شرح…ملح (24) / العامري » مات اليوم… الباااااارح كانت جنازتو
شرح…ملح (24)
« العامري » مات اليوم… الباااااارح كانت جنازتو
بقلم محمد عبد الله موساوي
ملائكة الرحمة لم أدرك المغزى وراء هذا اللقب إلا عندما ولجت مهنة التمريض المغتصَبة من طرف المهني الفاسد و المسؤول و الوزاري و النقابي و السياسي و المواطن… فالأول ورم خبيث ينخر دواخلها، الثاني و الثالث معدنهما واحد يصنعان من الممرض جوكيرا قاصرا و كبش فداء لضعفهما التسييري، أما الرابع فيتاجر في لحمها و هو جزء منها يبيعه للثاني تارة بأبخس ثمن و يسكت عن طغيان و ظلم الثالث لها تارة أخرى، عندما يفرغون من إشباع هوسهم و استعبادهم للمهنة المغتصَبة يأتي الخامس أسدا في الخطابة و الكلام المعسول نعامة في الواقع و الفعل المعقول فيوظف آلامها و نقائصها ليغطي فراغ جوهره و علة نيته ويجعل من هذه المهنة وقودا لحملته الانتخابية و تدليساته الشعبوية… أحسب السادس ضحية شأنه شأن المهنة المغتصَبة اشتد عليه الهرج و المرج بمباركة من أولائك الذين ذكرتهم سابقا فلم يجد أمامه من يحاسب سوى الممرض إذ أن هذا الأخير هو أول من يستقبل المواطن و يقضي معه معظم الوقت و هو الأكثر ارتداء للوزرة البيضاء على امتداد ساعات العمل و الأكبر عددا داخل المؤسسات الصحية غير أنه الأقل استفادة من تقنين و عائدات و استراتيجيات هذه الوزرة… أدركت أن ملائكة الرحمة أطلقت على الثوب الأبيض لا على حمَلَتِه و إلا لما كانت وضعية الممرض المغربي كارتية على جميع الأصعدة.
آخر المغتصَبين ممرض بإقليم جرادة كان نعم الرجل و المهني نهشت لحمه المنظومة الصحية إضافة إلى المغتصِبين السالفين، حيث عمل ممرضا و إداريا و مسؤولا عن الوحدة العلاجية و مدبرا لأدوية الصيدلية بالمركز الصحي الذي ختم به مشواره التمريضي قبل أن يحال على التقاعد فكان يتنقل بسيارته الخاصة لقضاء مصالح المركز و جلب الأدوية للمواطنين و يصلح أعطاب و اختلالات أجهزة المركز من جيبه الخاص… حتى الحديقة الصغيرة المجاورة كان يهتم بها بنفسه… فذبلت أزهارها و رقت أشواكها حزنا على تقاعده و تدهور حالته الصحية بشكل مؤسف لم يحرك ساكنا لدى المهني و لا المسؤول و لا النقابي و لا السياسي و لا المواطن…
أسلم روحه لله اليوم الجمعة 22 يونيو 2012 بعد تقاعده بمدة قصيرة و معاناة مع المرض، لم يشفع له عطاؤه المهني و لا تضحيته بزهرة شبابه و صحته في سبيل الرفع من جودة الخدمات الصحية و أريحية مغتصِبيه، لم يشفع له شيء من أجل مجانية استشفائه و متابعة المنظومة الصحية لتطورات مرضه و هو قيد حياته و لا حتى التفاتة شكر و امتنان من مسؤولي و زملاء و وزارة الأمس القريب. بالنسبة لي فجنازته كانت قبل وفاته بكثير حين تنكر له الجميع و تركوه يجابه لوحده أمراضا ربما كان القسط الكبير منها بسبب المهنة التي عشقها و أداها بكل تفان و أمانة، رحمك الله أخي و رفيقي و زميلي في المهنة « العيد العامري » و أسكنك و جميع شهداء الواجب فسيح جناته، ادعوا له بالرحمة…
1 Comment
لم نعرفه كممرض فقط ولكن كانسان كان طيبا وهادئا رحمه الله وأدخله فسيح جناته آمين