الى عمال فلسطين..في يوم عيدهم..!
مع مطلع القرن « الحادي والعشرين » يكون قد مرّ أكثر من قرن ونصف القرن على صدور « البيان الشيوعي » الذي صاغه كارل ماركس وفريدريك انغلز ليعبًر عن موقف الشيوعيين الأوروبيين وبرنامجهم في أجواء تؤذن بانتشار الإنتفاضات الديمقراطية الثورية في القارة الأوروبية. وختم ماركس وانغلز « البيان » بالنداء الشعار المعروف، « يا عمال العالم اتحدوا »، تتويجاً لتبيانهما الدور التاريخي الجديد الذي تكتسبه الطبقة العاملة الناشئة مع التطور الرأسمالي ونزوعه التوسعي.
ونحن بدورنا نقول »يا عمال العالم وشعوبه المضطهدة اتحدوا فلن تخسروا شيئا الا قيودكم وأمامكم عالم بأسره كي تكسبوه »..يحتفل عمال العالم وكادحوه وسائر شغيلة اليد والفكر بالأول من أيار في كل عام، منذ مأثرة عمال شيكاغو في عام 1886، كونه عيداً للتضامن والنضال في سبيل الحريات النقابية والسياسية، ومن اجل السلام والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والاشتراكية، وفي سبيل عالم أفضل خالٍ من الاستغلال والتمييز والاضطهاد.
عمال الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ حزيران 1967 يستقبلون الأول من أيار هذا العام بالمرارة والاحباط والغضب في ضوء الظروف المعيشية القاسية التي يواجهونها. فمن جهة يواجه هؤلاء العمال عمليات قمع واهانات يومية وعمليات مداهمة واعتقال من قوات الاحتلال واعمال استغلال بشعة للعاملين منهم في المشاريع »الاسرائيلية »، الصناعية والزراعية والخدماتية التي أقامها المستوطنون على الاراضي الفلسطينية في المستوطنات، ومن جهة اخرى يقفون في مواجهة البطالة والفقر والتهميش..يقفون أمام حالة من التشرذم تعصف بقضيتنا لم نشهد لها مثيلا منذ انتصاب الكيان الصهيوني قبل واحد وستين عاما..فقد انقسم ما تبقى من الوطن الى قسمين متصارعين ومتحاربين..والسبب هو أن قادة هذين القسمين وضعوا مصالحهم الشخصية والحزبية الفئوية الضيقة فوق المصالح الوطنية العليا, فلم يعد يهمهم أي شيء سوى مصالحهم الجوفاء
اننا نطالب الطبقة العاملة الفلسطينية وأينما تواجدت أن تهمل اختلاف قادة المنقسمين وأن تتحد في مواجهة هذا الانقسام وبالتالي النضال من أجل نيل حقوقها الكاملة.
اننا في مناسبة الأول من أيار هذا العام ورغم كل هذه الظروف والأوضاع الصعبة والمتردية وحالات الانقسام، ندعوكم إلى رص الصفوف والتوحد بعيدا عن تأثرات سياسية أو طائفية أو حزبية. وعليه فلنجعل من أول أيار حافزا نضاليا للدفاع عن مصالحنا وحقوقنا ووحدتنا وحرياتنا، فهذا هو الطريق الوحيد لتقدم شعبنا وتطوره، بذلك نكرم شهداء أول أيار، ونجسد وحدة الطبقة العاملة في فلسطين المحتلة والعالم.
إن الوحدة الوطنية الفلسطينية كانت وستبقى السلاح الأقوى والأمضى في مواجهة السياسة العدوانية الصهيونية المدعومة أمريكياً وأن خيار المقاومة المستند لبرنامج سياسي وطني يلتزم بالثوابت الوطنية، وهذا يتطلب إنهاء حالة الانقسام التي تعيشها الساحة الفلسطينية عبر الشروع في حوار وطني شامل يفضي إلى إعادة اللحمة للوضع الفلسطيني وتفعيل مؤسسات م.ت.ف بمشاركة كل فصائل ومؤسسات العمل الوطني الفلسطيني كمرجعية وطنية تعيد الاعتبار للقضية والحقوق، ووقف الرهان على المفاوضات التي لم تنتج إلا المزيد من القتل والإجرام الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني وتلميع صورته أمام المجتمع الدولي بالحديث عن مفاوضات وتسوية سلمية.
إن الواجب الوطني والقومي يقتضي التصدي للهجمة الصهيونية الأمريكية بعد أن أصبح الرهان على الواقع الرسمي العربي رهاناً عقيماً ويتطلب ذلك العمل على توفير مقومات الصمود السياسية والإعلامية والاقتصادية للشعب الفلسطيني واستمرار الضغط الشعبي العربي لوقف العدوان الصهيوني وكسر الحصار المفروض على غزة. إننا نناشد الضمير العالمي وكل منظمات حقوق الإنسان في العالم وكل أصحاب الضمائر الحية في العالمين العربي والإسلامي بالتحرك السريع لفضح النوايا العدوانية الأمريكية الصهيونية وتعريتها أمام الرأي العام والعمل على مقاطعة هذا الكيان المجرم الذي لا يقيم وزناً لكل القوانين والأعراف الدولية التي تؤكد على احترام وصيانة حقوق الإنسان.
وبهذه المناسبة، مناسبة عيد العمال العالمي، نتوجه بالتحية الى العمال والكادحين وكل شعوب العالم في نضالهم النبيل لبناء عالم جديد، تسوده قيم الديمقراطية والسلام والعدالة والتكافؤ والمساواة بعيدا عن الحروب والهيمنة والتسلط والعولمة الرأسمالية المتوحشة ومصادرة حق الشعوب في تقرير مصائرها بنفسها، واختيار النظام السياسي- الاجتماعي الذي تريد وفقا لارادتها.
لتكن ذكرى الأول من أيار مناسبة لوقفة إجلال وإكبار، لشهداء الطبقة العاملة والوطن الذين جادوا بأرواحهم فأضاءوا لنا الدرب, ولا نستثني أحداً ممن سلكوا دروب الكفاح والاستشهاد. إن الدماء التي أرخصوها هي خلاصة المحبة، والوعي، والإرادة الصادقة، والشجاعة وروح الاقتحام..في العيد نحمل راية الشهداء وبمشاعلهم نضيء قلوبنا، ونسير على دروبهم النيرة. وفي الأول من أيار، أيضا، نوقد شعلة أولئك الذين واصلوا ويواصلون المسيرة والعطاء والمثابرة دون كلل، من العمال والكادحين وكل شغيلة اليد والفكر، أولئك، الذين حملوا الرايات وهي تلف آمالهم وإيمانهم بوطن حر وديمقراطي ومستقل
فمرحبا بعيد الشغيلة..بعيد العمال والكادحين من شغيلة اليد والفكر ممن أضاءوا لنا الدرب وزرعوا شجرة النضال العظيمة التي أعطت وما تزال تعطي ثمارها..إنهم بناة الراهن وصناع المستقبل. عاش الأول من آيار المجيد، عيد الكفاح والتضامن الأممي ضد الاستغلال والاضطهاد، ومن اجل الحرية والديمقراطية والسلام والعدالة الاجتماعية..عاشت الطبقة العاملة الفلسطينية الأبية..عاشت فلسطين كل فلسطين..المجد والخلود لشهداء الطبقة العاملة الفلسطينية ولكل شهدائنا, والخزي والعار للمحتل الصهيوني الغاشم ومن سار في فلكه..وما بعد الليل الا بزوغ الفجر.
Aucun commentaire