإنقسام الذي يتجسد يومياً على الأرض أعلنت بعض الفصائل عن تحضيرها لعقد مؤتمر دمشق تحت ادعاءات مواجهة مؤتمر أنابولس الذي دعت إليه الولايات المتحدة الأمريكية لحل القضية المركزية للشرق الأوسط وهي القضية الفلسطينية ، هذه الدعوة لعقد مؤتمر دمشق دعوة حق يراد بها باطل حيث أن مواجهة مؤتمر أنابولس تكون بموقف وطني تتخذه الفصائل الوطنية في داخل الإطار الفلسطيني وخاصة أن جميع الأجواء السياسية تؤهل هذه القوي لممارسة ضغوطاتها على الطرف الفلسطيني المفاوض والموافق على أنابولس ، ودعم تصريحات الرئيس أبو مازن الذي صرح في العديد من المناسبات عن رفضه الذهاب إلي مؤتمر الخريف إلا ضمن ثوابت واضحة وراسخه ، وهذه الفرصة تعتبر أكثر الفرص التي يمكن أن تستغلها الفصائل الوطنية الرافضة للمؤتمر للضغط على الرئيس الفلسطيني وخاصة وأن القارئ للسياسة يدرك أن الجانب الصهيوني يتمني فشل هذا المؤتمر ، وبما أن العقلية الصهيونية لم تنضج بعد لمد يدها للسلام المزعوم ، وهذه تعتبر مدخلاً لكل القوي الوطنية بأن تستغل هذه العقلية الصهيونية وتتحرك على قاعدتها .
ولكن كالعادة دوماً نحن طلاب سياسة نمتاز بقصر النظر والفشل في التعامل مع الواقعية السياسية ، وهذا ما تجسده الدعوة لعقد مؤتمر دمشق الذي يعتبر مؤتمر احتفالي غير فلسطيني رغم أن الحضور يحملون الجنسية الفلسطينية لكنهم يتكلمون بلسان غير فلسطيني ، ولهجتهم غير فلسطينية . فهذا المؤتمر سيرسخ حالة الإنفصال والانقسام في الساحة الفلسطينية ويمنح الشرعية لحالة التشرذم التي تعيش فيها قضيتنا الوطنية ، وخاصة أن هذا المؤتمر لا يضم كل القوي وعلى رأسها أكبر فصيل فلسطيني وهو حركة فتح ، وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني التي لم توافق على هذا المؤتمر ، واشد المواقف التي فاجأت كل الأوساط السياسية هو موقف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي وافقت على حضور مؤتمر دمشق اللافلسطيني ، ولا أدرك ما هي المرتكزات والوقائع السياسية والوطنية التي اتخذت الجبهة الشعبية قراراها بالموافقة علي حضوره ، فدعوة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لن تتعدي دور شاهد الزور فقط ، حيث كان بإمكانها ممارسة دورها الوطني الذي مارسته خلال المرحلة السابقة من داخل الأطر الوطنية ، ومن خلال مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ، ومن وسط الجماهير الشعبية بداخل الوطن وخارجه.
خلاصة الحديث إن مؤتمر دمشق يعبر عن إرادة غير فلسطينية ، وما هو سوي حلقة من الحلقات الدائرة في الحرب بين أطراف الصراع الدولي – الإقليمي ، وأعتقد جازماً أن مؤتمر دمشق يوازي مؤتمر أنابولس في خطورته على القضية الفلسطينية ، فإن كان مؤتمر الخريف دعت إليه الولايات المتحدة لتقزم القضية الفلسطينية وتستنزف المفاوض الفلسطيني على حساب ثوابته الوطنية ، فمؤتمر دمشق يأتي ليستنزف الفصائل التي وافقت ودعت إليه على حساب الوحدة الجغرافية والسياسية ، وليعمق من إنقسامها .
وفي النهاية المستفيد أطراف الصراع ، والخاسر هو قضيتنا الوطنية وشعبنا الفلسطيني .
وكلمة أخيرة لجماهير شعبنا الفلسطيني الذي يراقب كل ما يحدث على الساحة الفلسطينية ويدرك إنه هو الوقود لأطماع فصائل ألقت بالوطن من أعلي قمة جبل الجرمق ، لتنجو هي بأطماعها وأنقيادها للآخر .
على هذا الشعب أن يثور وينتفض ويقول بصوت مسموع ( لا) للتجارة بفلسطين ، وشعب فلسطين ، وقضية فلسطين .
فالحل ثورة شعبية تعيد الكرامة لهذا الفلسطيني البسيط المتوشح بكوفيته ، والقابض على حجره وزند بندقته في وجه أعدائه ، وليرفع الأقنعة عن خُدام وعبيد المال والمصالح الذين أغرقوا الوطن بتخاذلهم وإنقيادهم خلف المصالح الشرقية والغربية ، واصبحوا كحجارة الشطرنج .
سامي الأخرس
28/10/2007
Aucun commentaire