المردودية المدرسية والجودة التعليمية
مكناس في 23/12/2007
إعداد: نهاري امبارك * مفتش في التوجيه التربوي، مكناس
المردودية المدرسية والجودة التعليمية
مقدمة:
تعتبر النتائج المدرسية الهدف النهائي الذي يصبو إليه جميع أطراف العملية التربوية: تلاميذ، أولياء أمرهم، مدرسون، إداريون، فاعلون تربويون، مسئولون في
حقل التربية والتكوين….
الجميع ينتظر النتائج المدرسية التي تتوج دورة أو سنة أو سلكا دراسيا، من أجل اتخاذ قرارات إدارية وتربوية، تتجلى في إصدار أحكام حول الوضعية التربوية والمدرسية للتلاميذ. هذه الأحكام القيمية والإدارية تختلف وتتفاوت درجاتها باختلاف وتفاوت النقط والمعدلات، حيث تنحدر تدريجيا من الجيد إلى الرديء، مرورا بعدة درجات ومستويات.
I.
محاولة تعريف
في خضم الإصلاحات المتوالية لنظام التربية والتكوين، ومحاولة لتحسين المردودية المدرسية تم اعتماد مفهوم الجودة في المجال التعليمي، الذي كان أصلا مرتبطا بالمجال الصناعي.
ومع تسارع التطور الثقافي والاجتماعي والتعليمي، وفي إطار دراسات متعددة، حاول المهتمون بالحقل التربوي إعطاء تعريف لمفهوم الجودة التعليمية، حيث تبين أنه مفهوم مجرد ومعقد ومتعدد الأبعاد والعناصر، ويرتبط بعدة وضعيات تربوية وتعليمية، فتباينت التعاريف وتشعبت، ومنه أوردنا في هذه الدراسة المتواضعة، ومن منظورنا وقناعتنا، التعريف التالي: الجودة التعليمية هي درجة تطابق أو تلاؤم التعليم والتعلم لخصوصيات التلاميذ النفسية والمعرفية والاجتماعية والثقافية، من أجل تحقيق أفضل النتائج في إطار الأهداف المسطرة لنظام التربية والتكوين.
II.
الإشكالية المدروسة
وبما أن المردودية التعليمية ترتبط بجميع مكونات المنظومة التربوية، فهل يمكن تحديد درجة الجودة التعليمية بشكل دقيق؟
من أجل الإجابة على هذا السؤال الأساسي في هذا الموضوع الحساس، تم إنجاز دراسة ميدانية تناولت، بشكل علمي، دراسة وتحليل النتائج المدرسية لتلاميذ السنة الثالثة ثانوي إعدادي، المتمثلة في النقط والمعدلات الناتجة عن مكونات التقييم التربوي المعتمدة، للوقوف على المردودية المدرسية بهذا المستوى الدراسي، والمحصل عليها في الأسدس الأول من الموسم الدراسي 2005/2006.
III.
دراسة النتائج المدرسية
بعد تحديد الأهداف المسطرة لهذه الدراسة، المتمثلة في محاولة الإجابة على السؤال المقدم أعلاه، ومن أجل الوقوف على المردودية المدرسية لتلاميذ السنة الثالثة ثانوي إعدادي، وبعد تحديد عينة الدراسة، التي شملت 457 تلميذا، تم اعتماد منهجية وأدوات إحصائية مناسبة لطبيعة الدراسة، حيث تم مسك نقط جميع التلاميذ بالحاسوب، وذلك في المراقبة المستمرة والامتحان الموحد المحلي، وحساب المعدلات الملاحظة، ونسب التلاميذ الحاصلين على معدل 10 فأكثر، المسجلة في جميع المواد ومجموعات المواد المقررة. فتوصلت الدراسة إلى النتائج التالية:
· تتراوح المعدلات الملاحظة المحصل عليها في جميع المواد المقررة بين 11.81 في مادة الاجتماعيات و4.51 في مادة علوم الحياة والأرض، حيث إن المعدلات الملاحظة المسجلة في أغلب المواد تقل عن معدل 10 من 20؛
· سجل التلاميذ في المواد الأدبية 9.51 من 20 كمعدل ملاحظ للمؤسسة؛
· سجل التلاميذ في المواد العلمية 6.20 من 20 كمعدل ملاحظ للمؤسسة؛
· سجل التلاميذ في النتيجة العامة8.52 من 20 كمعدل ملاحظ للمؤسسة؛
أما نسب التلاميذ الحاصلين على معدل 10 من20 فأكثر فكانت على الشكل التالي:
· تتراوح نسب التلاميذ الحاصلين على معدل 10 فأكثر في جميع المواد المقررة، بين % 90 في مادة التربية الإسلامية و % 2 في مادة علوم الحياة والأرض، حيث إن النسب المئوية في أغلب المواد تقل عن% 50.
· كانت النسبة المتوسطة للتلاميذ الحاصلين على معدل 10 فأكثر في المواد الأدبية، % 41.57؛
· لم تتعد النسبة المتوسطة للتلاميذ الحاصلين على معدل 10 فأكثر في المواد العلمية، % 14.62؛
· لم تتعد النسبة المتوسطة للتلاميذ الحاصلين على معدل 10 فأكثر في النتيجة العامة، % 24.32.
حيث يتبين أن أغلب المعدلات الملاحظة والنسب المئوية المسجلة ضعيفة بالمقارنة مع المؤشرات الإحصائية المتوسطة ( 10 من 20 و % 50). فهل يمكن إصدار أحكام قيمة حول مستوى التحصيل الدراسي عند التلاميذ؟ وبالتالي هل يمكن إصدار أحكام قيمة حول درجة الجودة التعليمية؟
IV.
مقترحات
حتى يمكن الحديث عن تحقيق جودة تعليمية إلى درجة ما، فإنه من الضروري العمل على:
Ø وضع أهداف إجرائية ومحددة المعالم، من حيث مواصفات التلاميذ ومؤهلاتهم المعرفية والمهاراتية، والسهر على التدبير العقلاني للزمان والفضاء التربوي والموارد المادية والبشرية وتحديد آليات الضبط والتقييم وتحسين خدمات المنظومة التربوية وأوضاعها؛
Ø تمكين الأطر الإدارية والتربوية، كل في إطار تخصصه، من تكوين جيد مهنيا وأكاديميا، متشبعة بمبادئ الديمقراطية والمواطنة والعدل والمساواة؛
Ø توفير البنى التحتية الضرورية وفضاء تربوي جذاب من أجل إرساء الظروف المناسبة للعمل والإنتاج؛
Ø وضع برامج ومقررات تساير التطور العلمي والتكنولوجي، وترتبط بواقع التلميذ ومحيطه الثقافي والاجتماعي، من أجل حفزه على الاهتمام والمشاركة التفاعلية في بلورة الدروس والإبداع والتعلم الذاتي؛
Ø انتهاج أساليب تعليمية فعالة تضع التلميذ في صلب العملية التربوية ومحورها الأساسي، حتى يكون مشاركا ومبدعا ومساهما في جميع العمليات التعليمية- التعلمية.
Ø توفير الأدوات الديداكتيكية والمخبرية والوسائط التعليمية من أجل القيام بتطبيقات وتجارب علمية تمكن التلاميذ من الوقوف حقيقة على الوضعيات والظواهر المدروسة.
خاتمة:
إن مفهوم الجودة في المجال التربوي يبقى مجردا وفضفاضا، كما أن الجودة التعليمية، في ارتباطها بعناصر متعددة ومتشعبة، تبقى لا حد لكمالها، كما تبقى سيرورة متواصلة ضمن منظومة التربية والتكوين.
……………………………………….
Aucun commentaire