فسحة فكرية في حكومة بلقيس
المبدعون و المخترعون هم أناس لهم طاقة كبيرة على الخيال و التخيل.و التخيل قدرة عقلية هامة ’بها يقاس مقدار و درجة الحرية الموجودة في المجتمع.ذلك’ أن المجتمعات و الجماعات و الأفراد الذين يخضعون لنموذج من النماذج الدكتاتورية لا يستطيعون التخيل لتعطل هذه القدرة لديهم’بسبب الإرهاب الفكري و النفسي الممارس عليهم والذي يقيد العقل و الجسد و الإحساس و العواطف و يعطلها.و الفرد في مثل هذه الأوضاع يكون سلبيا وخاضعا و مقلدا و منفذا. الخيال و التخيل لا يمر على الحدود فيمنع من المرور’بل يطلق لنفسه العنان.ونحن في هذا العالم الفسيح الذي هو الكون’و في هذه النقطة من العالم الذي اسميه الوطن’يحق لي و لك و لنا جميعا(لان العقل هو القسمة المتساوية و العادلة بين البشر.كما يقول روني ديكارت)أن نتخيل ولا أقول أن نحلم .لأنه شتان بين هذا و ذاك. قد نتخيل أن حكومتنا قد تكون من النساء فقط.وقد يذهب الخيال ابعد من ذلك فنتصور برلمانا من النساء أيضا.على الأقل قد يعفينا التلفزيون من مشاهدة أصحاب البطون الممتلئة وهم يداعبونها في وقار و احتشام’ و ربطات العنق المتدلية على هذه البطون المنتفخة’و أصحابها يطرحون على هذا الوزير أو ذاك سؤالا عن المياه المعدنية’أو عن ثمن الكازوال الممتاز’أو عن جهاز التكييف في قاعة البرلمان ’و يعجزون أن يرتجلوا كلاما مهما.وحتى و إن حاولوا ذلك’ تكون محاولتهم تدعو إلى الضحك و الشفقة…
لا أكون إلا صادقا عندما أقول أن من واجب المجتمع أن يفكر في الأمر و لو من باب الفسحة الفكرية التي لا تكلف شيئا.وقناعتنا قائمة على المبدأ التالي إن الرجل هو من حكم المغرب منذ قيام الدولة المغربية في المغرب الأقصى.أي منذ عهد الدولة الادريسية إلى يومنا ’وهو يستحوذ على المناصب الوزارية.و عندما دخل المغرب تجربة البرلمان ’في البدايات الأولى للستينات ’كان الأعضاء من الرجال فقط.فإذا كنا نقبل فكريا و اجتماعيا ’أن المرأة هي نصف المجتمع’فالنصف الأخر لن يكون إلا الرجل…والحكومة مستقبلا لن تكون إلا من النساء.فالعدل و العدالة تفرض أن تعطى لذوي الحقوق حقوقهم(أو حقوقهن)… للمرأة ادوار مختلفة في الطبيعة و المجتمع و الحياة’فهي الأم و الابنة و الزوجة و الأخت.و الذين يعترضون على توليها مناصب يجحدون فضلها و جميلها على الأسرة و المجتمع و الوطن.فلها فضل في استقرار الأسرة ’ وتربية الأطفال وتوفير الأمن و الأمان لهم ’ و التقدير و الإحساس بالأنا والآخر’ومساعدة المحتاجين بواسطة غريزة الأمومة المتأصلة فيها ’ و ما يرتبط بهذه الغريزة من حنان و عطف و إيثار و رحمة و شفقة و نكران الذات’و التي لا وجود لها مجتمعة إلا عندها هي.فهي من مكونات فيزيولوجيا المرأة.لهذا’ فالقتل و القتال و الاعتداء و العدوان و القسوة والبطش والنهب و السطو على حقوق الآخرين و الظلم… هي من مكونات فيزيولوجيا الرجل إلا إذا أخضع هذه الميول لسلطان العقل و الأخلاق السامية…
فمن الطبيعي’إذا’ أن نقول أن بقاء الأسرة و استمرارها في غياب الرجل لموته أو مرضه أو فقدانه لعمله أو طلاقها منه’يعود إلى المرأة الأم. القرآن تحدث عن مملكة سبأ ’و عن ملكة سبأ (بلقيس) و تحدث عنها أنها أوتيت من كل شيء.أي من الصحة و الجمال و الأناقة و الأنوثة و الحكمة و التبصر بالأمور و قراءة العواقب و الإنصات إلى الشعب و مشورة أهل الرأي و الفكر و الفطنة…أي توفرت فيها خصائص و مميزات القيادة الرشيدة…و الرسول المعلم و القدوة أوصى بالأم و المرأة و الشيخ و اليتيم خيرا… و التاريخ القديم و المعاصرعرف كثيرا من تجارب المجتمعات كانت القيادة الناجحة و الحكيمة’ فيها للمرأة (مثلا انجلترا سابقا في عهد(مار كريت تاتشر) و حاليا ألمانيا في عهد(أنجيلا ميركل))و إن غدا لناظره قريب ’كما يقول المثل العربي. ومن باب الفسحة الفكرية في هذا الموضوع ’ نقول أيضا و أخيرا قد نصادف نساء مواطنات و وطنيات يفكرن في مستقبل أبنائنا و بناتنا المعطلين و المعطلات’ووضعيات النساء و الأطفال المشردين الذين لا عنوان لهم’ و الفقراء و المنحرفين و المرضى…كما يفكرن بدافع الوطن و المواطنة في إصلاح التعليم و القطاع الصحي و قطاع العمل وهي القطاعات التي لها ارتباطا عضويا بنا و معنا.فلا وجود لكرامة للإنسان مع الفقر.و لا كرامة للإنسان مع شعوره بالعجز أمام مرضه و ينتظر خلاصه.و لا كرامة للإنسان مع جهله و أميته. فالجهل و المرض و الفقر طرق موصلة إلى انحراف و تطرف أفراد المجتمع و انسداد الآفاق أمامهم…
1 Comment
ان مقالكم عما حدث لحقا يستدعي الشكر لانكم قمتم بتحديدظروف تارخية اوقفتنا عند محطات مهمة من اجلال وتقديس للمراة وادائها مم