بدر المقري
إن مما أولي ذاكرتي قبله إذا وقفت على أطلال الصبا، مسلسل تلفزيوني جزائري شغل بالنا وملأ دنيانا: (دار السبيطار)، المقتبس من ثلاثية الكاتب الجزائري محمد ديب: (الدار الكبيرة) و(الحريق) و(الدراز). ولعل المضمر الأول في هذه الحلقة من سلسلة (ذاكرة وجدة المعرفية) التي تخص بمحمد ديب رحمه الله (1920-2003)، هو أنني اقتنيت إبان مشاركتي في ورشة دولية نظمتها في نونبر 2007، جامعة (باريس5) بمدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري، صورة لمحمد ديب عندما كان مدرسا بمدينة وجدة سنة 1939(أنظر الصورة أعلاه). وفي ذلك ما يصرح باهتمامي خاصة بالعلاقة الوطيدة التي جمعت ما بين محمد ديب ومدينة وجدة. وقد أعدت تركيب معطياتي بطريقة تيسر للمتلقي إدراك أن وجدة أكبر من أن تكون مدينة للعبور، بل هي جديرة أن يدرك القاصي والداني أنها تستوعب من خصائص عبقرية المكان ما يلزم الناس بنبذ عقدة الدونية التي أضحت، وا أسفاه، صورتها النمطية.
وقد رجحت من تلك المعطيات، ما يأتي:
1- ولد محمد ديب بمدينة تلمسان يوم الأربعاء 21 يوليوز 1920، في أسرة اشتهرت بممارسة المهن الحرة (السمسرة العقارية والتجارة والنجارة)، وبالولع بالموسيقى الأندلسية.
2- اضطره شظف العيش بعد وفاة أبيه سنة 1931 وحرمان أهله من حقوق الإرث، إلى الهجرة إلى مدينة وجدة وإلى الإقامة عند خالته، مع العلم أن أبناء عمومته كانوا أيضا مقيمين بوجدة، وفي مقدمهم الجيلالي ديب، أحد أشهر موسيقيي الجمعية الأندلسية التي أسست بوجدة سنة 1921.
3- تفتحت موهبة محمد ديب الإبداعية في الكتابة والرسم بمدينة وجدة، ابتداء من سنة 1934.
4- تابع دراسته في (ثانوية الفتيان) (عمر بن عبد العزيز لاحقا).
5- عين محمد ديب مدرسا في مدرسة (زوج بغال) الحدودية (1938-1939)، ثم في مدرسة (الملعب البلدي) (ابن باجة لاحقا) (1939-1940).
6- عين محاسبا في مصلحة الإمدادات العسكرية بثكنة (جاك روز) بوجدة (1940-1942).
7- شهادة الفنان التشكيلي عبد الرحمن زناتي، يوم 05 أبريل 2011 : (محمد ديب من الكتاب الذين عاشوا بوجدة، وألهمتهم بطبيعتها وهدوءها وأجواءها وسحرها…إذ عاش فيها أعواما طويلة، وانصهر في محيطها الثقافي. فقد كان صديقا حميما لأحد أشهر أعلام الصيدلة بوجدة، الدكتور عبد اللطيف عبروس. ويضاف إلى ذلك أنه كان عضوا بودادية الجزائريين بوجدة، ومقربا من أشهر الفنانين التشكيليين الفرنسيين بوجدة، من أمثال (ألبير بو) و(ألبير ماطيرا) و(جان عياش) والسيدة (لوبرانس) والآنسة (باكو)…).
8- أقام محمد ديب بمدينة وجدة، في إطار زيارات مطولة، سنوات 1959 و1962 و1963.
9- توفي محمد ديب رحمه الله بإحدى ضواحي باريس، يوم الجمعة 2 ماي 2003.