وهابي رشيد

أثار بحمد الله سبحانه وتعالى ، فيلم « الزين لي فيك  » لصاحبه نبيل عيوش ، ضجة كبرى ، حتى أنني لم أجد موقع إلكتروني مغربي لم يتطرق إلى سيرة هذا الفيلم ، وأحمد الله عز وجل أنه لم يأتيني خبر أنه حصل تعاطف مع صاحب الفيلم بل جميع رواد الفيسبوك لهم تعليقات تحت الجهات المعنية في المغرب بالاستقالة منهم وزير الإعلام والثقافة ورئيس الحكومة ………

لكن الذي أدهشني بل حيرني هو سكوت الوزارة المقدسة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، والتي يتمسك وزيرها بخيوط خفية لإمبراطورية تخفي من الأموال والحقائق ما جعلت السيد الوزير لأجمل بلاد على الكرة الأرضية ، يختفي عن الأنظار ولا يخرج ببلاغ وكأن وزارته تابعة لدولة السويد ، وليست بدولة إسلامية عقيدة فيسبوكيها أرسخ من الجبال الراسية ، ولسان حال شعب المغرب ، مقولة خالد ابن الوليد رضي الله عنه  » ما من موضع في جسدي إلا فيه ضربة سيف ، أو طعنة بسهم ، أو رمية برمح ، ولقد شهدت مائة حرب أو زهاءها ، وها أنذا أموت على فراشي كما يموت البعير ، فلا نامت أعين الجبناء » جبن بعض أصحاب المسؤولية وعدم شجاعتهم وانعدام وطنيتهم حتى لبلدهم ولعله الخوف لانغماسهم بالفساد دفع بعدد كبير من الغيورين الفيسبوكيين للخروج وللكتابة بصفحاتهم ، بغيرة روحية متدفقة من تقاليد مغربية موروثة ، كثر على إثرها اللغط كعادة سائر المجتمعات في أي قضية أو حادثة ، وحتى تخرس الأصوات خرج وزير الاتصال على صفحته الفيسبوكية بخبر منع الفيلم من دور السينما المغربية ، ومن عجائب المفارقات بل محاسن الصدف أن يقيض الله سبحانه وتعالى للمغاربة من ينادي بمحاربة الفساد ، وتخرج كتابات بصفحات الفيسبوك ، تنادي برفع الحيف ، وكرس عدد كبير من الفيسبوكيين ساعات لحشد همم الكسالى من المثقفين ، بالرغم من وجود حاقدين ومتهافتين من أصحاب كل تمام يا بيه ………

بكل صراحة لا أريد أن أوجه اللوم إلا إلى وزارة واحدة لا يتكلم عنها ولا مغربي واحد ، وهي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المقدسة ، إنها غائبة ولا يتكلم عنها أي فريق من الفرقاء السياسيين وكأنه لا يوجد على رأسها وزير ، بكل صراحة هذا الوزير لا يتدخل في أمور له حق الكلام وإبداء الرأي فيها لكن للأسف لا يتكلم وهذا يضر كثيرا بملك البلاد ، الذي عينه على رأس هذه الوزارة الحساسة ، والتي بغيابها عن الساحة ، وعن الوزر الذي ارتكبته في حق نفسها ، وحق المغاربة جميعا ، حين فرطت في مسؤوليتها ، والملقاة على عاتقها من الله ومن الملك ومن المواطنين ، وهذا التخلف الذي صرنا إليه إنما هو عن بعدنا عن المعين ، وهذه الوزارة هي المسئولة الوحيدة والأولى عن ما نحن فيه ولكن للأسف لا أحد يتكلم في دورها ونحن دولة مسلمة ، لا برلمان يتكلم مع وزارة الأوقاف المقدسة ولا المواطنين يحاسبونها وكأنها مألهة بمساجدها ، الجميع يحترمها ولكنها لا تقوم للأسف بعملها المنوط بها وتخليها عن واجبها وهو ما دفع بأمثال عيوش وغيره للعمل في وضح النهار لنشر الفساد والرذيلة وكل فقهائنا وعلمائنا داخل مساجدهم وبيوتهم ونسائهم وأموالهم ولا يهم ما وصل إليه حال البلاد والعباد ، ولا يرفعون إلى ملك البلاد الحالة الحقيقية للأمة وإذا كان العكس فما عليهم سوى إخبار العباد بأنه لا حول لكم ولا قوة ، فبما تواجهون ريكم ………

وعليه فلا بد من محاسبتهم قبل أي وزير آخر لكونهم المسؤ ولون والمأتمنون على حال الأمة أمام الله قبل االعباد،خسارتنا في غياب النموذج الصحيح الذي على وزارة الأوقاف المقدسة إمدادنا به ، وكونها لم تمدنا بأي نموذج ظهر الفساد وسيطر على الساحة الخلقية والأخلاقية ، فنحن لا نريد عناد الكنيسة وعنادها بوحشية ، ولا نريد الإصلاح الذي يظهر في غياب أمثالكم في دول أخرى نراها رأي العين ، ولا نريد محاكم التفتيش ، فالكنيسة نفرت المجتمع من الدين ، وهؤلاء رائحتهم أزكمت الأنوف . شخصيا أنا من القائلين أنه مهما يكن تأثير الخط السياسي على مجرى الأحداث ، فليس هو من يقدر في قدر الله ومصا ير الأمور ، ويدخل في هذا الباب الأوضاع الاقتصادية فلا شئ يقرر غير المنهج والذي يحكم الحياة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والذي يسطر لوضعية الإنسان مع ربه ومحيطه ومع الآخرين ، أما ما نحن عليه اليوم ، فرائحة التدمير وصلتنا منه ، والجميع ينتظر البغتة للأخذ في سنة الله عز وجل .

القضية اليوم ليست في هذا الفيلم الذي يعرى واقع معاش ، وإنما هو غفلتنا جميعا ، وعلى رأس القطيع المسؤولية الأولى وزارة الأوقاف المقدسة ، إن اللعبة الذي نلعبها جميعا داخل مجتمعنا ، والصراع الدائر اليوم بين مختلف الفاعلين السياسيين والإسلاميين ،لعبة قديمة جديدة ، حتى يبقى المواطن في دار غفلون ، وتبقى الزعامة لهم ، لكن اليوم حراس العقيدة غافلون فعتى المفسدون في الأرض فسادا ، وأصبح رجل الشارع بغير فهم ولا وعى لما يدور حوله ،وشغله الشاغل أمور حياته اليومية وتلبية رغباته من أكل وشرب وشهوة ، ووسائل الإعلام تمنحه الجاهز ، ووزارة الأوقاف المقدسة وعلماءها وأطرها لا يعيشون هذا التبعثر بل يفكرون في مصلحتهم ، بل يحللون الأمور على مقاساتهم ، ويرجحونها لمصالحهم ، هاته الأخيرة تحركهم وتحدد لهم موقفهم مما يدور حولهم مغلف بشبهات …

إن ضعف وزارة الأوقاف اليوم هو من دفع أمثال عيوش وغيره بل أغراهم على العمل داخل المربع الإسلامي والسعي إلى هدم قيمه والتي بها يحسب لنا ألف حساب ، على وزارة الأوقاف أن تعلم أنه حينما يرى الناس نموذجين مختلفين نموذج يتقدم وهو عابد لله شاكر لأنعمه وفضله له إيمان وأخلاق، مجتمعه متماسك وآمن لنفسه وماله وعرضه ، ونموذج يتقدم في العلم مع بعد متباين بينه وبين الله سبحانه ، ومجتمع متفكك قلق وأمراض مستعصية بما فيها النفسية ، المخدرات الخمر الفساد الجريمة ، من منا بالله عليك يا وزارة الأوقاف المقدسة بعد رؤية النموذجين في نظركم الأحب إلى قلوب الناس ، وما النموذج الذي سيختاره الناس …..

وأخيرا أقولها بصراحة لقد فشلت وزارة أوقافنا بكل ما للكلمة من معنى ، فكل ما نتخبط فيه اليوم أنتم ولوحدكم المسئولون عنه وأقول قولي وأشهد الله أنكم المسئولون أمام الله وأمام الملك وأمام المواطنين ،ولكن للأسف ، فسحركم أعمى عيون الناس عنكم وعن غظكم الطرف فيما يقع بالمجتمع ….مسؤوليتكم تحتم عليكم البدأ بالنصيحة للمجتمع فلكم من الإمكانيات ما يمكنكم من القيام بعملكم وأول مايجب عليكم القيام به هو الترحيب بالمسلمين فى شهر رمضان المبارك والذي لا تفصله عنا سوى عشرة أيام تقريبا فجميع المغاربة سيقصدون المساجد لا خوف منكم بل من الله سبحانه وتعالى وستغلق الخمارات بالرغم من الخسارة المالية لا خوف منكم بل من الله ، وستحجب النساء المغربيات لا خوف منكم بل من الله ، سيمتنع المغاربة عن التدخين طيلة اليوم لا خوف منكم بل من الله بالرغم من الخسارة في مبيعات التدخين والحشيش ، وستمتلئ المساجد بإذن الله تعالى لا خوف منكم بل من الله سبحانه وتعالى وعلى الوزارة المقدسة أن تستغل هذا الشهر المبارك على الأقل لتمرير خطاب أننا مسلمون ولسنا بأقل ذكاء من الأوربي والأمريكي ، بل ما ينقصنا هو روح العمل الجماعي ، والتربية والتعليم والبحث العلمي ولا نعمل على إخفاء حقيقة أنفسنا في خطب الجمعة الحماسية أو المواعظ والمحاضرات الفارغة ، بل الخطب قدوة وتربية وأخيرا صحبة فهكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم… وأخيرا مرة أخرى فمهرجان موازيين وأخباره عبر فضائيات عالمية لم أرد التطرق لهذه الفضيحة لكوني سمعت أنه ستختفي هذه التظاهرة من المغرب وربما بأوامر عليا وإن صح هذا الخبر ، فالحمد لله وهنيئا لصاحب القرار …….