دول العالم الكبرى تأتم بإسرائيل وتعول على قوتها لمعالجة قضايا العالم العربي والإسلامي
من التناقض الصارخ المسجل على دول العالم الكبرى التي تقدم نفسها وصيا لريادة هذا العالم المكيال المزدوج حيث تفرض هذه الدول الكبرى على الدول الصغرى حل مشاكلها الداخلية ، ومشاكل الجوار مع بعضها بواسطة الطرق السلمية وبواسطة المفاوضات ، بينما تستأثر هي بحل مشاكل تختلقها مع غيرها عن طريق القوة. ومنطق القوة الذي صار عقيدة الدول الكبرى مصدره ما يسمى بدولة إسرائيل غير الشرعية دوليا وقانونيا والتي نشأت بقوة سلاح عصابات مجرمة صارت بعد ذلك جيشا من المجرمين فرضوا وجودهم بقوة السلاح على أهل فلسطين بمباركة الدول الغربية الاستعمارية التي كانت تعتمد القوة أسلوبا للهيمنة على الدول الضعيفة من أجل استنزاف خيراتها أو اقتطاع أجزاء من أراضيها بغرض إنشاء دويلات ضعيفة تساهم في إضعاف الدول التي اقتطعت منها . وقد كانت أكثر بلاد العالم تعرضا لظلم الدول الغربية بلاد الإسلام والعروبة وعلى رأسها دولة فلسطين التي حاول المحتل الغربي اقتطاعها وتسليمها لليهود لتكون وطنا قوميا لهم. ولما كان أسلوب اليهود في فلسطين هو استعمال القوة لفرض الأمر الواقع فإن الدول الغربية قد أخذت بأسلوبهم . ودولة ما يسمى الكيان الصهيوني فوق القانون الدولي لا تبالي بقراراته التي تدين أسلوبها المتمثل في استعمال القوة بأشكال غير مسبوقة وغير مقبولة لدى المجتمع الدولي.
فبعدما وصل اليمينيون المتطرفون إلى سد الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية بادروا إلى أسلوب إسرائيل وضربوا عرض الحائط كل القوانين الدولية فاحتلوا دولا ذات سيادة كالعراق وأفغانستان ، وأسقطوا أنظمتها عن طريق القوة ونصبوا مكانها أنظمة عميلة . وهم يهددون باستعمال القوة لمعالجة كل قضايا المنطقة العربية والإسلامية. والغريب أن يلمحوا بأن القوة المستعملة من طرف إسرائيل واردة كما هو الحال مع دولة إيران ،مما يعني أن دولة إسرائيل غير الشرعية بالنسبة للقانون الدولي صارت ذات يد طولى في هذا العالم بسبب ما توفره لها الدول الكبرى من حماية على حساب الشرعية الدولية. ومقابل تلويح الدول الكبرى باستعمال القوة على طريقة إسرائيل نجد هذه الدول تلزم الدول الصغرى بالأساليب الدبلوماسية لحل مشاكلها ومشاكل جوارها كما هو الحال مع السودان والمغرب وغيرهما من الدول العربية والإسلامية إذ لا يحق لهذه الدول الضعيفة أن تستعمل أسلوب القوة للمحافظة على وحدتها الترابية ، وهو أسلوب تستأثر به الدول الكبرى وحدها . وتنسى هذه الدول الكبرى أن هذه الدول الصغرى ربما فكرت في استعمال أسلوبها لحل مشاكلها الداخلية ومشاكل جوارها اقتداء بها. إن العالم وهو تحت رحمة هذه الدول الكبرى المتهورة المنساقة وراء أسلوب كيان صهيوني لقيط يشعر الناس بعدم الأمان خصوصا وأن شبح الحروب المدمرة يلوح في سماء هذا العالم البائس .
لقد أنكر رئيس الوزراء التركي أسلوب الكيان الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط المعتمد على التهديد باستعمال القوة ، واستنكر تجاهل هذا الكيان لأكثر من مائة قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي مما يدعو إلى مراجعة وضعية هذا المجلس أمام التحديات الصهيونية ، فاحتج الكيان الصهيوني على تصريحات المسؤول التركي وبأسلوب فيه إهانة للدولة التركية التي أعلنت أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تجبر الكيان الصهيوني وتلويحه بزعزعة استقرار وأمن وسلام منطقة الشرق الأوسط. إن مراجعة وضعية العالم باتت أمرا مستعجلا قبل أن ينزلق هذا العالم إلى ما لا تحمد عقباه بسبب متابعة طيش وتهور الكيان الصهيوني الإجرامي الذي لن يخسر شيئا إذا ما انزلق العالم نحو حرب كونية مدمرة جديدة ، وربما يراهن هذا الكيان اللقيط على هذه الحرب من أجل فرض وجوده في المنطقة والذي لا يقره العالم وإنما تقره الدول الغربية ، وهو وجود رهين بقوة هذه الدول الغربية ، وزواله يكون بتراجع هذه القوة ، وقد بدأت بالفعل بالتراجع أمام تنامي الحركات الرافضة لهيمنتها واحتلالها بين شعوب العالم وعلى رأسها الشعوب العربية والإسلامية ، لهذا يسعى الكيان الصهيوني لإشعال نار الحرب قبل أن تحل هزائم الدول الغربية الداعمة له والتي لا وجود له بدون دعمها وحمايتها .
Aucun commentaire