(1)ساحات وجدة عاصمة الثقافة العربية. هل تحلّ الثقافة ضَيفة على الساحة ؟
ساحات وجدة عاصمة الثقافة العربية.
هل تحلّ الثقافة ضَيفة على الساحة ؟(1)
ماذا لو فتحت ساحات وجدة أحضانها للفعل الثقافي كما ألفت فتحها ل »النّشاطْ » الصّيفي؟ أما آن لها أن تحتضن الآداب والرأي كما تحتضن الرّاب والرّاي؟ هل يمكن أن تُبدّل عاصمة الثقافة العربية لهذا العام جلدها وتبذُل جهدها لتخصيص ساحات وجدة لاحتضان الأنشطة الثقافية المتعدّدة؟
ماذا لو أطلّت خارج الأسوار تلك الإبداعات والأفكار بدل أن تنتظر في قاعات شبه فارغة قدوم الزّوار؟ لتخرج المحاضرات والندوات إلى السّاحات حتىّ تصل الأفكار والأصوات إلى مسامع المارّة ومرتادي المقاهي والحانات ومنتظري الحافلات وأصحاب المحلاّت، تماما كما تفعل الأبواق في الأسواق.
ولتكن كل ساحة موضع النشاط أو موضِعه.
1- ساحة 9 يوليوز:
بها تلوح مظاهر الإيمان بقيم التسامح واحترام الأديان بعيدا عن أُتون صراعات هنتنجتون: فيها يوجد مسجد فاطمة أم البنين بجوار كنيسة القدّيس سان لويس وعلى بعد بضع دقائق من الساحة يوجد لليهود كنيس.
هل نحتاج بعد هذا إلى دليل على أنّ العالم الإسلامي سمح لكل ذّمي أن يعيش في مأمن من الهولوكوست ومن محاكم التفتيش؟
وهل نحتاج إلى التأكيد على أن صورة المرأة عندنا لم تكن دائما قاتمة؟ فقد كانت في تاريخنا الفقيهة و الحاكمة و الأديبة والعالمة: فهناك في الزّاوية يعلو مسجد فاطمة أم البنين زوج عليّ أمير المؤمنين, تلك الفصيحة الصادحة بالأشعار. وبجوار المسجد وُجدت إعدادية خناثة بنت بكار, تلك الفقيهة العالمة الأديبة و على مسافة قريبة تتزيّن ثانوية زينب, تلك النفزاوية البهيّة الدّاهية اللبيبة. (لم تعد إعدادية خناثة بنت بكّارموجودة فقد حلّت بالبِناية نِيابَة)
قصص نجاحات النساء هنا مستمرة: مِنهنّ المقاومة و الكاتبة والعالمة والمهندسة و المناضلة والمقاولة وقائدة الطائرة والطبيبة.
طبعا , إذ اعتبرنا النسبة, لم نصل بعد إلى المبتغى لكن لا بأس أن نكُف عن التركيز على النصف الفارغ من الكأس.
والكيّس من يسأل: لمَ لمْ تُخصّص لهذه النساء الناجحات أفلام ومسرحيات خالدة و كيف يستمر جلد الذّات بتسويق عالم الليل و عمل المومسات كأنه القاعدة؟ وكيف يعرّض البعضُ بعِرض حفيدات يطّو و كنزة الأوْرَبية و خناثة بنت بكار من أجل استدرار عطف السعفة الذهبية و الأوسكار. يوهم المُخرج ممثلة مبتدئة بأنّ طريق الشهرة و المَخرج يبدأ بالألفاظ البذيئة وبأنها حين تكشف الجسد يُفرش لها السّجاد. ويجرؤ على الإيهام بأنّ إشعال الكاميرات يجعل من العاهرات ممثلات متحرّرات.
ولأنه عاجز عن إيجاد أفكار جديدة يجترّما يجري في أوكار الدّعارة. والواقع أن السينما إبداع ومرآة حضارة . يفتش عن موضوعات مبتذلة معتقدا أنه مكتشف العجلة ويقول أنه يعرّي الواقع والواقع أنه يعرّي المرأة. فإن كان الفن رسالة هل يستقيم أن تُبعث من سرير؟
وهل تكون الجرأة مثلا أويكون التوصيف بتصوير ما يجري في الميضئة وما يحدث في الكنيف؟
فكيف لا يملّ المخرج من تكرار أنّ ما يحضّره للمهرجان يعالج واقع الإنسان. وكأنه ينسى أن الطبيب حين يعالِج لا يصور المرضى بل يشخص الدّاء ويصف لهم الدّواء؟
هل عند تجار تحرير المرأة الشجاعة ليعترفوا أنهم مازالوا يعتبرونها متاعا و يبيعون بها البضاعة؟ عليهم أن يحرّروها أوّلا من الامتهان. فهم يبيعون بها السيارة وفرشاة الأسنان ومسحوق التصبين ومشتقات الألبان.
وعندما أرادوا أن يردّوا لها شيئا من الاعتبار خصّصوا لها يوما في السنة, كالشِّعرو الشجرة والطيور المهاجرة؟ و في كلّ ذكرى يسمعونها أسطوانة المناصفة و مقاربة النوع ويشجعونها على المطالبة بالمساواة في الإرث و إبطال الشرع.
ويمنعهم الجشع أن يدَعوا لها حتى الثُّلث من مقاعد مجالسهم المحلية و مكاتبهم الحزبية و النقابية و فرقهم النيابية . أمّا المقعد الوزاري فهو مذكّر لا يقبل التأنيث والاقتراب منه حرام كالإقرار بالتثليث. يكفيها شرفا أن ذكرى ثامن مارس لا تمرّ مرور الكرام بل تنظم فيها كالعادة ندوة أو محاضرة تُحضّر فيها « زردة » تنتهي بوَردة ؟
Aucun commentaire