مدرسة مولاي يوسف، المصالحة بعد المصارحة
يوم الأربعاء 13 مايو 2009، من الساعة 17 إلى الساعة 19، ترأس السيد شكري الناجي نائب وزارة التربية الوطنية بنيابة وجدة أنجاد بمعية السيد رئيس مصلحة الموارد البشرية الأستاذ عبد الرحيم فرياط والسيد محمد النجمي، والأستاذ محمد حومين من الكونفدرالية الإقليمية لجمعيات آباء وأولياء تلاميذ مؤسسات نيابة وجدة أنجاد، جلسة مصارحة ومصالحة بمدرسة مولاي يوسف بوجدة، حضرها السيد مدير المؤسسة عبد العزيز لعجاج ورئيسة الجمعية السيدة عائشة مهدن وعضو من الجمعية بالإضافة إلى أساتذة المؤسسة.
لقد عرفت المدرسة مجموعة من المشاكل البسيطة والشكلية، لكن عدم حلها في حينها، وغياب التواصل بين مختلف الفرقاء، والاشتغال خارج النص، كلها عوامل ساهمت في تضخيم الصغائر وتصغير الكبائر، وتكهربت الأجواء، وتعكر صفو العلاقات الحميمية والأخوية التي كانت تسود المؤسسة، فانقسمت المؤسسة إلى موالاة ومعارضة،وتخندقت كل الأطراف وراء مواقفها المتصلبة، وفشلت أربع جلسات للحوار، ومحاولات الصلح رغم مساهمة كونفدرالية الآباء،وتم فك الارتباط بين الجانبين، وتكونت الأحلاف والكانتونات ،ودقت طبول الحرب، وحفرت الخنادق، ودخلت النقابات في الخط… وكنا قاب قوسين أو أدنى من طرح الملف على السيد » بنكيمون »، في غياب » أبو أيوب » الذي كان منشغلا مع المركز،ومع مختلف الاجتماعات ،وباقي الالتزامات العادية والطارئة ، واكتفاء » الكليماتزور »الحاج حسان واعلي، بتلطيف الأجواء، وتبريدها كلما ارتفعت درجة الحرارة، وفك الاشتباك من حين إلى آخر ، وكلما استطاع إلى ذلك سبيلا، في انتظار أن يفرغ السيد النائب مما هو فيه… و لجأت مختلف الأطراف إلى الريشة والمحبرة، وأصبح الكل يكتب بالكل، فاشتكت رئيسة جمعية الآباء من المدير واتهمته بمحاربة « النوع » ،وتدبير انقلاب أبيض، واستغلال سلطته الإدارية لتشجيع ودعم التيار الانقلابي المرتد عن الديمقراطية، والقابل لفظيا، والرافض عمليا، لما أفرزه صندوق الانتخاب، وضاربا عرض الحائط بإرادة الآباء والأمهات ،واتهمت الطاقم التربوي بمعاداتها وانحيازه إلى المدير، خاصة وأنا الرئيسة ليست من حقل التعليم، واشتكى السيد المدير بدوره من تصرفات السيدة الرئيسة وأسلوبها في التعامل معه، وعرقلتها للسير العادي للدراسة، واشتكت أستاذة أخرى من اضطهاد مديرها،واتهامه لها باستقبال رئيسة الجمعية خلال أوقات الدراسة،وتزويدها بأخبار المؤسسة، وكتابته تقارير كيدية في حقها لإرغامها على الانتقال،واعتبرت الأستاذة أن ذلك يعود للصراع النقابي الموجود بينهما، واتهمت في نفس السياق زميلاتها بالتحالف مع المدير ضدها،وبأنهن لا يحبونها ولا يحترمنها كما تحترمهن ،وأعطيت الكلمة للأستاذات اللواتي انتظرن على أحر من الجمر دورهن لأخذ الكلمة، للرد على اعتبروهن مغالطات وأنصاف حقائق، وسوء تفسير لمواقف بريئة تم تحميلها أكثر مما تحتمل، وعبرت المتدخلة الأولى عن حبها واحترامه لزميلته، وأن كل ما تتصوره الأستاذة المشتكية مجرد تهيأت لا أساس لها من الصحة، وبررت فتور العلاقة بينهن وبينها بالاحترام فقط، وأن ليس هناك أي شكل من أشكال المقاطعة، وأنها وزميلاتها ، حاولن التزام الحياد في كل ما وقع، كما أخبرت رئيسة الجمعية بأن زميلاتها لا يدمرن لها أي عداوة ، وأن عريضتهم الأخيرة في حقها، جاءت نتيجة رفضهن للمعاملة التي عاملت بها مديرهم في الاجتماع الأخير ، وأفادت سيدة أخرى من عائلة وطنية عريقة، والتي تجر وراءها 35 سنة من الممارسة الصفية، دون كلل أو ملل، و بكل إخلاص وتفاني، كباقي زميلاتها، بأنها استبشرت خيرا بتولي امرأة سدة رئاسة جمعية الآباء ،واعتبرته دعما للمرأة، وتشجيعا وتحفيزا لها، إلا أنها صدمت بما حدث، ويحدث، لقد كانت متأثرة جدا، وفاضت الدموع من عيونها،وتشنج صوتها، وتأثر الحاضرون والحاضرات، فتدخل السيد النائب بكلمات رقيقة ومواسية ومتفهمة، كففت دمعها…لم تكن الدموع في يوم من الأيام دليل ضعف، ولا استكانة، ولكنها دائما وابدأ تظل رمزا للنبل الإنساني في أرقى مشاعره والتعبير عنه،وعموما فان الدموع دائما ما تحمل الأحاسيس المعبرة ،وصدق الإمام علي بن أبي طالب حين قال : »ما بكت عين إلا ووراءها قلب » . وعبرت السيدات الباقيات عن نفس الشعور قولا أو سكوتا، كما فند السيد عبد العزيز لعجاج كل التهم الموجة له من طرف الأستاذة، ونفى نفيا قاطعا تهمة الصراع النقابي، وفي التفاتة ناذرة الحدوث ، وفي إطار » ليس كبير القوم من يحمل الحقد »،خاطب السيد المدير الأستاذة المشتكية بأنه سامحها على كل ما يمكن أن تكون قد ارتكبته من أخطاء في حقه، وما يمكن أن ترتكبه في حقه مستقبلا، ولم تكن نساؤنا أقل شهامة من رجالنا، فردت التحية بأحسن منها…وهنا يسكت الراوي، لأنه لا يمكن أن يقول كل شيء، ويذكر فقط بأن قضايانا غير قابلة للتقادم، وسوف نحتفظ بحقنا للعودة لأي نازلة متى أردنا…لأن » من لا ذاكرة له، لا مستقبل له ».
لقد سجل السيد النائب مجموعة من الملاحظات ذات الطابع المسطري والتشريعي، وضعف التواصل والحوار بين مختلف الفرقاء، وبعبارة أخرى » المندبة كبيرة والميت سوء تفاهم »،وأكد على أن « آخر العلاج الكي »، والفاهم يفهم،كما صرح بأن ما وقع لا يستحق كل هذه المسافة الزمنية والنفسية وتأثيراتها على السير العادي للدراسة، وحرص خلال كل النقاش على أن لا يهان أحد من رجال التعليم في حضرته ، وكان يطالب من أهان خصمه بسحب إهانته، وكذلك كنا نفعل مع الطرف الأخر، ويبدو أن « أبا أيوب »كان في يومه، ورفض افتتاح حفل الشاي الذي تفننت السيدات الأستاذات في إعداده ، ومشاركتهم « الملح والسكر »، إلا بعد أن تتوج الجلسة بالنجاح والصلح، وتعود المياه إلى مجاريها، رغم إلحاح أصحاب الحفل، كما أمتعنا سيادته بالحكم والمواعظ، ولعل المثل القائل »اكتبوا عندما تضحون،واقرؤوا عندما تتخاصمون »،من أهم ما احتفظت به ذاكرتي العجوز، ويبدو أن السيد نائب نيابة وجدة أنجاد، له مواهب كثيرة ،سوف تنفعه مستقبلا، بعد تكملة ّالسربيسّ…لقد كان السيد « عبد الرحيم فرياط » أخر من أخد الكلمة، بعد أن ظل طيلة النقاش يسجل، ويدون الشاذة والفادة،وبابتسامة ملائكية، وهدوء ملحوظ، وبخبرة الإداري المحنك،وبدون الاستعانة بقفازات نابليون بونابرت، صرح بأن الإدارة كانت عاقدة العزم على الحسم في النازلة بتطبيق القانون، بعد الاستماع إلى الأطراف المعنية، وبأن لا يظن أحد، أن الإدارة كانت غافلة عما يعملون ، وإنما أعطت فرصة للمتخاصمين لتدبير خلافاتهم، ومحاولة حلها وتفكيكها ،و بعد انقضاء الغلاف الزمني المخصص ،تم تحديد الاجتماع بهذا الوزن للفصل … نحن في حاجة إلى مثل هذه العقليات، ومثل هذه الكوادر، في هذا الزمن الأغبر،و نتمنى أن يحتفظ « السي عبد الرحيم » على هذه الأريحية، وهذه الطيبوبة ، وهذه الصرامة والجدية، وأن لا يصاب بأنفلونزا السلطة والتسلط.
لقد قامت رئيسة الجمعية من مكانها، واعتذرت وسلمت وتسامحت مع الأطر التربوي ومدير المؤسسة، وتبادل الجميع عبارات الأسف على ما وقع ، وحدثت المصالحة المنشودة،على وعد تنظيم حفل اختتام السنة الدراسية، الذي وعدت النيابة بحضوره، للتأكد من عودة المياه إلى مجاريها، »وأنها صافية لبن »،وختمنا اللقاء بحفل شاي بهيج…وهكذا تكون الخدمة بعد البيع… بينما تم ترحيل مشكل نائب رئيسة الجمعية الذي يشتغل خارج النص، ويرتكب أخطاء، تعبر عن جهله الكبير للعمل الجمعي،والإساءة إليه، وإمكانية تعرضه للمساءلة القضائية، وأمين الجمعية الذي يحتفظ بأموال الجمعية لديه بدلا من وضعها في حساب بريدي أو بنكي ، وعدم رده على الرسائل العادية والمضمونة التي بعثتها الرئيسة، وتجدر الإشارة أن هذان الشخصان يحضران الاجتماعات التي يدعو لها السيد مدير المؤسسة، ويرفضان الحضور للاجتماعات التي تدعو لها الرئيسة أو النيابة، رغم توصلهما بالدعوات الكتابية والشفوية، وكان ولا يزال هذا دأبهما … »انك لا نهدى من أحببت ولكت الله يهدى من يشاء ».
ونحن في نهاية سنة الفقصة والبرنامج الاستعجالي، نتقدم بالشكر الجزيل للطاقم التربوية لمدرسة مولاي يوسف والسيد مديرها على نياتهم الحسنة،وحفاوة الاستقبال،وكرم الضيافة، وتسهيلهم لمأموريتنا، وإزاحتهم هما أرقنا لفترة طويلة، وتطلب منا جهدا كبيرا.كما نقول للسيد النائب الإقليمي لنيابة وجدة أنجاد، إننا جلدناكم ، أنتم والكثير من معاونكم ، في الكثير من الأحيان بكلماتنا،وقسونا عليكم بكتاباتنا، ولم نتحرى في بعض الأحيان الدقة في بعض كتابتنا، ورغم ذلك اتسع صدركم لاتهاماتنا وانتقاداتنا، واعلموا أننا لم ولن نكون أبدا، نسبق سوء النية في ما نكتب، أو نشكك في نواياكم ومواقفكم ،أو السعي للتشهير بكم أو الإساءة إليكم وإلى مصالحكم، والله على ما نقول شهيد، وتذكر سيدكم بقوله عز وجل في كتابه الكريم ( إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله ) و (إنهم يألمون كما تألمون و ترجون من الله ما لا يرجون)، واعلم سيدي كذلك ،أن هناك من اتهمنا « بالعمالة » لكم، وخدمة أجندتم النيابية،بعدما أن نعتونا بكل الصفات والألقاب،لا لشيء سوى أننا قلنا كلمة حق في أحد زملائكم الجدد…لقد أوصاني أبي رحمه الله يوما، بأن لا أتزوج « بنت التالفة » وأجبت، وأن لا أركب « ولد الشارفة » ولبيت، وأن لا » أصحب المخزن » ففعلت، لأن مخزن اليوم ليس هو مخزن الأمس، وأن مصاحبتنا للمخزن كانت ولا تزال مصاحبة نقدية، وليست نفعية، ونتحدى من يثبت العكس، وأن هذه المصاحبة تجاوزت طابعها المحلي والجهوي، وأصبحت ذات بعد وطني، أملاها عملنا الجمعي… والحالة هذه، لا يسعني إلا ترديد قوله تعالى في سورة البقرة (فإن أمنوا بمثل ما أمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم) صدق الله العظيم.
Aucun commentaire