الصحف الالكترونية بين صدق الخبر والأغراض المحسوبة
الفقيه : امحمد رحماني
من المصائب التي أطلت علينا في عالم الهجرة بكل حسناته وسيئاته كثرة الأعمال السلبية واللامحسوبة العواقب من قبل الجالية الإسلامية بكل أصنافها ، والتي أصبح لها ضرر كبير لا على الجالية بنفسها ولا على الإسلام كدين حتى أصبح غيرنا يطالب برحيلنا وخروجنا من هذه البلاد ، بعدما كان أجدادهم يطالبون أجدادنا بالبقاء ، لما في تواجدهم من إقامة العدل والتطور والإزدهار
غير أن كثيرا من هذه الأعمال السلبية التي يقوم بها المسلم بصفة عامة في بلاد المهجر تصادف أقلاما تستغل الحديث في خدمة أغراض وأهداف محسوبة مسبقا بغض النظر عن تشدق هذه الأقلام بالصدق في نقل الأخبار ونزاهتها ، مع العلم أن تلك الأخبار تتسم بالوضوح المطلق الذي يجعل الخطأ في نقله أو نسبته لجهة ما أمرا مستبعدا بل مستحيلا في بعض الحالات والظروف ، مثل ذلك ما وقع مع كثير من المواقع الإخبارية الإلكترونية التي تصيح علينا صباح مساء بشعارات ظهر أنها عبارة عن أفواه مصدوحة وعبارات لا أساس لها في الواقع المعاش وصدق قول بعضهم « أبعدهم عنا الواقع الافتراضي » ،آخيرها ما وقع بالنسبة لحالة من الشذوذ الجنسي الذي وقع بين رجلين مغربي وهولندي بمدينة أوتريخت الهولندية ، حتى قام الهولندي السالب بتصوير نفسه وهو يمارس عليه الجنس من قبل مواطن مغربي ، فتم نقل الخبر من قبل ـ موقعين الكترونيين مغربيين ـ على أن المواطن المغربي « إمام مسجد » بهولندا ، وأصبحا يكيلان من الكلام والعبارات والإشارات ما لا يعد ولا يحصى من أجل خدمة أغراض محسوبة لديهما وكان آخر هم الموقعين هو التأكد من صحة الخبر ونسبته لإمام مسجد ، وكأن الغرض من الموقع أصلا هو نقل الأخبار دون التأكد منها فتصير بذلك مواقع كباقي الجرائد العادية التي لا تصلح أوراقها إلا لمسح زجاج السيارات ، فخرج علينا احد الموقعين بمقال زعزع ثقتنا التي كنا قد وضعناه فيه حتى أننا كنا نعتمد في أقوالنا وخطبنا ودروسنا على ما ينشر فيه من دراسات وإحصائيات ، ولكن شاء ربك أن يبين لنا حقيقة الأمور حتى نعرف عمن كنا نأخذ ، وفي الحقيقة ليس الخاسر هو الإئمة بالخارج بفعل هذه التصرفات الهجينة وإنما الخاسر هو الموقع بنفسه ، خسر مصداقيته ونزاهته بالنسبة لقطاع هام في النسق الاجتماعي وهو قطاع الأئمة والخطباء ، يكفي خطبة واحدة من خطب الجمعة لنصدح فيها بالخبر المكذوب ومحسوبية الموقع الإلكتروني وحدثنا بعد ذلك عن قيمة الموقع عند الناس بعد الخطبة ، ألم يكن واجبا على الموقع أن يستبينا من الخبر ونسبته للإمام تطبيقا لقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) لو قام الموقع بتقصي الأمر لوجد أن الإمام المزعوم ما هو إلا رجل من عامة الناس لا علاقة له بالأئمة مطلقا ، بل هو رجل عادي كان يؤم الناس عند غياب الإمام ولا علاقة له لا بفقه ولا بشبه فقه ، فلما المزايدة في الخبر واللعب على حبل الكذب ؟ أمن أجل زيادة عدد القرآء ؟ الزيادة في العدد بعد التبين تكون زيادة في عدد من كشفوا حقيقة الموقع وقيموه تقييما على حسب الصدق والكذب ، فما على الصحف إلا بالصدق إن أرادت النجاح والانتشار
Aucun commentaire