لن تختار من نسل الكلبة إلا كلبا(جروا)
كانت القبائل العربية لا تجد حرجا في نعت نفسها أو أسماء الأفراد الذين ينتمون لها بأسماء الحيوانات:بني كليب، الثعلبي…بني أسد…أبو هريرة…
و رغم أن للكلاب ميزة واحدة في طريقة التواصل و تبليغ الرسائلles messages للإنسان و الحيوانات الأخرى هي النباح…
و الجاحظ وهو من الموالي ومن المثقفين المسلمين(ليس من أصول عربية بل فارسية)،كتب كتابا في هذا الشأن سماه « الحيوان »،يتحدث فيه عن خصائص كل الحيوانات التي يعرفها أو كتب عنها في مصادر غير عربية، و منها الكلاب و القطط…
يشهد الإنسان و يعترف، أن الكلب حيوان وفي لسيده.حتى أن البعض منها يظل وفيا لسيده بعد مماته(فيديو لكلب ألف أن ينتظر سيده بباب الإدارة التي يشتغل بها، و ظل على هذا الحال بعد وفاة سيده)… و بعض مؤسسات تسجيل الأغاني القديمة وضعت لنفسها شعارا(( صوت سيده، la voix de son maitre و في الصورة :كلب ينصت بإمعان إلى آلة تسجيل قديمة تصدر صوت سيده)).أما القطط فيجمع الناس أنها حيوانات انتهازية بالدرجة الأولى و ليس لها وفاء أو ارتباط عاطفي لأي أو مع بشر…
و بالرغم من وفاء الكلاب لأسيادها، إلا أن ما يسجل عليها أنها لئيمة(لا سلام مع الطعام كما يقول أحباب »الغلقة »).فمن اجل عظمة يمكن أن يقيم الدنيا و لا يقعدها و يعلن الحروب الضروس،و يفتك بالبطون و يكسر العظام…و في الرسوم المتحركة هناك منظر لكلب ينام متوسدا عظمة.
و للكلاب مآرب كثيرة منها أن البعض منها يدرب على التزود من البقال و الجزار و أشياء أخرى…
الكلب حيوان وفي بلا منازع لسيده،و يعيش معه في منزله في الحواضر و يخصص له مكان خاص به، أما البوادي المغربية فالخلاء الرحب هو مكانه حتى ينبح (على راحته متى شاء)… ومن الكلاب من لا تبتعد عن سرير سيدها… و في الأسر ذات الجاه و الثراء،قد تجد لديها أنواعا من الكلاب ذات الفصيلة و النوعية و ذات التخصص:كلاب للزينة و المرافقة و كلاب للصيد و أخرى للحراسة، و بعض منها يدرب على التسوق،أو قيادة الضرير.و لهذا تختلف الكلاب في قيمتها المالية حسب نوعيتها و فصيلتها و مؤهلاتها…
وهي أنواع منها الفتاكة و الشمامة التي تستعمل في اكتشاف المجرمين و المخدرات بل منها ما يستعمل في الحروب و المطاردات أو في الرحلات الفضائية…(في إسرائيل هناك كلاب تثار عند سماعها « الله اكبر » و تستعمل في الانقضاض على الفلسطينيين الذين يكبرون(الله اكبر) في احتجاجاتهم).
و منها الكلاب الضالة و ما أكثرها في البلدان المتخلفة. وهي تقتات من المزابل (مزابل قوم عند قوم موائد و مآدب (من مأدبة)) ومن النفايات المنزلية و القطط الصغيرة المشردة…
لا فرق بين الكلاب المدللة و الكلاب الضالة فهي تشترك في النباح.ورغم ان الكلاب المدللة تزور الطبيب بانتظام،و يختار لها سيدها أكلها من المتاجر الكبرى المصنفة،و يحرص سيدها على إخراجها كل مساء في جولة في المدينة للتخلص من نفاياتها الجسمية، و لكن تبقى كلابا لا تختلف عن الكلاب الضالة المسكينة التي تخضع للمطاردة من البشر…
رغم قيمة الكلب في العائلات الكبيرة، إلا أن لا قيمة له في نظر عامة الناس( أيها الكلب أولاد الكلاب..أكلك متسخ كأكل الكلاب…)هي مفردات من القاموس الاجتماعي لأفراد المجتمع عندما يصعد سلم التوتر بينهم…
ما الفرق بين الإنسان المشرد و الكلب الضال؟ كلاهما ينال حصته الغذائية من النفايات و المزابل،و كلاهما يعرض للاحتقار و السخرية و المطاردة.أليس هناك تقارب في المركز الاجتماعي و القيمة بين الإنسان المشرد و الحيوان المشرد ؟
و لكن هناك فارق كبير بين إنسان و انسان: انسان ولد و في فمه ملعقة من ذهب وانسان آخر ولد و على ظهره عصا من خشب.
بين الإنسان المشرد و الكلب الضال علاقة قمامة،وعلاقة عدم اكتراث الناس بهما و عدم اهتمامهم بحالتهم،وعلاقة تراكم الأوساخ و الطفيليات و الجراثيم على أجسادهما.
المشرد يسمح للأوساخ تتراكم على جسمه و كأن بهذا يحتج سلميا ويبدو مسالما مع المجتمع القاسي الجشع الأناني…و على الوطن الذي ينسى بعضا من مواطنيه..أية مواطنة سيشعر بها هؤلاء الذين ينتمون الى فصيلة الانسان و لكنهم ليسوا بشرا بل متشردون متسكعون في نظر وطنهم، و في نظر من يعتبرون انفسهم أسياد الناس؟
مناسبة الكلام عن الكلاب هو ما أشار إليه سيادة وزير النقل و التجهيز في الحكومة الملتحية الحالية، وهو واحد من مناضليها الشرسين ومن لهم لسان سليط…استعمل لسانه السليط في الحملة الانتخابية بمدينة القنيطرة،و نعت معارضي حزبه و معارضيه بالكلاب التي تنبح.و المعارضون له هم من حزب الميزان و حزب الجرار و المنتقدون لساسة المصباح.فحزب الميزان ينافسه في الشعارات الدينية،و الجرار يقوض دعوته التي يبني عليها في تأسيس مشروعه السياسي و هو الدين. و المنتقدون لا يتركون مناسبة من المناسبات إلا و يخرجون الملفات الساخنة من تحت الطاولة.
حزب المصباح يلبس العباءة الدينية ليمرر مشروعه السياسي،و حزب الجرار يلبس عباءة المعاصرة و التحديث و الديمقراطية لتفويت مشروعه السياسي.
طبعا في الحملة الانتخابية التي مرت ،لوحظ استعمال قاموس لغوي سياسي من نوع خاص.و في هذا القاموس لغة رديئة و مصطلحات سوقية يستعملها بعض الأميين من المواطنين من بائعي السجائر بالتقسيط أو بائعي البيض أو بعض من « المشرملين » …في وقت الذروة (النرفزة)…
السؤال:هل استعمال الألفاظ ذات الرداءة العظمى هو محتوى المشروع السياسي لأحزاب هذه المرحلة التاريخية، و التي بها(الألفاظ الساخنة) سيصلون إلى سدة الحكم، و يتحكمون في رقاب العباد من المغاربة؟
هل هذه الألفاظ السوقية المستعملة في الحملة الانتخابية، ستدخل سوق الجامعة في شعبة الدراسات السياسية و القانونية؟ و يخصص لها مادة خاصة بها تنعت « بقاموس اللغة السياسية »؟؟؟
نعت المعارضين بالكلاب ،يذكرنا بالوزير الصدر الأعظم(وزير الدولة في الداخلية) في عهد الملك الراحل الحسن الثاني الذي كان ينعت المغاربة أجمعين عندما يصدر منهم احتجاج شعبي :ب « البقر » و بلغة الشعب: »albagri«
السؤال إلى السادة الأجلاء من مستعملي القواميس الجافة الملوثة بمياه الصرف الصحي من أصحاب الجاه و الثراء و الكبرياء و الاستعلاء من « السياسيين الكبار »، ويمررون لنا هذه اللغة المنحطة، كشاهدين و مشاهدين و قارئين ،
هو :ما الفرق بين البقر و الكلاب والحمير و البغال و الضباع والذئاب و الثعابين و الجرذان…؟
وهذه اللغة الخاصة بالسياسيين العرب و العالم الثالث نعتبرها قاذورات لغوية تخرج من أفواههم، ومن بعض المدرسين، وبعض الناس الاميين من أسافل القوم، عندما تسخن رؤوسهم.؟؟؟؟
أخيرا من حق الشعوب أن تطالب بارتقاء لغة السياسيين وساسة المجتمع، إلى استعمال لغة مهذبة راقية تكشف عن مستوى من الخلق و التخلق والتربية،و نبتعد عن مقولة « كل إناء بما فيه ينضح « .
بل أن تطالب الشعوب بضرورة أن يطلع كل سياسي و كل إنسان في أي مركز قيادة(سياسي أو تربوي أو عسكري او امني أو اجتماعي)، على سيرة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عدله و طريقة اهتمامه بشؤون المسلمين ليلا و نهارا،و ابتعاده عن شبهة الاقتراب من مال المسلمين خوفا و خشية وحياء من الله سبحانه،و أن يطلعوا على سيرة الخليفة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في علمه و حلمه و حكمته وأدبه وتأدبه مع الناس، و ترفعه عن الصغائر و ثقافته الواسعة و زهده في الدنيا الفانية.
Aucun commentaire