لــعـــنة ســاركـــوزي تلاحــق الــجــزائــر
مــحـمـد سـعـدونــي
من المؤكد أن فتح صفحات الماضي لأي بلد هو قبل كل شيء عادة دأب عليها ساسة أمريكا وأوروبا في تقاريرهم السنوية ليتجاوزوا الآلام الذاتية – خاصة اتجاه اليهود، والأقليات الإثنية الأخرى إلى ما هو أبعد من الضمير !!!، رغم أنه في الظاهر يبدو سلوكا أخلاقيا لتحريك الضمائر الحية في المجتمعات المتحضرة لمد جسور الثقة والحوار والتواصل بين مختلف الشعوب والأجناس والأديان.
وعلاقة بهذه مقدمة ، يبدو أن ماضي الساسة الجزائريين الحاليين والراحلين، ليس كله أمجاد وبطولات كما يزعم الإعلام الرسمي الجزائري لاستلهام « الخاوا » واستنهاض هممهم، بل هو كله أوزار أصبحت تعيق كاهل حاضر الشعب الجزائري وتثقل خطاه نحو المستقبل. وهو أيضا لعنة ما زالت تلاحق أجيال الجزائر عبر الزمن، ولذلك تتولد الرغبة باستمرار لدى العسكر الجزائري بضرورة العمل على دفن ذلك لماضي الجاثم على الصدور كالكوابيس المزعجة بدأ من التعامل سرا مع المستعمر الفرنسي، ومقاومته في العلن، وما جاء في مؤتمر الصمومام، وعلاقة الجزائر بالمغرب قبل وبعد الاستقلال 1962، والأخطر هو رواسب الماضي لمكونات الشعب الجزائري والتي ما زالت ترخي بظلالها على النظام الجزائري .
إن ما حدث من مصالحة تاريخية مع الماضي في المغرب بعد 1956لمثال ساطع على نبل رغبة جلالة الملك السلطان محمد الخامس طيب الله ثراه في التجاوز والتأسيس لمجتمع متكافئ سياسيا رغم المعيقات الاجتماعية والاقتصادية التي كانت تنشب أظافرها في خاصرة المسيرة الطويلة للمملكة المغربية الشريفة، في حين فإن الشعب الجزائري الذي عانى طويلا من استعمار ناري وميز عنصري مُؤَسسا ومُبَررا قانونا ودستورا على يد أقلية أوروببية استوطنت الأرض واستعبدت الإنسان، هذا الاستعمار وبدل أن يمد يد الصفح إلى الشعب الجزائري، سلمه إلى جلاد من جلدته في مشهد تاريخي مخزي لم يتوقف عند عتبة العتاب والبكاء، بل تخطاها إلى مستوى الممارسة الديكتاتورية والحكرة. إنهم كابورلات فرنسا الذين يصنعون الرؤساء للشعب الجزائري، وحزبهم المنبوذ . هذا هو الدرس الديموقراطي الذي يأتينا من قاع قصر المرادية .
فرنسا الحاملة لشعلة التمدن والتحضر على مدى القرون، والتي أرادت من الشعب الجزائري والشعب المغربي والشعب التونسي أن يدوبوا في ذاكرتها الجماعية ، فصعب علينا التخلص منها بسهولة. هناك قضية حقوق الانسان « الفركوفوني » المهيمن على كل شيء في المغرب … وقضية طرد اليهود من الجزائر سنة 1943 إلى معسكرات النازيين … وبعد سنة 1962، وغيرها من الشواهد التي تعاند الطي وتصر لعنتها على ملاحقة حاضر » الخــاوا » بلا رحمة.
وإذا كانت ألمانيا والغرب بصفة عامة قد توصلوا بشكل من الأشكال، وتحت ضغوط الصهيونية عبر العالم إلى صيغ للتعامل مع ملف اليهود ، فإن باقي ملفات أخرى في الجزائر طفت إلى السطح بسبب سياسة العسكر الجزائري الرعناء والتي ما زالت تنتظر حلولا خطيرة من صناع القرار في « مؤسسة بان كي بون والأمم المتحدة ، للأخذ بنفس معايير التعامل مع الملف اليهودي، خاصة بعدما اشتدت هجمات الإعلام الإسرائيلي على الجزائر مطالبا إياها بتقديم تقرير مفصل عن مصير اليهود الجزائريين الذين تم ترحيلهم إلى معسكرات التجمع في بولاندة وألمانيا سنة 1943، وكذا الافراج عن مستحقات اليهود الذين تركوا الجزائر كرها بعد سنة 1962 والتي تقدر حسب مصادر إسرائيلية ب 20 مليار دولارْ، أما إرهاصات هذه الحملة وكما جاء في الاعلام الجزائري « (( الإعلام اليهودي ( يقصدون الاعلام الاسرائيلي) يتحامل على الجزائر)) تكون قد بدأت مع الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي خلال زيارة ودية لتونس، حينها صرح أنه من سوء حظ تونس أنها توجد بين نظامين ديكاتوريين ( يقصد ليبيا والجزائر)، فجاء رد الجزائر سريعا وعنيفا على لسان الوزير الجزائري المتعدد الوزارات عبد القادر مساهل ، والذي عَــير ساركوزي بيهوديته البلغارية، مما اعتبره العديد من المتتبعين بأنه موقف غير لائق وغير لبق وتصريح غير مسؤول من وزير جزائري، لأن هذا التعبير أساء إلى العديد من يهود العالم الذين يتعاطفون مع القضية الفلسطينية ويعتزون بكونهم يهود ترعرعــوا في أوطان عربية بدون حيف أو ميز عنصري كما هو الحال في المغرب وفي تونس. فهل » على أهلها جنت براقــِـشْ ؟ » من الجزائر هذه المرة ؟
Aucun commentaire