زينب
رأت زينب النور في القرن الماضي حين كان رفاق « اليوطي » يملكون مقدَّرات ومقرَّرات البلد . كانت تستقبل فتيات المدينة لتلقنهن الأدب والعلوم بلسان سان إيكزوبيري . لم تكن تسمح لِذَكر كان من كان بالاقتراب من حصن حولته إلى ما يشبه دير راهبات.
« الفتيات الشابات » كان اسمها الأول. ولأنه اسم نكرة قرّرت ذات ليلة ,أفل فيها نجم « بيتان », أن تبحث لها عن اسم ثان : اسم علم من أسماء أعلام أهل هذا البلد الطيب. فكان اختيار اسم زوجة أحد سلاطين المغرب . اسم ارتبط بالبهاء والدهاء .
بقي المكان حكرا على بنات حواء إلى أن ظهرت نظريات الاختلاط لتمنح آدم تأشيرة الدخول إلى عالم الحوريات. لم يحضر ابن عطية اتخاذ قرار كهذا يهم حاضرته لأنه كان قد غادر منذ قرون . أتراه لو كان حيا يوافق على أن يتقاسم ذكر وأنثى مقعدا واحدا؟ رحمه الله. فقد باغته الرحيل قبل أن يدرك أن الاختلاط وفّر مستقبلا واعدا للتحصيل.
تتداول الألسن أن تسلل الذكور إلى هذا العالم الأنثوي غير أشياء كثيرة ولم تعد على حالها دار زوجة السلطان. مرّ على حكاية الاختلاط زمان و كل من يزورها الآن يلحظ شيخوخة المكان .
زينب لم تعد تلك اليافعة التي كانت في القرن الماضي .فقد بلغت من الكبر عتيا وغزت التجاعيد منها الوجه والأطراف. وهي لا تحتاج إلى مساحيق بل إلى عملية جراحية يجريها فريق. فما أفسده الدهر لا يصلحه العطار بل البناء والسباك والنجار.
زينب النفزاوية تتربع على قلب مدينة زيري ابن عطية غير بعيد عن « الباب الغربي » وهي مثله جزء لا يتجزأ من المآثر التاريخية لمدينة الألفية (وإن كانت تصغره سنا). ولأنها الأنثى الوحيدة وسط الذكور فهي تحتاج إلى عناية خاصة . خاصة وأن جارها « عمر ابن عبد العزيز » قد حظي ببعض الاهتمام والترميم (أما « عبد المومن » فما زال هناك في انتظار « كودو » متسلحا بصبر الذكور).
زينب ليست مؤسسة تربوية فقط بل معلمة من التراث المعماري والعلمي لوجدة يجب المحافظة عليها والاعتناء بها. ولذا فالمأمول أن تكون محل اهتمام أكثر من مسئول . فبالإضافة إلى وزارة التربية الوطنية ,الأمر يهم أيضا وزارة السياحة ووزارة الثقافة والمجلس البلدي وقدماء تلاميذ الثانوية وجهات أخرى.
هي على بعد بضع دقائق من ساعة البلدية المشهورة التي كلفت في آخر إصلاح مبلغ 120 مليون سنتيما. فماذا لو صرف المجلس البلدي للأقسام مثل ما صرفه للأرقام وخصّص للساحة والملاعب ما خصّصه للشاشة و العقارب؟
لو وضعت كل الجهات المعنية زينب(وأخواتها ) على جدول الأعمال لتوافر المال واستعادت الثانوية بعض الجمال. فكما تم الاهتمام بالأسوار والأسواق العتيقة التي طالها الترميم وجب الالتفات إلى مؤسسات التربية والتعليم التي صارت جزءا من ذاكرة المدينة .الاهتمام بالمكان يعيد الاعتبار للزمان و لشخصيات تاريخية وسمت تاريخ مغرب نسميه خير الأوطان.
1 Comment
عودة موفقة للكتابة الاخ و الصديق ع الحفيظ.عند البحث في الانترنيت عن صور لثانوية زينب تتفاجا بالفرق العجيب و الغريب بين حالتها في وقت ابناءموليير و و بداية الستينات و حتى السبعينيات والحالة التي عليها اليوم و التي لاتسر الامن هو ناقم على التعليم و مرافقه.
تحياتي