ثلاثة وعشرون سنة من النضال في خدمة حقوق الإنسان ببوعرفة واقليم فجيج
تقديم :
هذه الورقة هي قراءة متواضعة في تجربة فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببوعرفة ، أساهم بها في هذا الظرف الدقيق الذي يمر منه هذا الفرع المناضل خاصة بعد ما يعرف بأحداث الأربعاء الأسود ـ 18 ماي 2011ـ وما خلفته من اعتقالات وتضييق شديد على الفرع .
لقد لاحظت في الآونة الاخيرة هجوما شرسا على هدا الاطار وتبخيسا لمجهوداته ، لدلك ولتوضيح بعض النقط سأساهم في التعريف بالفرع على المستوى التنظيمي ، ودوره في الإشعاع والتكوين ، والمحطات التاريخية التي مر منها ، ومساهمته في مجال النهوض والحماية والتربية ، ونقط القوة والضعف في هذه التجربة ، وأهم المواقف التي اتخذها ، وعلاقاته الداخلية والخارجية ، وسأعرج في الأخير على أزمته الحالية .
أولا : قبل التأسيس
في سنة 1994 عرفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على الصعيد الوطني دينامية متميزة ، تمثلت في إحياء الفروع الجامدة ، وتأسيس فروع جديدة .
لم يكن مناضلو ومناضلات مدينة بوعرفة في معزل عن هذه الدينامية الوطنية ،لذلك فتحوا فيما بينهم نقاشات موسعة لتأسيس إطار حقوقي بالإقليم نظرا للحاجة الموضوعية إليه .
لقد نضجت الشروط الموضوعية لذلك ، فعلى المستوى الوطني فالظرفية كانت جد مناسبة ، خاصة بعد إطلاق سراح مجموعة من المعتقلين السياسيين ، وعودة بعض المنفيين ، وحل بعض الملفات الحقوقية العالقة ، وفتح النقاش السياسي حول التناوب ، وبروز عدة تداعيات ترتبت عن سقوط جدار برلين على المستوى الدولي .
ثانيا : التأسيس
تشكلت سنة 1994 بمدينة بوعرفة لجنة تحضيرية لتأسيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تحت إشراف المكتب المركزي للجمعية ، وكانت تضم : نورالدين محمد(محام) – بنمومن عبدالله(استاذ)- الداودي علي (استاذ)– بنقدور محمد (استاذ)– الصديق كبوري(استاذ) .
كان الأعضاء المؤسسون ينتمون إلى مشارب سياسية وفكرية مختلفة وهي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي واليسار الجديد والمستقلون .
قامت اللجنة التحضيرية بعدة أنشطة وازنة ، كما عملت على التوسع التنظيمي إقليميا ، وساهمت في رصد الخروقات محليا وإقليميا .
انعقد الجمع العام لتأسيس الفرع بسينما النصر ببوعرفة يوم 10 دجنبر 1994 الذي يصادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان ، حضر الجمع العام عدد مهم من المنخرطين والمتعاطفين ، ورئيسي المجلسين البلديين لبوعرفة وفجيج وممثلي عدد مهم من الإطارات النقابية والجمعوية .
انعقد الجمع العام تحت شعار المطالبة بإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين والكشف عن مصير المختطفين وعودة المنفيين على اعتبار أن المغرب آنذاك لازال تحت تأثير سنوات الرصاص ، وبحكم أن الجمعية في تلك المرحلة كانت تعطي الأولوية للحقوق المدنية والسياسية على سائر أنواع الحقوق .
ثالثا : مراحل تطور الفرع
لقد مر فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببوعرفة بثلاث مراحل أساسية وهي :
– مرحلة النهوض؛
– مرحلة الجمود؛
– مرحلة الانبعاث ؛
ـ مرحلة الازمة .
أ – مرحلة النهوض :
تمتد هذه المرحلة من سنة 1994 إلى 2011 وقد تميزت هذه المرحلة بعدة مميزات أساسية يمكن أن أجملها فيما يلي :
– ارتفاع عدد المنخرطين والذي وصل إلى 140 منخرطة ومنخرط .
– انفتاح الفرع على مختلف شرائح المجتمع ( الشباب – النساء – العمال – المعطلين – الموظفين …).
-التتبع المستمر للخروقات ومؤازرة الضحايا محليا وإقليميا
– إصدار تقارير سنوية حول الخروقات .
– الحضور الوازن في كل المحطات الوطنية النضالية والتنظيمية والتكوينية .
– التواصل مع مختلف وسائل الإعلام حيث أن مصدافية الفرع جعلت منه مصدرا مهما للمعلومات ( رويتر – أطباء بلا حدود – هيومان رايت …).
– احترام دورية الجموعات العامة .
– خلق لجان مخلية بفجيج وبني تجيت وتندرارة .
– الاشتغال بشكل جماعي في إطار اللجان الوظيفية ومجلس الفرع .
– ترجمة أهداف الجمعية على مستوى النهوض والحماية والتربية .
ب- مرحلة الجمود :
تمتد هذه المرحلة من 18 ماي 2011 والى غاية 2013 ، أي من تاريخ وقوع الإحداث الأليمة ببوعرفة يوم الأربعاء الأسود 18 ماي 2011 وما نتج عنه من اعتقالات وقمع للحريات والى غاية التجديد الأخير للمكتب سنة 2013 .
وتميزت هذه المرحلة بتدبير الأزمة ، والحرص على الخروج من الأزمة بأقل الأضرار الممكنة ، وقد تميزت هذه المرحلة :
– تقلص عدد أعضاء وعضوات الفرع .
– غياب اجتماعات المكتب والمداومة .
– غياب تام للجان الوظيفية والمجلس
– شلل اللجان المحلية بفجيج وتندرارة
– استقالة وانتقالات بعض الأعضاء
– فتور على مستوى تتبع الخروقات رغم كثرتها
– الحصار المستمر لمقر الجمعية من طرف القوات العمومية والاعتداء على المناضلين أمامه وحتى داخله في انتهاك صارخ لحرمة المقر .
ت – مرحلة الانبعاث
هناك أسطورة يونانية تقول أن طائر الفينق يبعث من رماده ، إن هذه الأسطورة تنطبق أيما انطباق على فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببوعرفة ، فرغم الحصار ومحاولات اجتثاث الفرع من جذوره ، فالفرع انبعث من جديد ، وتبن بالملموس أنه معادلة صعبة في المشهد الحقوقي محليا وإقليميا .
تم تجديد الفرع ، واستطاع في ظرف وجيز أن يعود إلى المشهد أكثر قوة وصلابة وتنظيما من ذي قبل بفضل طاقات واعدة أغلبها من النساء والشباب .
لقد قام الفرع في مدة وجيزة لم تتجاوز الخمسة أشهر بأنشطة وازنة تركت صدى كبيرا على المستوى الوطني ، وأبانت بأن الفرع سيبقى ملاذا للمظلومين ، وفزاعة في وجه أعداء حقوق الإنسان
ـ مرحلة الازمة :
بدأت هده المرحلة مند 18 ماي 2011 وهي مستمرة إلى الأن ، فقد أصبح الفرح يعاني من مشاكل تنظيمية تمثلت قي : انعدام اللجان الوظيفية ـ ضعف مواكبة الخروقات ـ عدم الحضور في الانشطة الوطنية والجهوية ـ عدم انتظام دورية اجتماعات المكتب ـ تقلص الانخراطات ـ عدم مواكبة الخروقات ـ الأزمة المالية …الخ .
رابعا : نقط مشرقة
قبل تأسيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببني تدجيت منذ ست سنوات تقريبا كان فرع بوعرفة يشتغل على كامل تراب إقليم فجيج الذي تقدر ب 56 ألف كلم مربع (أي أكثر من مساحة لبنان وبلجيكا ).
عمل الفرع على تتبع ملفات حقوقية على امتداد الإقليم ، وفي هذا الإطار فقد تتبع الفرع :
– ملف الانتهاكات الجسيمة بفجيج وساهم في التعريف بها ورفع مطالب الضحايا.
– اعتقالات بني تدجيت على اثر قتل جندي لشاب من بني تدجيت
– اعتقالات تندرارة على اثر مطالبة الساكنة للحق في الماء
– اعتصام ساكنة عين الشعير على اثر نزوح 33 شابا من البلدة .
– اعتقالات تالسينت على اثر الاحداث الدامية التي عرفتها البلدة سنة 2005.
– الاعتقالات التلاميذية ببوعرفة على اثر التضامن مع العراق .
– ملف الماء ببوعرفة والذي كان له صدى دولي وصل الى الصندوق العالمي لحقوق الإنسان الذي دعم مشروعا في مجال رفع قدرات المناضلين في مجال الحق في الماء .
على العموم فان الفرع كان يرصد الخروقات بكل الإقليم رغم الصعوبات ، وغياب الدعم ، كما أن الفرع ساهم في نشر ثقافة الاحتجاج السلمي ، و خلق عدة تنسيقيات وشبكات للدفاع عن الحقوق ، وبهذا الصدد يمكن أن أشير إلى :
– الشبكة المحلية من اجل مجانية الصحة والتي قامت بإسقاط وتعطيل منشور وزير المالية والصحة ببوعرفة والذي يضرب مجانية الصحة .
– اللجنة المحلية للدفاع عن الحريات العامة سنة 2005
– اللجنة المحلية للتضامن مع الشعبين العراقي والفلسطيني
– اللجنة المحلية من اجل الحق في بيئة سليمة للاحتجاج ضد الاستعمال الخطير للمبيدات
– التنسيقية المحلية لمناهضة غلاء الأسعار والدفاع عن الخدمات العمومية .
خامسا : الرؤساء السابقون للفرع
في هذه الورقة لابد أن أعرف ببعض المناضلين الذين تحملوا مسؤولية رئاسة فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببوعرفة منذ التأسيس إلى الآن وهم : نورالدين محمد – داودي علي – الصديق كبوري – ركاد محمد – غرابي حميد – عماري خديجة والرئيس الحالي محجوب شنو كما لا تفوتني هذه الفرصة للإشارة إلى المرحوم محمد تيحان الذي قدم خدمات جليلة للفرع في مجال التوثيق والكتابة ، وكل من كان يعمل سواء في الخفاء أو العلن لترسيخ الفعل الحقوقي ببوعرفة وإقليم فجيج .
خاتمة :
هذه مجرد مساهمة متواضعة للتأريخ لإطار من بين الإطارات الفاعلة ، ومكون أساسي من مكونات المجتمع المدني بمدينة بوعرفة ، أتمنى أن يساهم المهتمون بهذه التجربة بملاحظاتهم ، من أجل أن نفتح بشكل جماعي أفاقا أرحب لهذا الإطار العتي الدي يعيش أزمة خانقة مند 18 ماي 2011 .
الصديق كبوري
Aucun commentaire