حديث بمناسبة قرب حمى الانتخابات : » لقد جربنا كل الأحزاب وما بقي في الكنانة ما ينثر »
حديث بمناسبة قرب حمى الانتخابات : » لقد جربنا كل الأحزاب وما بقي في الكنانة ما ينثر »
محمد شركي
لا حديث اليوم في بلادنا بين فرقاء الأحزاب إلا عن انتخابات اقترب موعدها . وحديث هؤلاء فيه من نقد بعضهم بعضا ما يوحي بما ستكون عليهم من شراسة حملاتهم الانتخابية التي انطلقت لديهم قبل الأوان . ولا يخلو نقدهم من تزكية النفس وإدانة واتهام الغير ،علما بأن الشعب قد جربهم جميعا ولسان حاله قول الشاعر :
إذا ما الناس جربهم لبيب = فإني قد أكلتهمو وذاقا
لقد نثرت منذ زمن ولى كنانة كل الأحزاب عندنا ،وعجمت سهامها، وما بقي فيها ما ينثر . ولا يحتاج الشعب إلى معرفة مزيدا مما يعرفه عن أحزابه التي جربها كلها، ودار لقمان على حالها في فترة تسيير كل منها للبلاد . والمألوف فيها أنها تتبادل دورين ثالثهما مرفوع : دور الماسك بالزمام ، ودور المعارض ، وهذا الأخير عبارة عن مغازلة الشعب ، والعبث بعواطفه حتى إذا تم انتقال حزب من الأحزاب من دور ماسك بالزمام تبخرت وعوده العرقوبية في قترة معارضته إلى أن ينتقل مرة أخرى إلى دوره المسرحي المعارض ليجدد وعودا عرقوبية أخرى لا يفي بها حتى يلج الجمل في سم الخياط . ولو عاد الشعب إلى تلك زخم نلك الوعود لوجد قصورا في مدينة ملح كما يقال ، ولم يجد شيئا ووجد الحقيقة الصادمة كما يصدم السراب الظمآن .
وما عهدنا في حزب من الأحزاب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار يعترف لغريمه بمثقال ذرة من فضل مع أنه في المقابل يكيل له جبالا راسيات من التهم ، وهذا دأب الأحزاب جميعا يشغلها الشنآن فيما بينها عن الاعتراف لبعضها بأقل فضل قد يذكر إذا لد الخصام .
ولو أنهم عوض القاسم الانتخابي أو غيره من القواسم مما تتفتق عنه عبقريتهم تقاسموا فترات الجثوم على صدر هذا الشعب المسكين لأراحوه من حملاتهم الانتخابية، ومن مشقة التصويت، ويكون حينئذ تسير البلاد دولة بينهم لا تختلف فترة عن أخرى ،علما بأن لقمانية الدار تحول ذلك لأنها دار لا تقبل التغيير وهي مستعصية عليه وإلا لما استحقت أن تنسب إلى لقمان .
ولهم أيضا بموجب القاسم الانتخابي أن يشكلوا حكومة فسيفسائية يكون فيها من كل طيف حزبي فتتفرق بذلك آلام الشعب بين مختلف الأحزاب ، وتتبخر آماله أيضا على يدها جميعا ، ولا حساب ولا مساءلة يومئذ .
ولقد نقلت وسائل التواصل الاجتماعي لقطة مصورة من داخل قبة البرلمان لأحدهم وهو يقدم إحصاء لمن لا مستوى لهم تعليميا أو لا يزيد عن المرحلة الابتدائية من البرلمانيين ثم يتحدث بنبرة حسرة وألم على بلد سيء الحظ بسبب ذلك . ومما جاء في حديثه أن من يتقدم لتمثيل الشعب في البرلمان أو فيما دونه من الدوائر يضع مصلحة الشخصية موضع الأولوية تليها مصلحة طيفه السياسي والحزبي رتبة ، وتأتي رتبة الوطن في المؤخرة إن فضل شيء عن المصلحة الشخصية والحزبية ، وما نظنها تفضل، لأن ذلك قد يسبب تغييرا في دار لقمان التي يستحيل في حقها التغيير .
إن شأن الانتخابات عندنا كشأن مسرحية هزلية قد خلقت من كثرة الترداد حتى صار الجمهور الذي يتابعها يبادر بالضحك قبل أن تحين المشاهد المضحكة ، ويصفق قبل أن تسدل الستائر ، وربما ترك قاعة العرض قبل نهايته .
وفي الأخير نقول أما آن لأحزابنا أن تبدع مسرحية هزلية أخرى ، ويكون منطلق الإبداع فيها تغييب الوجوه والأقنعة المألوفة بأعمار العقبان والنسور عسى أن يرجى خير في من يعقبها إذا ما تنكب العقب اقتفاء أثر المعقوب؟
وفي الأخير قد يقول قائل ما هذه العدمية ؟ وجوابه أن سببها هو لقمانية الدار ، ولن تزول حتى يحل التغيير بها وما هو بزائل ، وحتى تنهي ناكثة الغزل غزلها ، وتنهي حياكة ثوبها وما هي بفاعلة أو يلج الجمل في سم الخياط وما له من ولوج أو يشيب الغراب ولات حين مشيب .
Aucun commentaire