مذكرة الزمن المدرسي / عندما يصبح الكلام عن المدرس كله مآسي ومقاسي
كنت أهيئ لمقال صريح فاضح لكل التجاوزات والمراوغات التي اعترت التقليص من المنح الدراسية.فوجدتني أرجئه لأساهم وفق قناعتي في الحديث عن اليوم العالمي للمدرس . يوم خصص للاعتراف بالجميل لرجال أعدوا أجيال المستقبل, بل ليس هناك متعلم إلا ومر عبر قنواتهم العلمية وارتوى من معارفهم الفكرية.الكثير منهم يعترف بفضلهم ,والقليل ممن تنكر لهم.
أذكر أنني حضرت يوما لقاء بمقر الأكاديمية للتعريف حينها بالبرنامج الاستعجالي الذي كان لا يزال في المهد ,حضره ممثلو الوزارة من أعضاء المجلس الأعلى للتعليم مدعين أنهم وقفوا على اختلالات التعليم ونقائصه ,وأنهم أعدوا تقريرا شاملا كاملا,والذين حينها حاولوا ولا زالوا يحاولون تلفيق التهم برجل التعليم كونه تراجع عن دوره وساهم في تردي المستويات .وكان من بين الحاضرين السيد بلقاسمي محدين مدير الحياة المدرسية بالوزارة حينها,الرجل الشاب المجد الصادق,بدليل أنه أزيح من منصبه بعد ذلك.لم تفت الفرصة أن ذكرت السيد بلقاسمي ابن مدينة أحفير بأساتذته الذين كان بعضهم حاضرا في اللقاء والذين تتلمذ على أيديهم وتخرج من مدرستهم, ليصبحوا اليوم موضع اتهامات.وفعلا برمج المجلس الأعلى للتعليم دورته للسنة الماضية للمدرس ليعد تقريرا أيما تقرير.ولكم في مذكرة الزمن المدرسي مثال على ذلك.
ان المدرس مكرم من نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم عندما اعتبر علمه صدقة جارية ولو أن العلم مختلف يبقى المدرس حامل رسالة كلما أخلص في توصيلها كلما كان عمله خالدا وأجره ماجدا. مدرس شاب ملأه الشيب بين أجيال عبرت وأجيال لا زالت. كان موضع كل الاهتمام وأصبح حديثا للاتهام.مرة ينزلون عليه بوابل من الاهانات ومرة يلوحون بما له من أدوار ودوريات.
لو أراد الساهرون على التعليم تكريم المدرس لكان عليهم تحقيق ما يلي:
– إنصافه من حيف الحركات الانتقالية التي ينتقل بها من لا يستحق ان ينتقل ويبرح مكانه من دام حاله وساء مآله.
– إنصافه من ترقية رقت من تخرج بعده بسنين وأعوام,من امتحان كله مهانة وانتقام.ومن ترقيات كلها مصالح لأقوام.
– إنصافه من تعيينات لا تراعي أولويات بقدر ما تقوم على قيمتك بين النقابات.
– إنصافه بإشراكه في كل الاقتراحات من إصلاحات وقرارات وتوجيهات وكتب أو كتيبات.
– إنصافه بالاعتراف له بمجهوده عندما يحقق نتائج متميزة, وليس السطو عليها ونسبها لمسئولين بعيدين عن مجال القسم.
ان الكثير من المدرسين يعملون في الفيافي لسنين وأعوام ,حتى التحق بهم تلامذتهم وعملوا معهم سنة واحدة ثم غادروا وانتقلوا.أهناك إحباط أكثر من هذا؟مدرس ألقي به في فرعيات جرداء لا ملاذ له ولا سكن يستقر فيه ,ولا تعويض يهون عليه الهم وينسيه.مدرس لا يشكر مهما عمل ولو بكلمة طيبة.مدرس لا يثق في إدارة تنقل المتهاونين وترقيهم ,وتسيء الى المجدين ولا تواسيهم.مدرس يرى بعض من لا يحضر الا عند التوقيع ,ومن لا يحضر حتى التوقيع,والبعض الآخر يحاسب محاسبة القطيع.مدرس يطلب منه المساهمة في دعم التلاميذ والوزارة غارقة في الأموال, تعبث بها كيف تشاء ,ولا تحفزه كيف ما شاء.
ان الكلام عن المدرس كله مآسي ومقاسي . فقد ثقته في الجميع ,وتراجع عن دوره لتراجع الجميع . مخططون يخططون ما لا يفعلون, ومدبرون لا هم بالمدبرين ولا بالمسيرين. الكل ينهش ,والكل يقول ما لا يفعل .مجتمع عجيب وتعليم غريب.
3 Comments
نحن في انتظار مقالك عن التقليص الذي شاب منح التلاميذ الدخليين بسبب التدبير اللامعقلن لأصحاب الأمور في الجهة الشرقية ، والذين وضعواأنفسهم فوق القانون الذي شرع و نوقش على أعلى مستوى . و بذلك تحولت المنح إلى محن .
و شكرا مسبقا على المقال .
و الله أصبت لقد عبرت عن اراء العديد من الاساتذة و المهتمين
معذرة للقارئ الكريمو كون هذا العنوان لمقال آخر وعنوان هذا المقال هو »اليوم العالمي للمدرس….هل ؟؟؟؟هو فعلا تكريم للمدرس