الشعب الفلسطيني يستشار حسب مزاج الرئاسة
عندما بلغ الحوار بين الرئاسة والحكومة الفلسطينيتين الطريق المسدود هدد السيد الرئيس باستشارة الشعب الفلسطيني ؛ وهو ما يعني انتخابات مبكرة تلغي سابقتها وتغير الوضع القائم ؛ ولقد ثمن الكثيرون هذا القرار واعتبر ممارسة ديمقراطية راقية ؛ ورضي الكثيرون بالشعب حكما بين حكومة ورئاسة بينهما خلاف . وأمام هذا الوضع يفرض سؤال ملح نفسه على الجميع: هل استشار السيد الرئيس شعبه في موضوع اللقاء مع رئيس وزراء العدو ؟ ومن الذي خول له توالبديهي:لوس إليه وهو الملطخة يده بدم الفلسطينيين ؟ قد يقول قائل : وكيف يمكن الدفع بمسلسل السلام ؟ والجواب التلقائي والبديهي: الشعب هو الذي يقرر.
فإذا ما استشير الشعب حقيقة وقرر أن يكون اللقاء والعناق والتقبيل فليكن ذلك؛ وإلا فمقولة استشارة الشعب لا يمكن أن تصدق مع الأشقاء ولا تصدق مع الأعداء؛ بل هذا هو الحق الذي يراد به باطل. فالرئيس قد مارس صلاحياته حسب مزاجه في هذه الحال . لعل الشعب الفلسطيني عندما قرر التصويت على مشروع حكومة حماس كان على علم ووعي بموقفها من العدو الاسرائلي وهو عدم الاعتراف بل لعله اختارها لهذا الموقف وحده ؛ ولم يكن قاصرا ولا ناقص الأهلية ساعتئذ ؛ فان اختار العكس في انتخابات أخرى وضع نفسه في مأزق ؛ وهو التخلي عن إرادته أمام إرادة عدوه . الشعب اختار وقرر ؛ والعدو اختار وقرر ؛ وكان ما أراد العدو إذن ما هي مصداقية شعب في حجم شعب فلسطين الذي ثقلت تضحياته في السموات والأرض؟
إن ماحدث بالضبط هو أسلوب العصا والجزرة حيث أراد العدو من الانتخابات السابقة أن تكون بشكل حدده سلفا ؛ فلما كان العكس استعمل أسلوب العصا الغليظة ضد الشعب وهاجم واقتحم واعتقل ودمر وجوع وحاصر لترجح كفة الرئاسة المعترفة به والتي تحظى بتأييده ؛ فلما أعلنت الرئاسة رفض مشروع عدم الاعتراف بإسرائيل وقررت إجراء انتخابات لا يمكن أن تأتي إلا بحكومة تعترف بالعدو لأن الرئاسة ترى الاعتراف التزاما من التزامات أسلو لا رجعة فيه استعمل العدو أسلوب الجزرة مع الشعب فكانت البداية رفع الحصار على الأموال ؛ والتخفيف من ضغط الحواجز.
فإذا ما نجح أسلوب العصا والجزرة مع شعب التضحيات فسلام على التضحيات؛ والمشكل الفلسطيني يمكن أن يحل بالجزر إذا كانت العصي لم تجد نفعا.
إن الشعب الفلسطيني لا يستشار عبر البلاط الملكي في العاصمة الأردنية ؛ أو عبر مقر الرئاسة بل عبر الصناديق الزجاجية الشفافة ؛ فإذا ما قرر الموت جوعا فلا دخل لأحد فذلك شأنه ؛ فهو لم يخش الموت بالآلة الحربية المدمرة فكيف يخشاه بالجوع ؟
إن مزاج الرئاسة لا يمكن أن يكون بديلا عن إرادة شعب لا يخلو فيه بيت من تضحية جسيمة. إن الذين اختاروا لغة الخبز ولغة الرواتب كأسلوب لتركيع شعب له قضية فوق الخبز والرواتب واهمون كل الوهم عندما يتحدثون باسم هذا الشعب حديثا لا يشرفه ولا يوافق إرادته.
إن الشعب الذي يقبل اليوم لقاء الرئاسة مع العدو؛ لا يمكنه أن يرفض ما قد يترتب عن هذا اللقاء مستقبلا من قرارات تهم مستقبله؛ ولا يقبل منه التفويض للرئاسة بأمر دون آخر. والشعب الذي يتخطى اختياره ويلغي ما تحت قبة برلمانه لن يجد غدا من يمثله تحت هذه القبة.
إن الاستشارة لا تكون حسب المزاج؛ فإما أن يستشار الشعب في كل أمر وإما أن تكون عليه الوصاية في كل أمر.
Aucun commentaire