Home»International»تعاقب البشر على عمارة الأرض لا يعني استنساخ اللاحق منهم السابق

تعاقب البشر على عمارة الأرض لا يعني استنساخ اللاحق منهم السابق

0
Shares
PinterestGoogle+

تعاقب البشر على عمارة الأرض لا يعني استنساخ اللاحق منهم السابق

محمد شركي

عملا بمقولة   » المناسبة شرط « ، فإن حلول  ما يسمي بالسنة الأمازيغية يجعل المواطن المغربي يتساءل عن القصد من تقويم ثالث يضاف إلى  تقويم ميلادي يؤرخ  بحدث مولد نبي الله المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، وآخر هجري يؤرخ بحدث هجرة خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم .

ومقابل وضوح حدثي التقويم  الميلادي، والتقويم الهجري ،يسود الغموض حدث التقويم الأمازيغي ، فهو تارة حلول السنة الفلاحية ،وأخرى وصول شيشنق، وهو قائد عسكري في العهد الفرعوني إلى منصب الفرعون في مصر ، ويقال أنه من أصل ليبي استوطنت أسرته مصر أو تمصّرت أجيال متعاقبة .

وإذا قورن الحدثان حدث ميلاد المسيح عليه السلام ، وحدث هجرة نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام بحدث طبيعي يتكرر كل سنة أو بحدث وصول قائد عسكري ليبي إلى منصب الفرعون في مصر ، وهو أيضا أمر عادي ومألوف  إذ يحفل التاريخ بأحداث وصول قادة عسكريين إلى قيادة أمصار يدخلونها غزاة  محاربين أو دون غزو ، ونذكر منهم  على سبيل المثال لا الحصر ذا القرنين الذي يقال أنه فارسي ، وطارق بن زياد  الأمازيغي ، وصلاح الدين الأيوبي الكردي ، فإننا لا نجد لحدث التقويم الأمازيغي سواء كان السنة الفلاحية أو كان وصول شيشنق إلى عرش الفرعون ، أو هما معا  ما لحدثي التقويم الميلادي والهجري من شهرة، وأهمية  نظرا لارتباطهما بنبيّين كريمين الأول كان ميلاده معجزة لم ولن يعرف التاريخ البشري مثلها ، والثاني  هو خاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام، المبعوث رحمة للعالمين بين يدي الساعة أو نهاية العالم .

ومهما يكن حدث تبرير اعتماد التقويم الأمازيغي  سواء تعلق  بفترة من فترات  فصول السنة التي تتكرر منذ خلق الله تعالى الأرض ،أو تعلق بحكم  أمصار كمصر ، وقد حكمتها سلالات بشرية  متعددة ، فلا شيء مقنع في الحدثين معا للتأريخ بهما إلا  أن يكون  الغرض من ذلك ليس التأريخ المحض، بل هدف آخر ، ويبدو أن هذا الهدف طالما جهر به دعاة التوجه العرقي ألملزيغي في دول الشمال الإفريقي الذين يريدون استنساخ فترات تاريخية عفا عنها الزمن ، وبعثها من جديد على حساب ما تلاها من فترات  بما فيها الآنية ، وذلك من أجل طمس معالمها ، علما بأن الناموس الإلهي هو أن تتعاقب الأجيال على استعمار الأرض دون أن يستنسخ اللاحق منها السابق عليه،  ويتذرع بذلك لفرض وجوده أو سلطته بحجة  هذا الاستنساخ الواهية ، والمخالفة للمنطق السليم إذ لو صحت لظلت الأمم البائدة موجودة على الدوام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، ولما وجدت أمم تخلفها  وتعقبها.

ومعلوم أن هذا الاستنساخ تكون وراءه نوايا مبيتة كما هو الشأن بالنسبة للصهاينة الذين احتلوا أرض فلسطين ،وفيها شعبها الذي له أسلاف مروا بها  محاولين تبرير ذلك بأنهم باحتلالهم  لها إنما يستردون  ما كان ملكا لأسلافهم على ما بين هؤلاء وأولئك من بون شاسع بشريا وتاريخيا إذ لا علاقة لأنبياء الله موسى ،وداود ،وسليمان عليهم السلام  بالحركة الصهيونية ذات الأطماع  الفاضحة في امتلاك  فلسطين وما جاورها وحتى ما بَعُد عنها  من أجل وضع اليد على مقدراتها. و هذه المحاولة  الصهيونية لاستنساخ الماضي في غاية التهافت ،لأنها تحلم بإيقاف عجلة الزمن ، وتغيير الناموس الإلهي الذي  قوامه تعاقب الأمم والشعوب تباعا كما قص علينا ذلك القرآن  الكريم إذ لا يمكن أن تستمر في الوجود أمة أكثر مما كتب لها الله تعالى ، وبناء على هذا لا يمكن أن تتدعي أمة لاحقة  وراثة أمة سابقة  زمنيا عليها بقرون عديدة . ولو جرى العمل بالاستنساخ الصهيوني للتاريخ لتغير وضع عالم اليوم ، ولساد الغزو والحروب الطاحنة  بين الأمم  تبيد القوية  منها الضعيفة  ظلما وعدوانا .

وليس الصهاينة وحدهم من يلوحون بهذا الاستنساخ، بل هناك العديد من الأعراق في المعمور تلوح به من أجل واقع فيه كان وانتهى وفق السنن الإلهية الكونية .

والذين طالبوا باعتماد التأريخ  أو التقويم الأمازيغي مع التاريخين الميلادي والهجري، لم يفعلوا ذلك  لمجرد إضافة تأريخ لأسباب ثقافية ،بل فيهم من يصرح جهارا نهارا ، وبكل سبق إصرار أن العرب الذين جاءوا إلى الشمال الإفريقي بدين الإسلام غزاة كباقي الغزاة الذين تناوبوا على غزوه ، وأنه لا بد من استنساخ ما كان قبل دخول الإسلام إليه ، وهي ذريعة لا تختلف عن ذرائع أعراق أخرى كما هو الحال على سبيل المثال لا الحصر بالنسبة للعرق الكردي .

ومعلوم أن رسالة الإسلام الخاتمة ، والموجهة للبشرية إلى قيام الساعة، قد جعلت لها نسبا يتجاوز النسب العرقي نظرا لاختلاف الأعراق، وهو نسب تقوى الله عز وجل القائل في محكم التنزيل : (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ))، وفي هذا نسف واضح وصريح لذريعة الاستنساخ  العرقي. والله تعالى خلق البشر مختلفة أعراقهم ، ألوانهم|، وألسنتهم ، وعاداتهم وتقاليدهم ، وهم  كلهم سواسية عنده في العبودية ، والمخلوقية . ولا يوجد ما يمنع اختلاط  أعراقهم  اختلاطا تنتج عنه أنساب جديدة  لكنها غير مستنسخة.

ولهذا لا مانع من أن يكون حلول السنة الفلاحية عادة ، وثقافية  للمغاربة على اختلاف أعراقهم يحتفلون بها ، ويصيبون  فيها  ما لذ من  فواكه جافة أو مكسرات وغيرها من الأطعمة بنية الاستمتاع بها دون نية أخرى كما هو الحال في المنطقة الشرقية  من وطننا ، دون حشر لتاريخ بعيد قد ولّى ، ومحاولة استنساخه لأهداف مريبة أو حتى مبيتة  يراد من ورائها بعث النزعات العرقية والعصبية، والمهددة للحمة الوطنية ، وللرابطة الإسلامية ، ولنسب تقوى الله عز وجل الذي رفعه فوق كل نسب عرقي .

وأخيرا أعلم أن مقالي هذا لن يرضي البعض خصوصا المتعصبين للعرق الأمازيغي ،لهذا أؤكد لهم أنني أمازيغي أبا عن جد ،  لهذا لا يزايدنّ علي أحد في أمازيغيتي إلا أنني متشبث بما أمر الله تعالى التشبث به ،وهو تقواه رغبة  في تكريمه ، وفي رضاه ، وهو سبحانه وراء القصد .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *