هل نحن مسلمون متدينون أم علمانيون؟
عرف المجتمع المغربي في هذا الشهر (شعبان الذي هو شهر تحضير ديني و روحي للشهر الموالي وهو شهر رمضان الذي (انزل فيه القران هدى للناس) 3 ظواهر أحدثت زلزالا في منظومة القيم الدينية و الأخلاقية و الفكرية في المجتمع الذي يعتبر فيه الدين الإسلامي الدين الوحيد للمغاربة.و الدين الوحيد الذي تستنبط منه الأحكام الشرعية و المعاملات في الأحوال الشخصية.
1() هو ما رآه جمهور من المشاهدين للقناة الثانية من استعراض للحفل الفني الذي يقيمه مهرجان (موازين) سنويا و الخاص بالأغنية العالمية.استعرضت القناة الثانية الحفل الراقص للمغنية الأمريكية »جينيفر لوبيز » و فرقتها الراقصة بألبسة قد تكون عادية بالنسبة لمجتمعها الأمريكي الغربي الذي يؤمن بالحريات الشخصية المطلقة(على الأقل هذا هو الظاهر)،و لكنها غير عادية بالنسبة لعدد كبير من المغاربة المواطنين،ومن الأسر المغربية التقليدية، وان كان بعض المغاربة يعيشون في حياتهم العامة و الخاصة على الطريقة الغربية غير معنيين بخصوصيات المجتمع المحلي ،في لباسهم و أكلهم و شرابهم و سكناهم و لغتهم و سلوكهم و علاقاتهم العاطفية و الاجتماعية،بل وحتى معتقداتهم الدينية…
2() هو إقدام فتاتين أوروبيتين (لا يهم موطنهما) على التوجه إلى مسجد حسان بالرباط و التقاط صورة تبادل قبلات و هما عاريتا الصدر ( ass. des seins nus)- جمعية الصدور العارية -ونشر ذلك على صفحات الشبكة العنكبوتية.وهما يحتجان بهذه الطريقة على أحكام المحكمة المغربية على بعض مثليي الجنس بأحكام حبسية، لان عملهم الذي يريدون إشاعته يتنافى و الأعراف و التقاليد و الشخصية المغربية، و يتنافى و القيم الدينية و الأخلاق و الطبيعة البشرية السليمة.وهو يدخل في باب الشذوذ الفكري و الأخلاقي و النفسي و الاجتماعي. والأديان السماوية الثلاث تنبذه وتعتبره من الفواحش الكبيرة(أي من الكبائر).
3()ترافق هذا كله مع عرض الفلم المغربي لنبيل عيوش (الزين اللي فيك) Much love ،و الذي يعالج فيه المخرج ظاهرة الدعارة بالمغرب ،في نظر بعض المغاربة.
كل هذا الصخب ،صاحبه عزم « المثليين الجنسيين » les homosexuels المغاربة، على النزوح من مراكش إلى اكادير للاحتجاج على تضييق (الحريات عليهم) و المطالبة بالاعتراف بهويتهم المختلفة..
وقد رافق هذا مناصرة كثير من الجمعيات في العالم الغربي و المغربي، لما حدث بالمغرب .بل إن بعض الجمعيات الأمريكية التي ناصرت المغنية الأمريكية بنت بلدهم، و أبدت التهكم على شخصيتنا المغربية المحافظة و على عقليتنا المتحجرة التي ترجع إلى القرون الوسطى،التي لا تقبل هذه الأشكال التعبيرية،و لا تقبل تواجد المثليين، و لا تسعى إلى الدفاع عن حقوقهم في الاختلاف،وحقوقهم الإنسانية الكاملة و المطلقة التي لا تقبل التجزيء. و الحق في الاختلاف و لو باللباس أو أشياء أخرى من أسس الحرية المطلقة عندهم،و يحرسها القانون و يدافع عنها.
و يعتبر المغرب واحدا من البلدان التي وقعت بالأحرف الأولى على وثيقة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا،و على حقوق الإنسان الأخرى المتعلقة بالعقيدة و التي جاءت في القرار الاممي كما يلي: ((حق الفرد في حرية الفكر و الوجدان و الدين،بما يشمل حريته في أن يكون له دين أو معتقد أو من يعتنق دينا أو معتقدا يختاره بنفسه ،وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعلم و الممارسة و التعبد و إقامة الشعائر بمفرده أو مع جماعة و أمام الملا أو على حدة بما في ذلك حقه في تغيير دينه »….و لا يخفى استغلال الجماعات التبشيرية لهذه النقطة بالذات، من اجل دفع الشباب و تشجيعهم على التخلي عن دينهم و اعتناق المسيحية ،أو على الأقل التشكيك في المعتقدات ثم الإلحاد كخطوة أولى في انتظار استقطابه بمغريات شتى إلى المسيحية…و قد وجدت القنوات التبشيرية بالمسيحية أنصارا في فئات الشباب الذين ليس لهم ثقافة دينية عميقة بدينهم.واعتمدت القنوات التبشيرية على التناقضات التي جاءت عند رواة الأحاديث و كتاب السيرة و أصحاب الفتاوى التكفيرية للضرب في الدين و القران و الرسول عليه الصلاة و السلام،و التشكيك في رسالته(القران)…
جلسة البرلمان المغربي ليومه الثلاثاء 09 يونيو 2015لم تخل من إعادة طرح الموضوع من جديد على وزير الإعلام و الاتصال.و انقسم الحضور إلى مؤيد و إلى معارض.بل تعدى الأمر إلى استعمال مصطلحات جسدية و نقلها من سياقها الأصلي و استعمالها في سياق آخر مثلا :العري الثقافي و العري السياسي و العري الفكري.و الأصل في الاستعمال، ما ظهرت به المغنية الأمريكية من ملابس كاشفة و ما قامت به المرأتين الأوروبيتين من تعري لصدريهما و القيام بأفعال نعتبرها هنا في مجتمعنا المغربي، أنها مخلة بالحياء العام و استفزاز للمشاعر الدينية وهجوم مباشر على قيمنا الأخلاقية.
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت إن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
الفريقان، واحد يعتبر العمل لا أخلاقي و مرفوض جملة و تفصيلا، باعتبارنا دولة مسلمة أفرادا و جماعات…هذا ما نادى به حزب الحكومة في شخص وزير الإعلام و الاتصال. وفريق معارض، يدعو إلى الحداثة و العصرنة، و اعتبار ذلك من حقوق الإنسان التي لا ينبغي المساس بها. وان التعدي عليها، يحيلهم إلى الدولة الدينية الدكتاتورية المتطرفة التي تصادر الحريات الفردية /الشخصية و الجماعية…بل إن هذا المهرجان أصبحت له شهرة عالمية.ونسي من قال بهذا انه يمول من مال الشعب الذي ليس له اية رقابة على ماله في ماذا يصرف؟
فالموافق مع الحرية الفردية في مطلقها، والمعارض يعتبرها مسا بالمقدسات الدينية، يجب ان تكون محدودة و محددة لاعتبارات دينية و أخلاقية و اجتماعية…
الدولة العلمانية تسجن الدين في المساجد و الأديرة و الكنائس،وتجعل السياسة هي التدبير الوحيد في المجتمع، فتفصل الدين عن السياسة فصلا تاما.ويراها البعض من المخالفين لها، أنها دولة ملحدة…أما الدولة الدينية فهي تحكم باسم الدين الذي يتغلغل في كل دواليب الدولة و المجتمع… منه تستمد تشريعها و قوانينها المنظمة.
و يبقى السؤال المشروع الذي نطرحه و الذي جاء كعنوان لهذا الموضوع: هل نحن دولة دينية أو دولة علمانية؟
و حتى لو فرضنا جدلا أننا نطبق الدين:فأي دين نطبقه ،هل ما جاء به القران؟؟أم جاء في كتب المحدثين و أصحاب المذاهب المتشعبة و أصحاب الزوايا و الطرق الصوفية و الفرق الدينية التي لا تعد و لا تحصى؟؟ وبذلك نخرق القاعدة الدينية في قول المولى عز وجل((إن الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا لست منهم في شيء،إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون)). من سورة الأنعام الآية 159…
ونختم بقول ربنا الكريم كتعليق و كختم لما نريد أن نقوله أو نفصح عنه و الذي يعبر عن موقف فريق كبير من المغاربة((و لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى و لئن اتبعت أهواءهم بعد إذ جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير)) من سورة البقرة الآية 120.
انجاز :صايم نورالدين
Aucun commentaire