الموظفون الأشباح ظاهرة أم مجرد حالات؟
تعيش الحكومة الحالية أزمة متعددة المشارب ومتشعبة المتاعب.أصولها عريقة وذيولها عميقة. أعلنت الكثير من الاصلاحات وتوقفت عند الكثير من المراجعات.قد تجد عذرا لبعضها لكثرة المتدخلين فيها,وقد لا تجد عذرا لبعض من كان عليهم تفاديها.
من المعضلات التي تؤرق الكثير من المتتبعين قضية الموظفين الأشباح ,الذين قدر عددهم السيد محمد مبدع الوزير المكلف بالوظيفة العمومية في 860.000 موظف شبح,وأضاف أنهم يكلفون 11 في المائة من الناتج الداخلي الخام و53 في المائة من ميزانية التسيير. وأن أجورهم تصل الى 103 مليار درهم.
قمت بعملية حسابية بسيطة وتوقعت لو أن الحكومة اتخذت اجراءات حاسمة تتمثل في طرد هؤلاء الموظفين الأشباح وتعويضهم بحاملي الشواهد من المعطلين الذين لو علمتم مقدار معاناتهم سيما وأن الكثير منهم فاتهم حتى قطار التوظيف ,- أي تعدوا 45 سنة- لوقفتم على مآسي اجتماعية من العيار الثقيل.مهما كانت المواقف إنه شباب حمل حلما ما في فترة ما من عمره ليجد نفسه اليوم أمام السراب.من خلال تلك العملية الحسابية لو عوضنا هؤلاء الأشباح الناهبين لأموال الدولة ,لأمكننا توظيف حوالي 22000 عاطل بأجرة 4000 درهم شهريا. المهم ألا يبقوا عالة على عائلاتهم,وألا تبقى فئة عريضة من الانتهازيين تتلقى أجورا دون جهد يذكر.
إن ظاهرة هذه النماذج من الموظفين الذين يتلقوا أجورا دون القيام بعمل يذكر وأحيانا يتواجدون خارج الوطن ,مما يعد تبذيرا للأموال العمومية وتبديدا للمال العام وزيادة في الفساد الاداري وتفشي للمحسوبية . نحن في حاجة الى كل درهم يضيع خارج اطاره ودون أداء مهمة تذكر. يكفي تواجد الكثير من الموظفين دون مردودية تذكر نظرا لقيامهم بمهام بسيطة كما هو حال الجماعات المحلية حيث يتواجد حاملي الشواهد العليا متجمعين في مكاتب ضيقة يسلمون شواهد ادارية بسيطة.مما يعد هدرا للمال العام وضياعا لطاقات لا تنتج.
إننا في حاجة الى تحسين المردودية لكل العاملين بالوظيفة العمومية. ومن باب أولى القضاء بشكل جذري على ظاهرة الموظفين الأشباح والذين لا يقومون باية مهام.
بؤر الفساد كثيرة والكثير منا متواطؤ معها من خلال سكوته على الباطل وعدم قيامه بواجب التبليغ عن هذه الحالات التي تنخر اقتصادنا وتمسه في العمق . بل تساهم في تفاقم الوضع الاقتصادي من خلال تضخيم ظاهرة البطالة وتراجع مستوى المردودية .
هناك عمليات هنا وهناك للقضاء على مثل هذه الظواهر المشينة لكنها تبقى محتشمة في ظل اكتفاء الكثير من الوزارات على نشر لوائح الموظفين الأشباح لا أكثر.
الجرأة تقتضي تحريك هذه الملفات من مقرات عملهم الى المندوبيات الاقليمية ثم الجهوية ثم المركزية عن طريق ابلاغ بانقطاع عن العمل. لا اعتقد أن ادارة ما لا تملك هذا المطبوع,ولا اعتقد أن ذلك الاجراء سيكلفها تبعات سلبية.إنها روح الوطنية وحب الصالح العام هي التي يجب أن تحرك الادارات لمواجهة هذه الظواهر المشينة من موظفين ألفوا الضحك على الذقون من خلال معارف وفروا لهم امتيازا ليس من حقهم بل يضر بغيرهم .
كلنا مسؤولون حالة سكوتنا. وكلنا كل من موقعه مطالبين بتحريك مثل هذه المساطر في مثل هؤلاء المتهربين من الواجب بمبررات ليست بالمبررات .
والله الموفق.
محمد المقدم
Aucun commentaire