دلالة خطة محاصرة قطاع غزة
من المعلوم أن الصراع داخل البيت الفلسطيني بين فتح صاحبة الرئاسة؛ وحماس صاحبة الحكومة يعود إلى الخلاف حول عملية السلام مع إسرائيل. فإسرائيل ومن يقف وراءها سواء الطرف الأمريكي أم الطرف الأوروبي راهنت على محمود عباس في حياة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي رفضته إسرائيل كطرف محاور بالرغم من زعامته التاريخية لأنها بطبيعة الحال تأكدت من أنه لن يتحقق مرادها بوجوده ؛ لهذا أقصته وراهنت على عباس لعلمها بأنه الطرف الذي يتحقق مرادها على يديه. ولقد تابع العالم ما يمكن أن نسميه خروج عباس عن الرئيس الراحل ياسر عرفات من خلال استقالته من الحكومة آنذاك.
لقد لجأت إسرائيل إلى أسلوب تصفية القيادات التاريخية في كل الفصائل الفلسطينية خاصة الفصيلين فتح وحماس؛ حيث قصف الشهيد أحمد ياسين بصاروخ ؛ وقتل الشهيد ياسر عرفات بجرعة سم ليخلو الجو لقيادة تجد فيها إسرائيل ضالتها. وجاءت الانتخابات الرئاسية التي سبقها التلويح بالويل والثبور وعواقب الأمور إذا لم يختر الشعب عباس المفضل عند اليهود وعند الأمريكان والأوربيين. وبالفعل جاءت النتائج التي علمها عند الله بعباس كرئيس؛ وبدأ حلمه بحكومة من فتح ليكتمل مراد إسرائيل وحلفائها؛ ولكن الانتخابات جاءت بنتائج مخيبة لأمل لإسرائيل وأمل الحلفاء وأمل الشريك عباس المفضل. وحاول عباس أن يغير جلد حماس في بداية الأمر ؛ ولكنها لم تقبل ذلك لأن الذي أوصلها لكراسي الحكومة بأغلبية هو رفض عملية سلام فيها كثير من الاستسلام والتفريط في الحقوق الوطنية الفلسطينية بما فيها القدس والعودة؛ ولا يمكن أن تتنكر حماس لمشروعها الذي أعطاها أصوات الفلسطينيين.
وأمام تعذر تغيير موقف حماس بدأت المناورات الإسرائيلية مع الشريك المفضل عباس الذي أوعز لقواته في قطاع غزة بالسلوكات الاستفزازية من أجل ردة فعل من حماس لتبرير سحب البساط من تحت قدمها ؛ فكانت أحداث حزيران المشهورة التي تم بسببها تغيير قوات عباس بقوات هنية وهو ما اعتبر انقلابا على الرئاسة الفلسطينية التي لم تبال بمشروعية حكومة حماس المنتخبة بينما تمسكت بمشروعية الرئاسة التي من حقها حل الحكومة ذات الأغلبية وتعويضها بحكومة فتحوية كما كان الحلم قبل الانتخابات ؛ وهكذا فاضت المشروعية من الرئاسة على الحكومة المفبركة في الضفة بعد إقالة حكومة القطاع المنتخبة.
وجاء مؤتمر أنابوليس ليعزز رصيد عباس ؛ وتمخض عن خطة جديد هي خطة الحصار والعدوان. والحصار إلى جانب العدوان اليومي المتكرر هو محاولة للنيل من الأهالي ومن صمودهم وعزيمتهم. ولم يتردد لحظة الناطقون باسم الرئاسة وفي كل المناسبات في تحميل حكومة حماس مسئولية الحصار؛ ومسئولية العدوان الإسرائيلي من أجل إقناع الشعب الذي يعاني بوجاهة وجهة نظر السلطة التي تملك الثأثيرفي العدو لما تحظى به من احترام لديه لا قبل لحكومة حماس به . وقد تم الكشف بوضوح عن خطة عباس مع العدو للانقلاب المدروس والمدبر على حكومة حماس المنتخبة التي تمثل إرادة الشعب الفلسطيني في رفض السلام المنقوص مع العدو الصهيوني . لقد اختار الشعب الفلسطيني قرار استرجاع حقوقه كاملة لأن تضحياته كانت كاملة غير منقوصة؛ فلا يمكن القبول بفلسطين دون قدس ودون عودة اللاجئين كما تريد إسرائيل من الشريك المفاوض.
إن الحصار هو مسئولية الطرف الفلسطيني المفاوض الذي قبل بشروط العدو الصهيوني ؛ وهو عبارة عن انتهازية الغرض منها تعزيز الرصيد على حساب شعب قدم التضحيات الجسام ؛ ولكن عن طريق حيلة و ذريعة الخلاف مع حماس واتهامها بالانقلاب على السلطة علما بأن حماس إذا ما تبنت أطروحة عباس الاستسلامية تكون قد خانت شعبها الذي راهن على المقاومة ؛ ولم يراهن على الاستسلام.
1 Comment
تحية طيبة، وبعد
ما ينبغي أخذه بعين الاعتبار هو أنه لا حماس ولا نتح قادرة على حل القضية الفلسطينية إلا من خلال تحالف عربي / إسلامي قوي.
إن النخطط الصهوني واضح جدا ويتمثل في تصفية القضية القاسكينية من خلال إدماجها في دول الجوار. وكن متأكدا أيهاالكاتب والقارئ أنه سيتم إدماج قطاع غزة مع مصر، ثم لاحقا إدماج الضفة الغربية مع الأردن. ولن يقف أمام هذا المخطط إلا الإرادة الشعبية العربية الإسلامية.
أما الباقي فلا داعي بالتذكير بالمثل المهم: « أُكلت يوم أُكل الثور الأسود ». والبقية تأتي.
مع أطيب المتمنيات