إسرائيل تستغل تشتت صف الأنظمة العربية والإسلامية أبشع استغلال
في الوقت الذي عبرت فيه الشعوب العربية والإسلامية عن وحدة مشاعرها الغاضبة ضد المجازر الصهيونية في غزة الصامدة عبرت أنظمتها عن شتات غير مسبوق في التاريخ العربي الإسلامي. فبينما استقبلت بعض الأنظمة وزيرة الخارجية الصهيونية على أراضيها قبيل العدوان الصهيوني مما يؤكد علمها المسبق بهذا العدوان إذ لا يمكن أن تسافر الوزيرة الصهيونية من أجل نزهة عشية العدوان المبيت على سكان غزة ، سارعت أنظمة عربية أخرى للإنحاء باللائمة على المقاومة في غزة وتحميلها مسؤولية العدوان الصهيوني لخروجها عن الطاعة الإسرائيلية ، كما تباكت على ما سمي هدنة ،وهي في الحقيقة حرب تجويع من خلال حصار خانق والتي كانت إعدادا للهجوم الغاشم على الطريقة الأمريكية في العراق . وغرقت أنظمة أخرى في صمت الشياطين وكأن الأمر لا يعنيها في شيء بل لم تسمح حتى لرعاياها بالتظاهر والتعبير عن السخط. وظلت بعض الأنظمة تعبر عن تنديدها على استحياء . ولما اشتد العدوان وكثر الضحايا لم تجد بعض الأنظمة مضطرة بدا من إعلان التنديد من أجل امتصاص غضب شعوبها المتنامي والمنذر بالويل والثبور وعواقب الأمور. ولما بدأت التحركات الدبلوماسية من أجل إيقاف العدوان الصهيوني على غزة الصامدة هرولت بعض الأنظمة إلى المقترحات الغربية الأمريكية والأوروبية التي تعتبر محسومة الأهداف والغايات بما يخدم مصالح العدو الصهيوني سلفا ، وظل التلكؤ يهيمن على فكرة عقد قمة عربية ، ولم يتم التوصل إلى حد أدنى من التفاهم من أجل مجرد عقد قمة وليس من أجل اتخاذ قرار حاسم . وطفت الخلافات العميقة على السطح عندما رحل الوفد العربي إلى أروقة مجلس الأمن من أجل استصدار قرار لوقف العدوان. ولما كانت إسرائيل على علم بمواقف الأنظمة العربية فإنها استغلت ذلك من أجل تمديد عدوانها على غزة واستغلاله الاستغلال الأبشع من أجل الحصول على ضمانات من بينها حمايتها من أي نوع من المقاومة مستقبلا تماما كما فعلت في حرب جنوب لبنان حيث حصلت على حماية دولية مقابل وقف العدوان بسبب هشاشة مواقف الأنظمة العربية التي تمارس ضغطها على المقاومة وتخضع الخضوع الكامل لمطالب العدو. ولقد بلغ الأمر بوزيرة الخارجية الأمريكية أن استقبلت من الوفد العربي من شاءت وصدت من شاءت من أجل أن تعطي للأنظمة العربية تعليمات صارمة في طبيعة المواقف التي يجب أن يتخذوها فمن كانت تصريحاته متعاطفة مع غزة يحرم شرف الجلوس إليها. والغريب أن الوفد انقسم على نفسه ورضي بالأمر الواقع ولم يتعاطف مع من تم صده، وهذا مؤشر حقيقي على شتات أمر الأنظمة العربية. ولقد رحل العرب إلى مجلس الأمن وآراؤهم متباينة حيث اعتمد بعضهم أطروحة فرنسا التي لا تتحرك لوجه الله وإنما تقدم أكبر دعم لإسرائيل بتحركها كما فعلت في حرب جنوب لبنان2006. ومجرد وجود أطروحتان عربيتان معناه فشل الموقف العربي أمام العدوان الصهيوني.
ولم يفكر نظام عربي أو إسلامي واحد في الصلح مع جماهيره وعرض الأمر عليها في شكل استفتاء من أجل الموقف المناسب للتصدي للعدوان الإسرائيلي. فكل الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج وكل الشعوب الإسلامية في كل القارات شعوب قاصرة تفرض عليها الوصاية والتحجير في نظر أنظمتها ولا تستفتى ولا تستشار وإنما تواجه بالهراوات والغازات المسيلة للدموع وتفرق جموعها الغاضبة ضد العدوان الصهيوني بينما الشعب الإسرائيلي شعب راشد يستشار ويؤخذ برأيه قبل أي تحرك. والسخيف في قرارات بعض الأنظمة بمنع التظاهر ضد العدوان الإسرائيلي هو ذريعتها الواهية وهي المحافظة على الأمن ، وكأن الشعوب ثارت عليها ولم تغضب من العدوان الصهيوني ، وكأن أمن غزة ليس أمنا تعتبر الأنظمة العربية مسؤولة عنه شرعا وعرفا وتاريخا وجغرافية وأدبا…..
إن إسرائيل قد وفرت لكيانها الوجود والاستمرار من خلال تكريس الفرقة بين الأنظمة العربية من أجل الوصول إلى هدف وغاية فرقة شعوبها أيضا قبل أن تتحرك عسكريا على الأرض. وإن العدوان الواقع على غزة هو عدوان الأنظمة العربية والإسلامية من خلال مواقفها المتخاذلة وشتات أمرها قبل أن يصير عدوانا صهيونيا مسلحا. ولا يمكن أن يتوقف العدوان الصهيوني المسلح إلا إذا توقفت المواقف المتخاذلة للأنظمة العربية والإسلامية، وانتقلت المواقف العاطفية لشعوبها إلى مرحلة التأثير في قرارات الأنظمة.
Aucun commentaire