مما لا شك فيه ان اللغة تعتبر احدى المكونات الاساسيةلثقافة الشعوب ، و تعد اللغة الام الطريق السهل للاتصال مع المحيط ، فهي احدى المسائل الناجعة التي تسمح بالتماسك و الالتحام بين عناصر المجتمع رغم اختلاف مصالحها و اصولها الطبقية و من هذا المنطق نجد السلطات الفرنسية قد وعت منذ دخولها الى المغرب بكل هذه الابعاد ، و هذا من دون شك ما جعلها تفكر في وضع استراتيجيةتسمح بمواجهة اللغات المتداولة بالمغرب سواء منها الامازيغية و العربية ، و يصير تنفيذ هذه الاستراتيجية في دورية بعث بها المرشال ليوطي في يونيو 1921 الى رؤساء المناطق المدنيةو العسكرية التابعة لسلطات الحماية بالمغرب .

يقول اليوطي في شأن اللغة : من الناحية اللغوية علينا ان نعمل على الانتقال مباشرة من البربرية الى الفرنسية : … فليس علينا ان نعلم العربية للسكان الذين امتنعوا دائما على تعلمها ، ان العربية عامل من عوامل نشر الإسلام ، لان هذه اللغة يتم تعلمها بواسطة القرأن ، بينما تقتضي مصلحتنا ان نطور البربر خارج اطار الإسلام .

و مباشرة بعد اصدار دورية ليوطي بتاريخ 16 يونيو1921 ، بجد موريس لوجي ينشر مقاله لهذا التوجه و ذلك في غشت من نفس السنة يقول : ان التعريب سيقود البربر الى إسلام تام و نهائي و هو ما نرفضه –كتلة إسلامية منسجمة لا نظير لها- … فاذا تعلم المغربي المتبربر العربية سيكون ذلك على يدنا … هم قضيتنا العميق ، و المشروع يرفض علينا ان يتم تطوير سكان الجبال باللغة الفرنسية المعبرة عن فكرنا … علينا ان نقلع في كل مكان عن الحديث باللغة العربية و اعطاء الاوامر بالفرنسية الى قوم مجبورون على فهمنا و اجابتنا … و ليس هذا بدافع عاطفي محض و لكن بدافع فهم واضح و مقبول للهدف المبتغى و النتائج المتوخات لصالح قضيتنا .

و باتباع سياسة فرنسية استطاعت سلطات الحماية في فترة تقل عن 20 سنة ان تجعل كل الادارات تشتغل باللغة الفرنسية ، و جعلت اغلب المواد بالفرنسية باستثناءالمواد الدينية ، وقد بلغت هذه السياسة اوجها سنة 1930 عندما اصدرت فرنسا ظهيرا ينص على احداث مدارس في المناطق الاهلية بالعنصر الامازغي اطلق عليها اسم المدارس الفرنسية البربرية ثانوية طارق ابن زياد بازرونموذجا ، و كان هذا الظهير البربري يدخل بدوره ضمن السياسة العامةالفرنسية لمحاربة كل من شانه ان يودي الى تقوية التماسك بين عناصر المكونة للشعب المغربي…… يتبع

كتابي محمد تاوريرت