من التي سرقت القلب منكن
من التي سرقت القلب منكن
1) في الأصل كانت الأغنية لبنانية
هذا مطلع أغنية خفيفة لبنانية من القرن الماضي كان مواطنون من جيلي يستمع لها. أداها بصوته الرائع، المطرب اللبناني المتعدد المواهب « إحسان صادق » فهو مطرب و ممثل أفلام سينمائية و تلفزيونية و مسرحية و مقدم برامج تلفزيونية.
تعرف فصيل من المغاربة في بداية السبعينات على الانتاجات اللبنانية التلفزية ،عندما استطاعت الأسر المتوسطة و بعض من الأسر الفقيرة اقتناء- بإمكانياتها المادية- جهاز تلفزة باللون الرمادي (الأبيض و الأسود).أما الأسر الغنية و الثرية فكانت تقتني جهازا تلفازا بالألوان الطبيعية(فلم يكن ذلك، في متناول الجميع لغلاء ثمنه) .
كان الأثرياء و الأغنياء في بلدتي يعدون على رؤوس الأصابع،رغم التفاوتات المالية بينهم.ولم يكن بينهم من كان فاحش الثراء كما نراه اليوم،و لم يكن الجشع والطمع قد تملك بقلوبهم.كان الكثير منهم أغنياء و لكن إنسانيين و متواضعين أيضا، في معاملاتهم مع الناس من هم دونهم.إلا القليل منهم من كان يحسب نفسه من طينة أخرى.
أتذكر أن أغلب سكان المغرب كانوا يقتربون بعضهم من بعض في الظروف الاقتصادية و المالية.أما الآن فالتباين واضح و الفروق الطبقية بلغت حدا جعلت الأثرياء يبتعدون كثيرا عن الفقراء.و المسافة المالية بينهم كبيرة..
كنا ونحن مراهقون نسمع و نشاهد، في ذلك الوقت من بداية السبعينات « إحسان صادق » وهو يغني لوحده مع العازفين ،و باللون الرمادي أغانيه الرائدة من بينها:
من التي سرقت القلب منكن أأنت أم أنت أم أنت يا له منكن
إنها أغنية من الزمن الجميل،حيث كان للحب قيمة .كان حبا عذريا محتشما فيه عذاب، و فيه حياء أيضا. ليس كحب الآن:حب يشبه غرام عمرو بن أبي ربيعة : حب مكشوف و ممسوخ.لم يبق فيه للمرأة ما تحجبه عن الأنظار،امرأة كشفت كل شيء،من أجل نشر أغانيهم التافهة (الواوا..و ما شابهها).لم يبق للمغنين و المغنيات ما يسترونه أمام أعين الأسر التقليدية، من المشاهدين و أبنائهم .هي أغاني تصور بطريقة (كليبات )الخلاعة و المجون و خدش الحياء .فلا دين لمن لا حياء له ،كما يقال.أو إذا لم تستح فافعل ما شئت.
2)من سارق القلوب إلى سارق الصناديق:
الأغنية تقول: من التي سرقت القلب منكن؟
و برلمان الشعب يقول:من سرق الصناديق؟
الصندوق المغربي للتقاعد،و صندوق الضمان الاجتماعي،صندوق البنك العقاري و السياحي؟و صناديق أخرى وطنية(الإيداع و التدبير) و محلية(المجالس البلدية و الحلية و مجالس المدينة)؟ و كل مرة تنشر فضائح من هذا النوع…
عملية السطو على الصناديق الوطنية و المحلية تتم في جنح الظلام تارة و في وضح النهار أيضا.الكبار يسرقون نهارا جهارا، و الصغار يسرقون ليلا و في جنح الظلام.
و برلمان الشعب عليه البحث عن الكاتب الفرنسي الروائي البوليسي « أرسين لوبين » أو الكاتبة في نفس الموضوع الانجليزية: « أغاتا كريستي »،أو غيرهم من الكتاب المرموقين الأمريكيين، في الأفلام البوليسية و الإجرامية،للاستعانة بهم في اكتشاف اللصوص من العفاريت و الأشباح.
رغم وجود المجلس الأعلى للحسابات ،ورغم وجود المحاكم على أنواعها بما فيها التجارية،تنظر في الملفات و القضايا،ورغم ذلك،فان الدولة تعبر عن عجزها عن امساكهم رغم يدها الطويلة.فهم لا يتركون أثرا ماديا يدل عليهم (بقدرة قادر)_هذا ما يقوله لنا نحن المواطنون البسطاء، ليبرروا العجز في القبض عليهم،رغم ان الصحافة المكتوبة تشير لهم بالواضح و ليس بالمرموز؟
وحتى لو أمسكوا ،فإنهم يكونون من أولاد الناس، ومن العار و الخجل، ن يقذفوا في السجون،أو أن يحاكموا…ولو حوكموا تكون العقوبة خفيفة:لن تكون الإعدام و لا المؤبد،و لا الأشغال الشاقة،ولا اتهامهم بالخيانة العظمى(سرقة أموال الشعب أليست خيانة عظمى؟؟)
قد نقترح لهم هذا المصير:لماذا لم يوضعوا في أقفاص حديدية ،على عربة تجرها الحمير،يطاف بهم في أزقة المدينة، كما فعلت الدولة مع الثائر « بوحمارة »،أو تخصيص لوحة اشهارية كبيرة تدون فيها أسماء العظماء من أبناء الوطن النزهاء الذين قدموا خدمات للمواطنين و للوطن ،وتدون فيها أيضا الذين أساؤوا لسمعة البلاد و العباد من الغشاشين و المتآمرين و السارقين لأموال الناس…كما كانت تفعل الصين الشيوعية في عهد الرئيس « ماو تسي تونج »،في الساحة الكبرى الحمراء لبكين.
من حق الشعب أن يطالب بمحاكمة سراق المال العام أمام محكمة الشعب،فهو الأحق بمحاسبة المذنبين.و بهذه الطريقة لن يتجرأ أحد أن يمد يده إلى المال العام ،لأنه يعرف مآله و المصير الذي ينتظره.
و لكن نحن هنا نقول قول الشرفاء من الحكماء المغاربة البسطاء » المال السايب يعلم السرقة ».
انجاز :صايم نورالدين
Aucun commentaire