ما حقيقة معايير توزيع التلاميذ على المؤسسات التعليمية ؟
تعتبر عملية توزيع التلاميذ على المؤسسات التعليمية من المعضلات التي تطرح الكثير من الإشكاليات , نظرا لما قد يترتب عنها من آثار, بعضها آني والآخر بعيد المدى.ولعل ما تشهده بعض المدن من اكتظاظ على مستوى التعليم الثانوي التأهيلي كمدينة تاوريرت ومدينة بركان,إنما هو ثمرة تدبير لم يحسن التدبير.
– فكيف لمدينة تاوريرت لا تتوفر سوى على ثانويتين تأهيليتين ؟ هذا على سبيل المثال لا الحصر….
– وكيف لم تبرمج ثانويات تأهيلية في هذه المدن وغيرها؟
– وكيف تعمل مؤسسات ما…. بمعدل يقل عن 20 تلميذ في القسم , وأخرى بمعدل يفوق 45 تلميذ في القسم؟
– وكيف أحدثت مدرستين متجاورتين لا يفصل بينهما سوى فاصل؟ مع أن كليهما قليلي العدد من حيث المتمدرسين؟
– وهل هناك عدالة في توزيع التلاميذ على المؤسسات ؟ أم أن لكل مقام مقال….
كلما طرحت تساؤلات تظهر تساؤلات أخرى. وكلما حاولت إيجاد تبريرات تظهر مبررات أخرى.وجهات النظر مختلفة والمنطلقات متباينة.
– فعلى سبيل المثال يركز واضعو الخريطة المدرسية على احترام عتبة معينة في توزيع التلاميذ, مفادها ألا يتعدى عددهم 40 تلميذا في القسم على سبيل المثال,وكلما كان العدد أقل من ذلك فإنه يعتبر بالنسبة لهم إيجابيا لما يوفره للتلميذ من تمدرس في ظروف أريح وأنسب وأفضل …..
– في حين يرى المشرفون على الموارد البشرية , أن التوزيع مرتبط بمدى استغلال الموارد البشرية المتوافرة بنيابة ما استغلالا أمثل , وبالتالي كلما قلت حصص أستاذ ما هنا أو هناك كلما تزايد الخلل وتفاقمت الصعوبات. فمن منطلقاتهم تتعامل الوزارة مع عدد التلاميذ بالإقليم وعدد الأساتذة المتوفرين ,دون أن تكترث بمن بعمل في الإدارة أو الملحقين بإدارات أخرى أو غير القادرين على العمل لأسباب صحية دون أن يتوفروا على ملف صحي يحيلهم على العجز المؤقت أو الدائم. إذن يدخلون في حساباتهم كل الموارد البشرية المتواجدة بنيابة ما ,مما يستوجب عليهم التعامل معها كأرقام يجب توظيفها داخل المنظومة التربوية ….. خلاف لواقع يطرح الإشكالية من عدة منطلقات سوسيو اقتصادية واجتماعية محضة وإنسانية وتربوية …. ولاعتبارات سياسية وضغوط يمينا وشمالا في بعض الأحيان …..
– في الوقت نفسه يرى المشرفون على المجال التربوي ضرورة التعامل مع المنظومة التربوية بما يحقق نتائج مدرسية مميزة من خلال احترام التخصصات واستعمال قاعات الدرس وفق منظور بيداغوجي تربوي هادف . غير مكترثين بضغوط تفرضها الخريطة أو مدى توفر الموارد البشرية من عدمها.
فعلى سبيل المثال عندما يضغط الآباء في مؤسسة ما والمجتمع المدني عامة , لتوفير قسم للعلوم الرياضية.فإن ما يهم معدي الخريطة طلبات الراغبين في اختيار هذه الشعبة. في وقت يهم المعنيين بالجانب التربوي مدى قدرة هؤلاء التلاميذ على التحصيل ومدى توفر الأساتذة الأكفاء بالمؤسسة… في حين يكون الهاجس الذي يؤرق المشرفين على الموارد البشرية مدى توفر العدد الكافي من المدرسين في هذه المؤسسة ,ومدى اشتغالهم بحصص كاملة ……
إذن عندما تطرح إشكالية ما تختلف المنطلقات. لذلك أتمنى أن تتوفر بنياباتنا لجنة للتنسيق بين رؤساء المصالح قبل البث في اي قرار يهم إحداث تعديلات أو تغييرات على مستوى ما داخل مؤسساتنا التعليمية, بل حتى برمجة إحداث مؤسسة ما لا بد وأن تتم فيه الاستشارة على مستوى أوسع تفاديا لهدر للأموال نحن في أمس الحاجة إليها. حيث يدلي كل طرف بدلوه ويتم تقريب وجهات النظر من مختلف المنطلقات ,حتى لا تسقط النيابة في قرارات غير قابلة للتطبيق أو مكلفة أو ما شابه ذلك.
فعلى سبيل المثال عندما تبرمج مؤسسة على أنها معتمدة للسنة القادمة بناء على معطيات إحصائية مرتبطة بتقدم الأشغال الى مستوى 60 في المائة وأكثر,دون أن تطرح الصعوبات التي قد تعرقل انطلاقها كعدم وجود الماء والكهرباء مثلا. أو تفرض السلطة لاعتبارات ما فتح مؤسسة تعليمية رغم أنها غير معتمدة للسنة القادمة وذلك لاعتبارات ما. مما يطرح إشكالية عدم توفر الموارد البشرية نظرا لعدم برمجتها مسبقا.أو تطلب تجهيزات لمؤسسة معتمدة وتبرمج موارد بشرية,في حين أن هذه المؤسسة لن تستكمل بنياباتها خلال السنة القادمة نظرا لتضخيم المعطيات الإحصائية لهذا السبب أو ذاك.
خلاصة الأمر لا بد من التنسيق أفقيا وعموديا لتحقيق توازن بين المعطيات وإعداد خريطة تراعي كل الإمكانيات ووفق حقيقة الحاجيات. ولا بد من مراعاة المصلحة الوطنية قبل كل شيء . ولا بد من تدقيق المنطلقات وتدقيق الإحصاءات . والله الموفق.
Aucun commentaire