ما الذي يجري داخل حزب الإستقلال ؟
يعرف حزب الوحدة و التعادلية في الوقت الراهن مخاضا غير مسبوق،في سياق تداعيات مؤتمره العام الأخير، الذي عرف اصطدامات بين توجهين، الأول بقيادة عبد الواحد الفاسي ،الطبيب ابن الزعيم التاريخي للحزب و ممثل العائلة الفاسية، و التوجه الثاني بقيادة عبد الحميد شباط، الرجل ذو الخلفية البدوية، القادم من جبال تازة، و الذي تسلق دواليب العمل النقابي كعامل، و كون نفسه ليصل إلى رئاسة زواغة مولاي يعقوب،و يتوج عمدة العاصمة العلمية للمملكة ،و يكرس الظاهرة الشباطية للتسيير الجماعي بامتياز، ويصل في الأخير إلى رئاسة النقابة الموازية للحزب، الإتحاد العام للشغالين. فاللافت للإنتباه،هو أن الحزب لم يحسم لأول مرة بشكل توافقي في طبيعة الشخصية التي ستقود سفينة الأمانة العامة قبل المؤتمر، وهذا الواقع الغير المألوف الذي بات يؤثث فضاء الحزب، يستدعي منا الحفر في تداعياته و مسوغاته، وهل هو ظاهرة صحية في مجرى النسق السياسي المغربي؟هل له علاقة بالتحولات السوسيوسياسية التي يعرفها المغرب؟و هل الأحزاب – و منها بالطبع حزب الإستقلال – بشكلها الحالي اصبحت جزءا من الأمن الإستراتيجي للنظام السياسي؟ و ما علاقة ما يجري بالحراك الإجتماعي لحركة 20 فبراير؟ و ما طبيعة الصراعات داخل الحزب،هل لها تأصيل ذو خلفيات مذهبية، أم هو صراع مواقع ليس إلا؟
الأكيد هو أن حزب » زدي علال » ذو طبيعة محافظة،و العلاقات داخله عمودية،و هو حسب بعض الدارسين، امتداد للزاوية، و هذا يبرز من خلال طريقة تقبيل اليد،و الصورة واضحة إبان تسلم عباس الفاسي الأمانة العامة من امحمد بوستة.و تتكون نواته الصلبة من البورجوازية المدينية الفاسية،وإلى حد ما المراكشية، و انفتح تاريخيا على الأعيان في إطار استراتيجيته الإنتخابية. و يعتبر المفتشون المعينون من طرف الحزب، عيونه التي لا تنام. و يعتبر الحزب – كما بقية غالبية الأحزاب المغربية – آلية لتوزيع المنافع و الإستفادة من الخيرات.
وعلاقة بالمؤتمر العام الذي انعقد أواخر شهر يونيو الفارط،بحيث احتدم الصراع بين فريق شباط و فريق عبد الواحد الفاسي،و انفجرت أواصر التقارب بينهما،وهذا راجع إلى:
1- غياب آليات التدبير الديمقراطي و الحكامة الجديدة داخل دواليب الحزب، مما يفرز تناقضات يصعب الحسم في التعاطي معها.
2- فترة تسيير السيد عباس الفاسي، التي اتسمت بالضعف، و بروز مشاكل عديدة.
3- تداعيات الربيع المغربي، و اجتياحها القلاع الحزبية المحصنة من كل تداول حقيقي للسلطة الزمنية.
4- غياب تيارات فكرية داخل الحزب تساهم في خلق تجاذبات و أقطاب تدعم الإختلاف.
هذا الواقع المرير، دفع بالغريمين الى تجييش أنصارهما،و احتلال مساحات كبيرة من الجانب الإعلامي، فحميد شباط القادم من القاع الإجتماعي، ذو الشخصية الصارمة،التي كونها بعد أحداث دجنبر 1990، وخلق الظاهرة الشباطية المتسمة بردود أفعال ذات طابع انفعالي،وله خبرة تواصلية عالية،حيث أحدث جريدة » غربال القرويين »، وله قواعد انتخابية كبيرة داخل أحزمة الفقر بفاس.لكن نقط ضعفه، وفق عدة منابر إعلامية، هو أبناءه المتهمين في عدة ملفات داخل أروقة المحاكم. وقد استثمره الحزب في عدة حروب و توازنات سياسية عديدة. و حسب بعض العارفين بالشأن السياسي، فإن ذهاب الوالي الغرابي شكل ضربة بالنسبة لحميد شباط.
أما عبد الواحد الفاسي لا يمتلك كاريزما، و ينقصه العمل التوصلي، الذي استدركه مؤخرا. في سياق هذا التدافع الغير المسبوق،نشير أن حكماء الحزب منقسمون في دعم هذا الطرف أو ذاك. فعبد الكريم غلاب يميل إلى كفة عبد الواحد الفاسي، و الدويري يجنح إلى شباط، و امحمد بوستة يفضل طرفا ثالثا بديلا لهما.واللافت للإنتباه في هذا المقام، أن عبد الواحد الفاسي ابن الزعيم التاريخي،صاحب كتاب الشريعة و مقاصدها،الذي كان يدافع عن عودة الخلافة،متأثرا بالحركة الإصلاحية في المشرق،في حال فوزه قد يدفع الحزب إلى اتجاه أكثر محافظة، مما يجعله حزبا ذيليا لحزب العدالة و التنمية، وهذا قد يثير حفيظة عدة توجهات داخل صنع القرار الدولاتي المغربي.
وفي سياق ذي صلة، نشير إلى أن الخرجات الإعلامية للجناحين المتصارعين على خلافة حزب زدي علال،و ما لازمها من نكء الجراح، كالحديث عن ممتلكات الحزب،و كشف ألأسرار،وما واكبها من حشد التحالفات،و التحالفات المضادة، فالشبيبة الإستقلالية في شخص رئيسها عبد القادر الكيحل، أعلنت دعمها لشباط،و عائلة قيوح بسوس ماسة درعة ، و آل حمدي بالعيون تدعمه.وفي المقابل، جناح داخل الشبيبة انضم إلى جناح الفاسي. أما في الجهة الشرقية،فحسب مصادر استقلالية،فإن 80./. تقف في صف آل الفاسي.
ومن مفارقات الزمن السياسي المغربي، أن حلحلة الوثوقيات النائمة داخل حزب الإستقلال،و بروز تناقضاته،نجمت عن دينامية حركة 20 فبراير ،التي استفاد منها حميد شباط، رغم أن هذا الأخير وصفها بأقبح النعوت، و قال فيها ما لم يقلها مالك في الخمر. وجدير ذكره،أن الأحزاب السياسية بشكلها الحالي،وفي ظل غياب آليات التدبير الديمقراطي،وغياب اساليب الحكامة في التداول على السلطة لم تعد جزءا من أمن النظام السياسي ، هذا الأخير يحتاج إلى نخب جديدة، تساهم في الدفع بإنتاج جيل جديد من الإصلاحات. لذا تعتبر حركة 20 فبراير جزءا من هذا التأمين.
23 شتنبر القادمة ستشكل محطة أساسية في مسار الحزب لإختيار أمانته العامة.فهل سينجح في هذا المخاض،و يتجاوز العقبة،و يصل إلى بر الأمان؟ أم ستتقاذفه منعرجات تيزي نتيشكا، و تضيف لنا رقما حزبيا جديدا ينضاف إلى » التعددية الحزبية المغربية ذات الإحتياجات الخاصة » البعيدة عن التعددية السياسية الحقة طبعا.الأيام القادمة ستجيب.
2 Comments
BRAVO SSI HAMZAOUI, VOTRE DESCRIPTION DE L’ETAT ACTUEL DE DELABREMENT ET D’EFFRITEMENT DANS LEQUEL SE TROUVE LE PARTI DE L’ISTIQLAL,QUI PERSISTE ET CONTINUE A PORTER UNE TELLE ETIQUETTE APRES PRESQUE SIX DECENNIES D’INDEPENDANCE CONSACREES A DES GESTICULATIONS ACROBATIQUES ENTRE TOUS LES EXTREMES DE LA DROITE ET DE LA GAUCHE.
VOTRE OBJECTIVITE MERITE DU RESPECT SANS LA MOINDRE RESERVE.VOTRE CONCEPTION ET VOTRE VISION DU JOURNALISME NATIONAL EN GENERAL ET CELUI DE LA PRESSE ELECTRONIQUE EN PARTICULIER, OFFRENT UNE SOURCE GENEREUSE ET LIMPIDE D’OXYGENE POUR CERTAINS MEDIAS MORIBONDS QUI DENATURENT LA PROFESSION EN FAISANT APPEL A TOUS LES MOYENS DE SURVIVANCE DANS LE BUT ULTIME DE SERVIR LA MESQUINERIE,L’OPPORTUNISME, ET L’AMATEURISME EN VOGUE.
BIEN CORDIALEMENT:Mohammed Essahlaoui
OUJDA KOULHA MAA CHABAE