جامعة محمد الأول بوجدة ، تتذكر أعلامها. الحلقة السابعــــة (7) الأستاذة الدكتورة : عصمت عبد اللطيف دندش.
جامعة محمد الأول بوجدة ، تتذكر أعلامها.
الحلقة السابعــــة (7)
بقلم : الدكتورة : سميرة حيدا
مكلفة بالتسيير الإداري لمركز الإعلام والتوجيه والحياة الطلابية
جامعة محمد الأول بوجدة.
*******************************
الأستاذة الدكتورة : عصمت عبد اللطيف دندش.
***************************************
تبدأ رحلتنا في الحلقة السابعة من سلسلة » جامعة محمد الأول بوجدة ، تتذكر أعلامها »، من قاهرة المعز,عاصمة أرض الكنانة وحاضنة العروبة ، ومركز إشعاع العلم والثقافة والحضارة الإسلامية والعربية، نشتم في سيرتها النضرة جهودا ًعبق التاريخ، بدءاً من حضارة فرعون ووصولاً إلى عصرنا الحديث، حيث يربض أبو الهول حاميًا أهرامات الجيزة، يكرر ما درسناه في كتب التاريخ القديم ، متمثلا في الإنسان الفريد الذي أقام هذه الأهرامات في غابر الزمان .. . ونغادر زمن الفراعنة، لتنقل لنا الحضارة حديثاً طيبا وكلاما رائقاً ورأيا مستنيرا عن عصور متوالية يرويها التاريخ للأجيال عن دول وحضارات تعاقبت على أرض النيل، ومياهه العذبة الخصبة إنتاجا، ولا أجد وصفًا أحسن مما وصف العلامة عبد الرحمن بن خلدون عند قدومه إليها قائلاً إنّها: » حاضرة الدنيا، وبستان العالم، ومحشر الأمم، ومدرج الدر من البشر، وإيوان الإسلام، وكرسي الملك، تلوح القصور والأواوين في جوها ، وتزهر الخوانك والمدارس بآفاقها، وتضيء البدور والكواكب من علمائها « .
من مصر العربية نسافر في هذه الحلقة مع عالمة ، جاءتنا من شرق البلاد العربية لتسهم مساهمة فعالة في إرساء دعائم جامعة محمد الأول بوجدة في بداياتها الأولى ، وهي ما تزال لبنة صغيرة ، ونبتة تحتاج إلى من يرويها بعلمه وفكره وإخلاصه ، كي تغدق علمًا وفكرًا جادًا تجلّى بصدق في أخلاقيات الأجيال العديدة، وفكرهم النيّر الذي أضاء تطور الحاضرة المغربية الحالية ثقافة واقتصادا، فالاعتكاف في محراب العلم سمة العلماء الجادين الذين لا يألون جهدًا في سبيل علمهم، والتواصل الفكري مع تراثهم وقراءة آفاق مستقبلهم مهما تجاهلهم الآخرون؛ لأنهم لا يسعون إلى مآرب أخرى غير العلم والتعبد به..
إنها الاستاذة الدكتورة عصمت عبد اللطيف دندش
*******************************
ارتبط اسم الدكتورة الفاضلة عصمت عبد اللطيف دندش بجامعة محمد الأول بوجدة في الفترة الممتدة مابين سنة 1978 وسنة 1981، عرفها الطلبة أستاذة لمادة التاريخ الإسلامي على سعة مضامينه وتفرعاته ، متخصصة في تاريخ المغرب تحديدًا فترة حكم الدولة المرابطية؛ إذ سعت ما وسعها الجهد الكشف عن الغموض الذي لف فترة حكم هذه الدولة، لقلة ما دوّن حولها، أو ما روي عن الأساس الدينيّ والعقديّ الذي قامت عليه الدولة المرابطية مما جعل هذه الدولة تضطلع بأدوار طلائعيّة في تاريخ الغرب الإسلامي بصفة عامَّة، وقد توحدت على هذا الأساس – ولأول مرة- مختلف مناطق المغرب الأقصى الإسلامي والأندلس، وبعض المغرب الأوسط، تحت لواء دولة واحدة، بعد أن قامت بحملة جهادية كان الغرض منها القضاء على مختلف مظاهر الانحراف في العقيدة، فحاربت كل البدع والفِرَق الضالَّة ببلاد الريف، وأعادت هذه النواحي وأهلها إلى رحاب الإسلام الصحيح، واتفق المرابطون فيما بينهم على صيغة توافقية قسمت الأدوار فيما بينهم، وذلك من أجل استكمال مشروعهم الدعوي التوسعي الذي استهدف نشر الإسلام في مختلف أرجاء المعمورة، فبينما تولَّى يوسف بن تاشفين مؤسس الدولة المرابطية قيادة الجهاد والدعوة في المناطق الشمالية في اتجاه الأندلس، اتجه الفريق الآخر تحت قيادة أبي بكر بن عمر ومَن جاء بعده في اتجاه إفريقيا المدارية الغربية، وهذا التقسيم الأدائي كان بعثًًا جديدًا للقوَّة المرابطية.
إضافةً إلى هذه الجهود الكبيرة كان هناك إسهام عظيم لدولة مسلمة ملأ ذكرها التاريخ، وأضافت إلى المسلمين إضافات كبرى في إفريقيا والأندلس… تلك هي دولة المرابطين.
الأستاذة الدكتورة عصمت دندش عالمة تاريخ مبدعة :
***********************************
هي – بامتياز منقطع النظير – من الخلص في التتلمذ على يد الدكتور محمد بنشريفة، بعد رجوعه من القاهرة.
حملت لواء مادة تاريخ الإسلام تدريسًا في كليات الآداب والعلوم الإنسانية ، بالرباط ، وفاس ، ووجدة ، ودار الحديث الحسنية بين 1976 و1999.
اختصت بحقل متميز في الدراسات الأندلسية المغربية وهو : المغرب والأندلس على عهد المرابطين، وحملت منذ التحاقها بالمغرب ، زوجًا للدكتور محمد بنشريفة، لواء إعادة الاعتبار للمشروع الحضاري الإسلامي الذي شيّد المرابطون أسسه بالمغرب ، ثم الأندلس، فقد كان عصر المرابطين من أكثر فترات التاريخ غموضا في الغرب الإسلامي، نظراً لضياع جلّ المصادر التي تؤرخ لها، ولكن من حين لآخر نعثر- بين السطور أو من خلال بعض الإشارات القليلة في التراجم والنوازل في المصادر الموجودة بين أيدينا – ما يعين على فكّ رموز هذه المرحلة، وبيان كوامنها المستغلقة، فتزودنا بمعلومات قيمة من خلال دراساتها المعمقة، وتكشف لنا أحداثاً كانت تبدو غامضة ومحيرة إلى عهد قريب في أبحاثها الثرّة ، مما يجعلنا نعيد النظر في أحكام سابقة استقرت في تفكيرنا الناقد وفي تحليلات عقولنا المبدعة.. ومن هنا، جاءت كتابات الدكتورة الفاضلة عصمت دندش لتملأ الفراغ الحاصل في هذا الجانب؛ إذ تطرقت في كتاباتها لتاريخ الدولة المرابطية منذ نشأتها إلى ازدهارها ثمّ أفولها،وهي كتابات احتفل بها الباحثون في تاريخ المرابطين أيّما احتفال .
من أشهر مؤلفاتها التي تعكس تميزها العلمي :
******************************
*عودة ابن تاشفين للمغرب بعد الزلاقة ، مجلة دعوة الحق ، العدد : 262، يناير وفبراير 1987، وزارة الشؤون الإسلامية.
* دور المرابطين في نشر الإسلام في غرب إفريقيا ، مع دراسة وتحقيق : رسائل القاضي ابن العربي المعافري الإشبيلي، دفين فاس سنة543هـ ، السلسلة الجامعية ، طبعة سنة 1988، بيروت.
* كتاب الأندلس في نهاية المرابطين ومستهل الموحدين: عصر الطوائف، سنة 1988، دار الغرب الإسلامي.
*أدوار سياسية لنساء في دولة المرابطين ، » من أضواء جديدة على المرابطين « ، دار الغرب الإسلامي، سنة 1991.
* أضواء جديدة على المرابطين، دار الغرب الإسلامي بيروت لبنان ، سنة 1991.
وهو كتاب قيم ،جاءت أبوابه على النحو الآتي :
– المهدي بن تومرت والباطنية.
– ارتسامات حول التصوف في عهد المرابطين.
– عودة ابن تاشفين للمغرب بعد الزلاقة.
– تعقيب على عودة ابن تاشفين إلى المغرب بعد الزلاقة.
– عودة لعودة يوسف بن تاشفين.
– رسالة يوسف بن تاشفين إلى صاحب قلعة بني حماد.
– موقف المرابطين من علم الكلام والفلسفة.
– زيارة الاندلسيين لبلاط المرابطين بمراكش.
– أحداث مرابطية من كتاب التيسير لابن زهر.
– بين ابن العربي في القواصم والشاطبي في القواصم.
– أدوار سياسية لنساء في دولة المرابطين.
– دكالة من خلال كتاب التشوف.
* تحقيق كتاب مفتاح السعادة ، لابن العريف الأندلسي ق 6 هـ، الطبعة :1، سنة 1993، دار الغرب الإسلامي ، بيروت.
*دراسات أندلسية في السياسة والاجتماع ، دار الغرب الإسلامي، سنة 2009.
* المرأة بين التراث والمعاصرة ، قضايا وبحوث ، دار الغرب الإسلامي في تونس ، سنة 2009.
فالباحث يجد صعوبة كبيرة في تتبع دور المرأة ونشاطها في المجتمعات الإسلامية في مختلف العصور، ولا سيما ما اصطلح على تسميته بالعصر الوسيط، وحسب الأستاذة الدكتورة عصمت: » كل المصادر تتجنب التأريخ أو الإشارة إلى دورها في المجتمع، وجل هذه المصادر لا تتعرض إلا لحالات نادرة لبعض النساء اللائي لَمَعْن كشاعرات أو محدثات، أو لبعض الجواري ممن اشتهرن في بلاط بعض الخلفاء … ومع أن المرأة لها دورها الفعال والنشط في تسيير الحياة العامة مهما كان موقعها، إلا أن المؤرخين تعمدوا التعتيم على دورالمرأة ونشاطها في المجتمع الإسلامي.
وقد نوعت الأستاذة الفاضلة في عرض نماذج لنساء عرفن بنشاطهن وإشعاعهن، وجالت بنا وطافت في البلاد الإسلامية من الغرب إلى الشرق، ونبشت في ذاكرتنا التاريخية، من أجل أن تقدم لنا أنموذج المرأة المغربية ممثلاً في « المرأة في تادلة من خلال كتب الرحلات في العصر الوسيط »، رغم الصعوبة الكبيرة التي واجهتها أستاذتنا الجليلة في البحث عن تاريخ المرأة المغربية في هذا العصر، قالت وهي تصف حالتها: » وجدت نفسي أبحث عن إبرة في جبل من القش، فلا توجد أية إشارة من قريب أو بعيد عن المرأة في بلاد المغرب » .
واختارت منطقة تادلة لأهميتها في ذلك العصر اقتصاديًا وعسكريًا وطبيعيا، فقد تمتعت هذه المنطقة في عهد المرابطين بنوع خاص من العناية والولاء، وحتى بعد عهد المرابطين استمر اهتمام الأسر الحاكمة بهذه المنطقة؛ لأهميتها في استتباب الأمن واستقرار الحكم في البلاد.
كما تحدثت عن الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للنساء.
وفي عرضها لنموذج المرأة من المشرق اختارت نموذج المرأة المصرية، وذلك من خلال « انطباعات المغاربة عن المرأة المصرية من خلال رحلاتهم في العصر الوسيط »، فالرحلات التي كانت من أجل أداء فريضة الحج أو طلب العلم أو التجارة كانت من الأمور التي اعتادها أهل المغرب والأندلس، ونقلوا من خلالها الكثير من الأخبار والثقافات مما رأوه وعاينوه.
ولم تحظ المرأة بكثير من الاهتمام في كتابات الرحالة المغاربة إلا بإشارات شحيحة، وهي على العموم سلبية، « ولم يشر هؤلاء الرحالة إلى مشاركة المرأة في الحياة العلمية والدينية مع أنه في هذه الفترة ظهرت أسماء كثيرة ممن انشغلن بالنحو والفقه والحديث ونظم الشعر، وكان بعضهن يتنقلن بين مصر والشام للسماع من كبار المحدثين والعلماء ».
حفظ الله أستاذتنا الفاضلة ، وبارك في جهدها وعمرها ، فهي من عُلَمَاء الإسلامِ الذين اهتموا قديماً وحديثاً بالعلومِ الإسلامية ومصادرها المتأصلة ، وما يتصل بها من فروع المعرفة، فدرسوا وألفوا التآليف القيمة العديدة، وتركوا لأمتهم الإسلامية تراثاً علميًا إسلامياً متنوعاً وزاخرًا يتزايد رصيده باستمرار، وترجع إليه الأمة لتستفيد منه على الدوام ، وتواصل رسالتها الإسلامية ومسيرتها الحضارية عبر القرون والأجيال.
وجملة القول:
أستاذة هذه الحلقة وفارستها المنمازة فاهمة للتاريخ وأدواته، واعية للحاضر وإمكاناته، ومستشرفة للمستقبل وآفاقه، تعلّم منها الطلبة البحث والتنقيب والنقش في غور الماضي، والوصول إلى ما يضيء لنا ماضياً مستغلقا، أو مستقبلاً منيرا …ملكت خطوات البحث العلمي وإجراءاته، فغدت عالمة مفكرة أكاديمية يشهد لها كل من قرأ لها حرفا، وحلل لها رأيا.
———————-
صدر ضمن هذه السلسلة:
————–
* جامعة محمد الأول: الاسم والدلالة، على هذا الرابط:
* الحلقة الأولى: الدكتور أحمد شحلان ،على هذا الرابط:
* الحلقة الثانية: الدكتور مصطفى بنحمزة ،على هذا الرابط:
* الحلقة الثالثة: الدكتور علي الغزيوي، على هذا الرابط:
جامعة محمد الأول بوجدة تتذكر أعلامها الحلقة الثالثة (3) الدكتور علي لغزيوي
* الحلقة الرابعة: الدكتور محمد بنشريفة، على هذا الرابط :
* الحلقة الخامسة: الدكتور أحمد حدادي ، على هذا الرابط:
جامعة محمـد الأول بوجـدة تـتذكر أعـلامها الحلقة الخامسة (5) الأستاذ الدكتور أحمد حدادي
*الحلقة السادسة: الدكتور حسن الأمراني، على هذا الرابط:
جامعة محمد الأول بوجدة تتذكر أعلامها الحلقة السادسة (6) الأستاذ الدكتور: حسن الامراني
4 Comments
ما أحوجنا لمثل هاته الأستاذة الفاضلة حتى نعيد دراسة تاريخ
شمال إفريقيا الإسلامي و خاصة إبان الحكم المرابطي و الموحدي
لأن هاته الفترات يلفها الغموض ونقص التأريخ
شكـــــــــــراجزيلا دكتورة على هاته الحلقة الجديدة
حفضك الله تعالى وحفض أستاذتنا الكبيرة
عصمت عبد اللطيف دندش
ربنا يبارك فيكى … كلام طيب جدا عن مصر وعن وعن عالمة جليلة من ابنائها … دوما متألقة خالص دعواتى لكى بالتوفيق والتقدم
الحلقة السابعة والسلسلة يرما عن يوم تزداد ألقا وفائدة، وباتت لدينا ذاكرة تاريخية قوية وممتازة عن أكاديميين جامعة محمد الأول في وجدة؛ يفضل هذه الحلقات الثرة فكرا وحهودا التي تديريها نشرا وتحضيرا الدكتورة سميرة حيدا المبدعة
بسم الله الرحمن الرحيم
حقا إمرأة نتشرف أن نقتدى بها
أشكرك دكتورة سميرة على هذا العمل الجبار الذي تقومين به
ففي كل مرة تبهريننا بشخصية أقل ما يقال عنها أنها عظيمة
بورك فيك