تجديد الرؤية اللغوية من منظور نظرية كراشن:الجزء 5
تجديد الرؤية اللغوية من منظور نظرية كراشن:
نحو درس لغوي عربي حديث بمقاربات متعددة.
الجزء5
3- مقاربة الجهاز الضابط أو المنظم لكراشن:
تؤمن التدريسية الأمريكية للدرس اللغوي لستيفن كراشن ،بحقيقة مؤداها أن » اللغة لسان وثقافة « ، ومعادلها « التداولية بين الدالية والدلالية » ، لهذا اللغة تكتسب بالاستماع والقراءة على قاعدة الفهم المجاوز،والتواصل الأفقي والعمودي ،وتتعلم باستيعاب وحدات المعجم ، وتحصيل القواعد التعليمية دون علل قياسية أو علل جدلية في النظر العقلي ،من خلال تعامل عرفاني و ربط ماوراء عرفاني، بين متعلم اللغة والمجتمع اللغوي وثقافته ،وضبط العلاقة بين التعلم التلقائي اللاشعوري والتعلم الموجه الإرادي؛ لتكون المحادثة والكتابة والكتابية مخرجاتها الخالصة، إنه الانتقال من النهج السلوكي، الذي كان يعتبر التعلم استجابة لمثيرات مبرمجة، تغير السلوك وتشحذ الدافعية ؛ لتجعل للظروف الحافة بالتعلم أثرا في التحصيل ، إلى المسلك البنائي حيث المتعلم فاعل في حدوث تعلم سليقي، وتعلم صريح، وتعلم ضمني ،وتعلم متضمن ، منسجم مع نموه وخبراته، في إطار دافعية وسيلية تتوخى من تعلم اللغة تحسين الوضع الدراسي والوظيفي، ودافعية تكاملية تنشد الاندماج في الثقافة المجتمعية ، وتفاعل مغل مع المحيط يرتكز على الاستقلالية والذاتية، والتمثل الصحيح والملاءمة مع الهدف العائق، من خلال الانتقال بالمتعلم من الحالة الطبيعية إلى الحالة الثقافية، والتكيف مع الوضعيات المشكلة ، في أفق البحث عن الأجوبة :
عم يتحدث ؟ لمن ؟ متى ؟ أين ؟ بأية طريقة ؟
حيث يحضر نشاط الحواروالمحادثة، حول صورة أو شريط صوتي، أو موقف اجتماعي معاش في مستهل الدرس اللغوي ،ويتخلل سيروراته ضمن متوالية لغوية، تروم تحديد السياقات اللغوية في مرحلة أولى، والتعرف على الظاهرة اللغوية المقصودة وعلاماتها ومكوناتها والغرض من استعمالها في مراحل لاحقة، وذلك بتحدي الأذهان بمسائل لغوية تتطلب حلا ووعيا بها، دون إغراق في التخطيط والتأصيل اللغويين، على طريق خلق المناخ الملائم والفضاء المواتي للتشغيل ،غير الواعي والواعي للنظام اللغوي، في أنماط كتابية متنوعة، مخرجاتها تلخيص، أو وصف، أو سرد أواستدلال ،أوتعليق، أو تعقيب أو عرض أو إنتاج…
لهذا يقترح كراشن، متوالية ديداكتيكية تحقق أهداف المهمة في ثلاثة أزمنة حاسمة ،ترتكز على قاعدة « باريتو » الإيطالي : »عشرين في المائة مقابل ثمانين في المائة »، أي عشرين في المائة من الأنشطة المتقنة تحقق ثمانين في المائة من النتائج المتوخاة، بفضل تخصيص عشرين في المائة من زمن التعلم للمدرس، وثمانين في المائة للمتعلمين :
أ- زمن تلقي المدخل في إطار تحفيزي:
إذ يتم عرض مستمر ثم متوقف، وتقديم النص كاملا ،ثم تقديمه مجزأ؛
لتحقيق التواصل الشخصي للتلميذ ،حيث يشارك في المحادثة ،ويقدم المعلومة، ويعبر عن شعوره ورأيه.
ب- زمن إنجاز أفعال دون وعي:
وخلال هذه المرحلة، نروم انتقاء عفويا لأساليب أو تراكيب أو مفردات موضوع المهمة، حيث يتواصل المعلم والمتعلم مع النص بالتفسيروفهم لغته، وموضوعاتها مكتوبة كانت أو محكية ، فيقدم التلميذ المعلومات والمفاهيم والأفكار،إلى التلاميذ مستمعين أو قراء.
ج- زمن التواصل بوعي مع الموارد اللغوية:
وفي هذه المحطة، نسعى إلى استخدام اللغة المتعلمة لاستقصاء واستنباط الثقافة، من خلال إظهار الفهم للعلاقة بين الثقافة النظرية والتطبيقية للغة محل الدرس، والنتائج المتوصل إليها والمنطلقات النظرية ،على طريق إجراء المقارنة اللغوية بين اللغة الثانية (العربية ) واللغة الأم (العامية أو الأمازيغية ) ،وتمهير المتعلم على التفكير داخل لغة الثقافة المتعلمة، والموازنة بين ثقافته الأصلية وثقافة اللغة الثانية، في اتجاه تيسير الاندماج في مجتمع متعدد اللغات، والتفاعل مع أعضائه ؛لتجعل اللغة التلميذ « معولما » ،أي متفاعلا مع العالم الخارجي، وتحيل التواصل إلى « معولم »؛ لتعلم اللغة باستمرار دون الارتباط بهدف قريب أومعين ،حيث تستحيل اللغة إلى مهارات مدى الحياة، تيسر استعمال اللغة داخل فضاء المدرسة، وتجعل تعلمها متعة يغني شخصية المتعلم ،من خلال عرض مواضيع من صميم انشغالاته واهتماماته وميولاته ، تطور فكره النقدي اللغوي والمعجمي، وتوسع نطاق المعرفة نحو آفاق أرحب، أكثر انفتاحا على فروع المعرفة وتخصصات مجاورة أو موازية ، تساعد على البحث والتقييم .
Aucun commentaire