Home»Enseignement»الوزارة تتعمد تجاهل الغموض الذي يلف مناطق التفتيش لتتملص من مسؤولياتها

الوزارة تتعمد تجاهل الغموض الذي يلف مناطق التفتيش لتتملص من مسؤولياتها

0
Shares
PinterestGoogle+

الوزارة تتعمد تجاهل الغموض الذي يلف مناطق التفتيش لتتملص من مسؤولياتها

 

محمد شركي

 

مناطق التفتيش عبارة عن أحواز مفرد حوز ، أو حوزات  مفرد حوزة  ، وهو المكان الذي تكون له حدود  تحده . وقد يطلق عليه أيضا لفظ  الحيز ـ بتسكين الياء أو بكسرها وتضعيفها ـ  وهو فضاء جغرافي طبيعي وبشري في نفس الوقت . ولكل نيابة  مناطق تفتيش  حسب طبيعة التفتيش أولا من حيث كونه تربويا أو غير تربوي. فالتفتيش التربوي هو ما ارتبط بالعملية التعليمية التعلمية  ارتباطا مباشرا ، أما التفتيش غير التربوي فهو ما كان له علاقة غير مباشرة بهذه العملية . والتفتيش التربوي نفسه ينقسم حسب أسلاك التعليم إلى أولي ابتدائي ، وثانوي إعدادي تأهيلي . ومعلوم أنه على رأس العوامل المتحكمة في مناطق التفتيش التربوي عامل الجغرافية البشرية التي  يمثلها المتعلمون والمدرسون  والإداريون  في مختلف أسلاك التعليم ، وهو عامل  يتحكم في عامل الجغرافية  الطبيعية . ومناطق التفتيش تتحكم فيها عوامل أخرى فضلا عن عاملي الجغرافية البشرية والطبيعية ، ذلك أن لكل سلك تعليمي جغرافيته البشرية والطبيعية . فالتعليم الابتدائي  نظرا لضرورته  يشمل الجغرافية الطبيعية الحضرية والقروية،  لهذا تتسع جغرافيته الطبيعية  وتترامي حيثما وجدت الجغرافية البشرية سواء  كثرت أم قلت ، بينما التعليم الثانوي بسلكيه الإعدادي  والتأهيلي تكاد جغرافيته الطبيعية تتركز في المراكز الحضرية  بشكل كبير ، وهو ما يجعل هذه الجغرافية تضيق نسبيا مقارنة مع الجغرافية الطبيعية للتعليم الابتدائي.  وإذا ما كانت الوزارة الوصية عن قطاع التربية تحدد حجم الجغرافية البشرية بالنسبة لبعض مهام مكوناتها كالمدرسين الذين  يحدد  حجم أو عدد تلاميذهم حسب الجغرافية البشرية الموجودة في الجغرافية الطبيعية  ، وكذا الإداريين  حيث  يتحكم عدد التلاميذ في عددهم أيضا  ، فإن الأمر يختلف بالنسبة للمفتشين  سواء التربويين أو غير التربويين حيث لا يوجد نص تشريعي أو تنظيمي  ينص على أن عدد المفتشين مرتبط بعدد المتعلمين  أو حتى بعدد المدرسين ، لهذا تظل مناطق التفتيش غير واضحة الحدود  ، ويلفها الغموض سواء تعلق الأمر بالجغرافية البشرية أو بالجغرافية الطبيعية .ولهذا السبب تتباين مناطق التفتيش بين النيابات ، بل وتتباين داخل النيابة الواحدة بالنسبة لأسلاك التعليم  وللمواد الدراسية  أو التخصصات  أيضا .وهكذا يبقى العامل الوحيد المتحكم في  تحديد مناطق التفتيش  وحدودها هو عامل عدد المفتشين التربويين المتوفر لكل نيابة في كل  سلك ، وفي كل تخصص  ، ولهذا  تتسع مناطق التفتيش  وتضيق  حسب ما يتوفر لديها من مفتشين . وقد توجد أحيانا  في بعض النيابات  مناطق تفتيش  بدون مفتشين   خاصة في التعليم الثانوي ، وتحديدا في بعض التخصصات أو المواد الدراسية الشيء الذي يجعل مناطق التفتيش  تتداخل بين النيابات المختلفة  حيث  يتولى بعض المفتشين  الإشراف على تأطير مناطق تفتيش خارج تراب نياباتهم الأصلية . وإذا كانت هذه الظاهرة تبدو طبيعية بالنسبة لبعض المواد الدراسية أو بعض التخصصات  من قبيل ما يسمى مواد التفتح حيث يقل مدرسو هذه المواد في النيابة الواحدة ، فإن الأمر يختلف عندما يتعلق الأمر بمواد أو تخصصات رئيسية . وبسبب نهج الوزارة سياسة  تعطيل التخطيط المحكم لعقود من السنين فيما يخص التفتيش التربوي  تم إهمال التفكير في توفير العدد الكافي من المفتشين عن طريق  إغلاق مركز تكوين المفتشين ، وتعليق مباريات  ما يسمى التفتيش المباشر وكذا تعليق التكليف بالتفتيش خصوصا في التعليم الثانوي . ومما زاد في الطين بلة كما يقال  زهد الوزارة في أطر التفتيش  وتسريح العديد منهم فيما سمي المغادرة الطوعية ، وهو ما تسبب في اختلال  واضح في عدد أطر التفتيش في بعض جهات الوطن بشكل  كبير. وقد أثر هذا الأمر على مفهوم مناطق التفتيش التي ازدادت غموضا حيث  تعمدت الوزارة حل مشكل النقص الكبير في أطر التفتيش عن طريق إسناد مناطق المغادرين بسبب المغادرة الطوعية أو بسبب إنهاء الخدمة  والإحالة على المعاش أو بسبب الموت إلى من بقي في الخدمة ، الشيء الذي يعني أن مناطق التفتيش ازدادت غموضا ، وصارت رهينة بالمتوفر من أطر التفتيش  ، وتداخلت هذه المناطق بين النيابات ، وصار من الضروري تغيير  انتساب أطر التفتيش لنيابات معينة  حيث اضطرت النيابات التي تعاني من نقص في أطر التفتيش إلى اللجوء إلى أطر غيرها مع انعدام وجود نصوص تشريعية وتنظيمية  تضبط هذه الظاهرة التي خلقها سوء تخطيط الوزارة لعقود من السنين . وأمام شغور مناطق التفتيش في بعض النيابات  يلجأ المسؤولون في الجهات خاصة بعض مديري الأكاديميات إلى أساليب الإغراء بالتعويضات من أجل حمل  بعض أطر التفتيش على تغطيتها إلا أن هذه الأساليب قد تتحول أحيانا إلى  تحايل  مكشوف  حيث تتملص  الأكاديميات  ونياباتها ذات المناطق الشاغرة من أداء التعويضات المناسبة عن التغطية للمفتشين ،فيظل يتردد هؤلاء  يترددون بين النيابات  وأكاديمياتها  من أجل الحصول على مستحقات التغطية ، وهي مستحقات  باتت تخضع للتحايل من أجل النقص من قيمتها  سنة بعد أخرى. ومن الأخطاء التي   يرتكبها  بعض أطر التفتيش هو وقوعهم ضحايا تحايل إدارات الأكاديمية والنيابات  حيث  ترمى إليهم  مهمة تقسيم  مستحقاتهم  عن تغطية المناطق الشاغرة  من أجل خلق الصراع بينهم  ، وهو ما وقع بالفعل في عدة جهات . فعوض أن توفر الوزارة  القدر الكافي من المستحقات الخاصة بتغطية المناطق الشاغرة ، وهو  ما  قد يكفر سوء تخطيطها بالنسبة لقضية توفير العدد الكافي من أطر التفتيش ، فإنها سنويا تنقص من حجم هذه المستحقات حيث صارت  تشغل  بعض أطر التفتيش بنصف أو ثلث مرتباتهم الشهرية ، أو كأنهم صاروا يوفرون  على الوزارة مصاريف  أطر تفتيش كان من المفروض أن توفر لتغطية المناطق الشاغرة . والمؤسف أن بعض أطر التفتيش  الذين تسند إليهم مهمة اقتراح توزيع مستحقات تغطية المناطق الشاغرة  بين المفتشين  ، وهم من النوع الانتهازي  الذي يستغل وجوده في  الهيئة النقابية لجهاز التفتيش ، أو يكون مجرد فضولي حاشر أنفه فيما لا يعنيه  يعبثون بالمستحقات ، ويجعلونها قسمة ضيزي ، و يوفرون للإدارة فرصة التملص من مسؤولية تقسيم المستحقات عن المناطق الشاغرة على المستحقين لها . وقد بلغ الأمر ببعض المرضى بطاعون الطمع من الانتهازيين  أن عمدوا إلى  أجزاء من هذه المستحقات فوزعوها على صنف منهم على حساب  عرق  ومجهودات  الذين تعبوا من أجل تغطية المناطق الشاغرة . ومن المؤسف أيضا أن  الطمع في المستحقات جعل  بعض المفتشين  يتهافتون على تغطية المناطق الشاغرة  بأعداد فوق اللازم ، الشيء  الذي خلق اختلالا في التوزيع العادل للمستحقات ، وخلف استياء كبيرا في أوساط أطر التفتيش المتضررين  من سوء توزيعها، وهو سوء توزيع  يضاف إلى سوء التوزيع التقليدي حين يعتمد أسلوب التوزيع الجزافي على كل الأطر المحسوبة على التفتيش سواء كان تفتيشا تربويا أم غير تربوي حيث يتساوى في التعويضات  من  جد وتعب  بحكم شواهد الجغرافية البشرية والطبيعية الناطقة  مع من  لم  ينفق  ولو مجرد قطرة  عرق  واحدة ، وهو يأكل في بطنه نار العاجلة قبل نار الآخرة . ولقد صار ميدان التفتيش في حكم السائب حيث  صار ولوج إطار التفتيش في متناول كل من هب ودب  حيث يكفي  أن يقضي بعضهم مدة زمنية في إطار من الأطر ثم يصير بعد ذلك مفتشا بدون مباراة ولا تكوين ولا هم  يحزنون ، ومع ذلك يتنطع بصلف كبير ويكذب على نفسه معتقدا أنه بالفعل  مفتشا ، ولسان حاله في قرارة نفسه :  » الله يلعن الكاذب واش أنت مفتش  بالصح  » . وأمام تنامي ما أسميه ظاهرة السطو على إطار مفتش  أقترح على المفتشين  التربويين تغيير اسم إطارهم من مفتشين إلى مصاحبين للعملية التعليمية التعلمية  أو غير ذلك من التسميات  ليبقى  أشباه المفتشين في حالة شرود مكشوفة . ولقد كسد سوق التفتيش  أيضا حتى صار بعض من لا علاقة لهم بالتفتيش  أصلا مفتشين  صوريين أيضا في غفلة من الزمان  يطالبون بما للمفتشين من حقوق ومستحقات ، بل هم أول من يحصل على ما لا ينبغي وما لا يحق لهم لو أن الأمور كانت مضبوطة بالنصوص التشريعية والتنظيمية  ، لأن  الوزارة الوصية  صارت  « دار خالي موح غي كول وروح  »  كما يقول المثل العامي .  وأخيرا لا بد من الإشارة  إلى  أن  غموض مفهوم مناطق التفتيش التربوي  يعتبر سببا رئيسيا في  تحول الحركة الانتقالية للمفتشين  التربويين إلى حركة صورية فارغة من أية دلالة حيث  أصبح المفتشون التربويون  يعينون في  معظم النيابات مدى الحياة خلاف باقي أطر المنظومة التربوية . وفي نهاية هذا المقال  أدعو  كل مفتش غيور ألا  يسمح  بأن يكون لعبة في يد الوزارة ، وأن يترك الوزارة الشاطرة وجها لوجه أمام المناطق الشاغرة  ابتداء من الموسم القادم ،  وألا يقبل التغطية مهما كان حجم إغراءات التعويض عن التغطية  ردا على عبثها ، وعلى سابق  إساءتها لجهاز التفتيش التربوي ، ومن أجل كرامة  أطر هذا الجهاز . ومن أراد الذل والهوان أسأل الله عز وجل أن  يلبسه رداءه  في عاجله وآجله .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *