أين نتائج التحقيق في تسريب امتحانات الباكالوريا يا وزارة التربية الوطنية
يوم الأربعاء 09 شتنبر 2015 صادق البرلمان البلجيكي على تشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق حول التسريبات التي عرفتها بعض الامتحانات الاشهادية خلال نهاية الموسم الدراسي الماضي بالمملكة البلجيكية، وأنا أسمع الخبر تذكرت لجنة التحقيق التي شكلتها وزارة التربية الوطنية المغربية حول نفس الموضوع، ويلاحظ أن المسؤولين في بلجيكا أعطوا لأنفسهم الوقت الكافي، ولم يتأثروا بالرأي العام، ولا وردود الفعل السياسية المختلفة خاصة أن الامر يتعلق بنازلة ذات بعد وطني وعالمي يمس مصداقية الشواهد البلجيكية المعروفة بصرامتها ،بالإضافة إلى سمعة البلد أولا وقبل كل شيء، ونظرا لخطورة الظاهرة سلمت مهمة التحقيق لممثلي الامة وبالتالي إشراك ممثلي الشعب في التحقيق وإعلان النتائج، أما في المغرب « فأحمد هو الذي يفرق وأحمد هو الذي يرشم »، فالوزارة ومصالحها المركزية والجهوية هي التي تكلفت بالمهمة ،كأن الامر يتعلق بمسالة داخلية محضة لا تحتاج إلى لجنة برلمانية كما تفعل الدول التي تحترم نفسها، ولحد الان لازال المغاربة ينتظرون نتائج البحث والتقصي ،وإن كنت متيقنا أن النتائج لن تخرج عن التوقعات التالية، فإما أن تكون الوزارة عاجزة عن الوصول إلى نتيجة ملموسة وبالتالي عدم التوصل إلى الجهة أو الجهات التي تقف وراء التسريب خاصة بعد رفض إدارة الفايسبوك التعاون معنا في الموضوع ،فأصبحت وزارتنا تراهن على عامل الزمن وقصر الذاكرة المغربية في خضم انشغال المواطنين بالعطلة الصيفية وشهر رمضان المبارك وعيد الفطر السعيد والدخول المدرسي الذي تزامن مع عيد الاضحى المبارك وما يكلف ذلك من مصاريف تلهي الاسر عن التفكير في أي شيء،و تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها ، دون أن ننسى فاجعة الانتخابات الجماعية والجهوية التي أفرزت تحالفاتها عن نوع جديد من الديموقراطية ، ستدرس في جامعات وكليات الحقوق في العالم الحر, ذلك أن الأحزاب الفائزة في الانتخابات والتي صوت لها المغاربة عبرت عن كرمها الحاتمي وإيثارها وسلمت رئاسة المدن والجهات للأحزاب التي حاسبتها الجماهير وعاقبتها بعدم التصويت لها، بسبب تسيرها الفاشل والسيئ للمدن والقرى، وبالمناسبة والمناسبة شرط ، أقول لأهلي في مدينة وجدة، أن مغاربة العالم قلوبهم معكم و يتابعون باهتمام ملاحمكم ، ويرفضون ذبح الانتقال الديموقراطي بهذا الشكل البشع، أما الاحتمال الثاني، فيمكن أن تكون الوزارة لازالت مستمرة في بحثها وتقصيها السلحفاتي في إطار « لا زربة على اصلاح »، أما التوقع الثالث، فربما تكون الوزارة توصلت إلى الجناة الذين يمكن أن يكونوا من أهل مكة ،لأن أهل مكة أدرى بشعابها ، وأن التقصير لا يمكن أن يكون من خارج الوزارة ومصالحها الخارجية نظرا للمراقبة الشديدة التي تعرفها هذه العملية الوطنية واعتكاف أصحابها وانقطاع الاتصال بهم ، فهي فقط تنتظر الوقت الملائم للكشف عن نتائج هذه التحقيقات ، وسوف تكون كارثة إذا ما تم إقبار القضية أو تقييدها ضد مجهول، لأنه غير مقبول من بلد يملك أجهزة مخابرات ذات كفاءة عالية وتمتاز بمهنيتها تتعلم منها مخابرات الدول المتقدمة، تعجز عن الوصول إلى الجناة الذين يمكنهم أن يكرروا العملية مستقبلا، لهذا نحن كآباء وأمهات نطالب بإعادة النظر في الامتحانات الاشهادية…
إننا نعتقد أن الغش خيانة للنفس وخيانة للآخرين وهو يبدأ في الامتحانات وينتهي إلى كل مناحي الحياة ، فلا شك أن الغش ظاهرة خطيرة وسلوك مشين والغش له صور متعددة وأشكالا متنوعة ابتداء من غش المنتخب لمنتخبيه ومرورا بغش الأب لأهل بيته وانتهاء بغش الموظف والعامل في عمله ،وتعد ظاهرة الغش في الامتحانات والذي أصبح يشكو كثير من المدرسين والتربويين من انتشاره ليس على مستوى التعليم الابتدائي فحسب بل تجاوزتها إلى المرحلة الثانوية أو الجامعية ….وفي إطار عملية التحسيس التي قامت بها وزارة التربية الوطنية قبيل اجتياز شهادة الباكلوريا ليونية 2015، اتصل بي أحد صحافي إذاعة وجدة الجهوية ، وطلب مني ما مدى مساهمة النسيج الجمعي للآباء في هذه العملية، فتفاجأ محاوري ونحن على المباشر من ردودي حيث كنت صريحا معه، وأخبرته بأننا الجمعيات ليست بوقا للوزارة، وكمسؤول جمعوي لم ولن نشارك في هذه « الحيحة »،ونرى فيها حملة تخويف وإرهاب أكثر منها حملة تحسيس، لان التحسيس يبدأ من بداية السنة إلى نهايتها وأن التربية على الاخلاق والمبادئ يتم خلال طول المسار التعليمي للتلاميذ، ولا يجب انتظار اقتراب الامتحانات الاشهادية المفصلية في حياة ابناءنا لإظهار » حنة اليد » في وقت يحتاج فيها أبناؤنا إلى الدعم النفسي والبيداغوجي، وأكد تفجر فضيحة تسرب مواضيع الباكلوريا صواب تصورنا، ودقة وجهة نظرنا، لأن بعد ذلك عم اليأس نفوس التلاميذ والأسر والمراقبون وأصبح الغش « أعلى عينك يا بنعدي »…
أظن أن بعد 39 سنة من الممارسة الصفية ، ومرورا بكل الاسلاك التعليمية من الابتدائي إلى التعليم الثانوي، يمكن أن أجزم أن وزارة التربية الوطنية مأسسة عملية الغش في الامتحانات وحضنتها ورعتها من خلال خرائطها المدرسية المفصل بمقص « عمي بلخير »، فالتلميذ المغربي الوحيد في العالم الذي يجتاز امتحان إشهاديا واحدا، بدلا من ثلاث على الأقل، ذلك أن عدد من الأساتذة الذين يقومون بالحراسة في الأقسام الابتدائية والاعدادية يلجؤون إلى إملاء الأجوبة الصحيحة على التلاميذ، وهناك منهم من يعمد إلى كتابة بعض الأجوبة على السبورة حتى ينقلها جميع التلاميذ، أو يدبج الجواب الصحيح للتلاميذ الذين وجدوا صعوبة في الأجوبة من أجل النفخ في النقط، وتضخيمها والحصول على معدلات مرتفعة تعطي صورة مغشوشة عن المدرسة، إن المخزن التربوي يغض الطرف على هذه الممارسات لتحقيق « التعميم » المزيف، ويذهب إلى أكثر من ذلك بتحديد عتبة النجاح في 10/02 على مستوى التعليم الابتدائي و10/07 أو أقل على المستوى الاعدادي، كأنه يقول للتلاميذ انقلوا وحرزوا ما شئتم في الامتحانات الاشهادية الابتدائية والاعدادية ،لأن المصلحة مشتركة ، لتحسين ترتيبنا في مؤشر التنمية البشرية ،لكن سأعاقب الغشاشين بقوة في امتحانات الباكالوريا، فكيف تربى وتسمح الوزارة لهؤلاء الغشاشين أنفسهم بالغش لما كانوا صغارا في امتحانات السادسة ابتدائي وتحرمهم من ذلك عندما اصبحوا كبارا ،إن ظاهرة الغش لا تبدأ ولا تولد من امتحانات الباكالوريا بل من أقسام الابتدائي، حيث تترسخ ثقافة الغش مبكرا في شخصية المتعلم…لقد أصبح الغش موضة وأصبح الكل يغش إلا من رحم ربك ،والذين شاركوا أو راقبوا الامتحانات المهنية يؤكدون بشاعة المهزلة، حيث يقف المراقبون والملاحظون يتفرجون لا حولا ولا قوة لهم….ومن « غشنا فليس منا »
محمد حومين ـ باريس
Aucun commentaire