Home»Enseignement»يوم من يوميات مدرس

يوم من يوميات مدرس

0
Shares
PinterestGoogle+

صدى السوق الأسبوعي يخترق المدرسة. ينبعث صراخ أحد الباعة من مكبر الصوت مُشهرا  على الناس أنواع المبيدات التي تقتل البرغوث ،الذباب ، الناموس ،  وتُبيد القمل وجميع أنواع الحشرات .
وآخرا مُروجا لأدويته التي تعالج جميع الأمراض من الروماتيزم،القلب ، والعيون … وكل مايخطرعلى البال من عجز عضوي وجنسي … بكلمة واحدة :متعدد الإختصاصات !
إنه بيبع الوهم كما تبيع الأحزاب البرلمانية المغربية الوهم للمواطنين.كل يُسَوِّق بضاعته بطريقته الخاصة وبوسائل مختلفة. 

******
ضجيج السوق يجعل انتباه التلاميذ مشتتا . يشوش عليهم كثيرا. أتساءل باستغراب ما الذي جعلهم يشيدون مدرسة قرب سوق؟ !
أهو انفتاح المؤسسة على محيطها واستحضار المجتمع » السوقي » في قلب المدرسة ؟! 

في الثمانينات من القرن الماضي كنا نستغرب وجود الجامعات والمعاهد والمدارس العليا في أطراف المدينة وأحوازها.بحيث أن كل طالب كان مضطرا للقيام برحلة سندبادية.لقد كان الهدف من ذلك أنذاك عزلها عن المحيط لأسباب سياسية خصوصا وأن الحركة الطلابية كانت في أوج نشاطها. في بلادنا يسود الهاجس الأمني دائما ويغيب الهاجس التربوي.
*****
أطلب من التلاميذ التركيز قليلا رغم أني أعلم أن ذلك أصبح صعبا مع الصراخ القادم من السوق. 

يخفت صوت المكبرات .مثلما يخفت صوت بعض النقابات حين تصل أحزابها إلى الحكم. يسود الصمت قليلا. وهذا الصمت يساعدني على السهو .أصبحت أسهو كثيرا.أسهو حتى وأنا أقطع الطريق.  ربما مرض الكبر. لكن هذا لم يشفع لنا عند حكومتنا الموقرة فأرادت أن تُضيف لنا خمس سنوات عجاف بعد الستين ! 

التلاميذ منشغلون بترتيب وتحديد بعض الأنواع الغذائية.في الصورة مواد غذائية متنوعة لمنافع صحية. يسيل لها لعابهم ولُعابي.هم الذين لم يشربوا حليبا في الصباح ولا تذوقوا جبنا أومربى،بل خبزا حافيا بائتا  ، وشايا بارداشربوه على عجل.

ينبهني إلى سهوي صوت تلميذ : « اسي كملنا » و آخر : « اسي نصححووو… »
يتصاعد الضجيج تدريجيا. يضايقني هذا الضجيج. أعيد بسرعة محتويات المحفظة إلى مكانها.
– « واش گاع كملتو ؟ »
– « اسي ناااعم » يرددون بصوت واحد.
– « أسي هذا أعطاني گبيــــــــــلا لا گوما وضُرك قال لي راك شفّرتها لي »
– أتجاهله. إذن نصحح.بعد التصحيح أسألهم هل فهمتم .
– يجيبون ككورال: السي ناااعم.
– لي شبه يقين ان من بينهم من لم يفهموا ولو حرصت على ذلك.ببساطة لأنه تم إنجاحهم بفعل خريطة مدرسية رغم عدم تمكنهم من الحد الأدنى للمعرفة. ينتظرني عمل شاق ومُضن. سأجرب بعض الطرق والوسائل الاخرى.البيداغوجيا الفارقية . وجدتها !سأحاول تقليص الفوارق المعرفية ، أما الطبقية فلا قوة ولا حول لي عليها .
– تأتيني تلميذة مشتكية. السي هذا قال لي واحد الكلام…
– أستفسرها عن مضمون هذا الكلام.تتورد وجنتاها .وتقول بخجل  » السي قال لي… « 
تحيرني شيطنة هؤلاء الأطفال.في هذا الزمن كل شيء أصبح ينضج قبل الأوان. بعضهم « تشبَّع » بالأفلام المكسكسيكية والتركية حد الاسهال.ماذا عساي أفعل .هنا لاتُجدي الفارقبة نفعا . كيف لي أن أُحدث تغييرا في البنية الذهنية للمتعلم.

تمثلات و معايير للسلوك ، وقيم وذوق غير سليم علي تصحيحها. 

أنظر إلى الساعة: 11و58د… تغمرني فرحة مؤقتة. وقت الخروج قريب.

اجمعوا الدفاتر والأدوات بسرعة… سنعود في المساء ، فالوقت بالكاد بكفي للذهاب والإياب ، غذاء مستعجل ، وقضاء الحاجة.

يُتيع

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *