المقاومة اللبنانية بين عدوان إسرائيل وشماتة الغرب وخذلان العرب
جرت العادة أن تعرف بدايات الحروب ولا تعرف نهاياتها ؛ فها قد مر على الحرب السادسة أكثر من عشرين يوما في صيف قائظ زادته نيران الحرب حرارة . ولقد عمدت إسرائيل إلى كل أساليب الحرب النفسية المصاحبة للعمليات الميدانية ؛ فكلما فشلت في عملية توغل داخل الأراضي اللبنانية زحفا أو جولقة كلما طلعت على العالم ببلاغات بعضها للاستهلاك المحلي والبعض الآخر للتصدير وهي بلاغات تدعي تحقيق مكاسب وهمية في الميدان حتى أن الصحافة الإسرائيلية أخذت تسخر من ساسة الكيان الصهيوني وهم يتراجعون في أهدافهم من خلال تغيير اللغة المستعملة فمن ادعاء التوغل في الأراضي اللبنانية إلى ادعاء القدرة على ذلك ووسيلتهم في الدعاية منع عدسات الكاميرا من التصوير والتحجير على السلطة الرابعة خشية الافتضاح . وان هذا ليحصل والولايات المتحدة الأمريكية تتلهف على نصر تحققه إسرائيل قبل استصدار قرار من مجلس أمن مسلوب الإرادة يقضي بنشر قوات غربية تنقذ ماء وجه الجيش الذي لا يقهر؛ وكلما أمهلت الولايات المتحدة إسرائيل يوما كلما استزادت غيره وهي تعيش سلسلة هزائم متتالية باعتبار حجم قوتها وعدتها وعتادها قياسا بعدة حزب الله الذي يوجد في موقع الدفاع بينما توجد هي في موقع الهجوم ؛ فلو كان لحزب الله طيران كطيرانها لكان خبرها كخبر كان .
ولقد أصبحت مؤامرة الغرب ضد المقاومة اللبنانية لعبة مكشوفة بل وقذرة حيث تبادلت دول الغرب الأدوار فبينما تظاهرت فرنسا بالمساعي من أجل وقف الحرب أمام مواطنيها الذين استهجنوا المذابح البشعة ؛ لجأت بريطانيا إلى أسلوب التباكي على الضحايا من جهة وتعطيل قرار وقف إطلاق النار من جهة أخرى في حين ظلت الولايات المتحدة على صلفها تجهر بموقف العداء ضد لبنان وتعرقل كل إدانة ضد إسرائيل على عدوانها ؛ كما تعرقل كل جهود تسعي لوقف إطلاق النار. ولقد تحدث بعض المحللين عن خلاف بين دول الغرب في هذا الشأن وهو ما يكذبه الواقع ذلك أن الغرب الحاقد يقف صفا واحدا مع إسرائيل والقضية إنما هي توزيع الأدوار للتمويه على دعم غير محدود للدولة العبرية وهي شماتة بالدول العربية التي لا زالت تثق في الغرب وفي شعاراته ؛ وتطمح للوصول إلى مستوى سياساته وعجبا للضحية تؤيد الجلاد وهو يمكر بها. إن ما يحصل للبنان اليوم حصل من قبل لفلسطين وللعراق ولكن أين الذي يتعظ فيغتنم الفرصة للثورة العارمة الجارفة التي تقلب موازين الغرب ؛ وتحمله على مراجعة حساباته الخاطئة في المنطقة العربية .إن الدول العربية التي تقف اليوم موقف المتفرج كأن الأمر لا يعنيها غدا سيعنيها الأمر وسينتهي أمرها بثورات شعبية تزلزلها أو بعدو متربص يستنفذ خدماتها له ثم يلقي بها في سلة المهملات.
إن السكوت على فضائح إسرائيل ضد المواطنين العزل ؛ والسكوت على عدوانها والامتناع عن مساندة المقاومة يعني في ما يعنيه الخوف من تصدير نموذج المقاومة إلى كل البلاد العربية للتحرر من التبعية للغرب المهيمن ؛ وما تخشاه الأنظمة العربية هو الحتمية الواقعة لا محالة كما تدل على ذلك مؤشرات الغليان الشعبي من المحيط إلى الخليج والذي ينتظر من يقدح الشرارة ويؤطر الغضب الكاسح لينقلب السحر على الساحر.
وبين عدوان إسرائيل وخذلان العرب وشماتة الغرب تقف المقاومة صامدة بقدرة القادر الذي لا يهزم له جند ؛ ولربما تمنى المتخاذلون اليوم لو كانوا غدا مع المقاومة كما يحكي الوحي قصة أمثالهم (وان منكم لمن ليبطئن فان أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم يكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما )
Aucun commentaire