كلام الليل يمحوه النهار
انتهت الحملة الانتخابية ،و انتهى التصويت على الاحزاب المتبارية.و عرفت الجهات المسؤولة الخريطة السياسية،و عرفت معاقل الاحزاب في المدن،و عرفت المدن التي غيرت ولاءاتها.و رتبت الاحزاب حسب المقاعد التي حصلت عليها.و عرف من الاحزاب ما هي قوية و لها نفوذ و اتباع من المواطنيم،كما عرفت احزاب متوسطة و اخرى ضعيفة.و احزاب احرزت تقدما و اخرى تقهقرت الى اسفل الترتيب.و لعب المال و الدين و التحريض و القرابة و الجيرة ادوارا لفائدة هذا الحزب او ذاك.و النتيجة التي يؤمن بها كل ملاحظ ان من قاطع التصويت يشكل نسبة كبيرة تفوق عدد الذين صوتوا ،وهذه الفئة هي ما يطلق عليها الاغلبية الصامتة.
احست احزاب بالرضى و النعمةكونها فازت و حققت نتائج مرضية،و بكت احزاب اخرى لانها ضيعت في الصيف اللبن…
امتازت الحملة الانتخابية بتبادل التهم و السب و الشتم (من الكلاب الى الحمقى الى الفاسدين الى المستغلين للدين ،الى الاحزاب المخزنية….)و عندما ارخت الحرب الكلامية اوزارها،و خرج المنتصر و المنهزم،انتظر الناس ماذا سيقع؟خاصة وان بعض المرشحين وعد في حملته الانتخابية انه سيغادر الحلبة السياسية الى الابد و سينصرف الى حال سبيله في حالة اذا لم يحصل على الاغلبية المطلقة في معقله(شباط في فاس) فهل يفي بوعده ام ان كلام الليل يمحوه النهار،( و كما يقول اهلنا البسطاء :من تسحر مع الاطفال ينوي الصوم ،يصبح فاطرا).
الاحزاب : العدالة و التنمية و الاصالة و المعاصرة و الاستقلال و الاتحاد الاشتراكي،كلهم تبادلوا الشتائم و التهم بالفساد و استغلال الدين و الديكتاتورية و الغاء الآخر و احزاب المخزن و ما الى ذلك من التهم.حدث ذلك طيلة حكم الاغلبية ،و طيلة الحملة الانتخابية. و ظن الناس من المتتبعين للشان السياسي ان هؤلاء لن يتحالفوا و سيحافظون على قطع حبل الود بينهم،و لن يتصافحوا او يتسامحوا أو يتقاربوا،بل سيظلون على عدواتهم الى ان يرث الله الارض و من عليها…. و لكن كلام الليل يمحوه النهار: كلام ماقبل الحملة و التصويت ، ستمحوه نتائج ما بعد الفرز.و كما يقول أهل الفقه و الشريعة « الاسلام يجب ما قبله ».أما أهل الادب و الشعر و النثرو البلاغة و البيان و العشق و الغرام فقد تمسكوا بقول تلك الجارية التي وعدت بالليل ان تلتقي بالشخص الموعود، فاخلفت وعدها،و بررت ذلك ما جرى على كل لسان، قولتها المشهورة » كلام الليل يمحوه النهار ».
ما بعد الانتصارات و الهزائم ،صرحت احزاب الحكومة انها لن تتحالف مع احزاب المعارضة و العكس صحيح ايضا،و اتفقوا ووافقوا وتعاهدوا…و لكن هذا الجمع من الحلفاء بدا يقرأ قراءات اخرى في تحالفات أخرى، و بدا له ان يتخلص من وعوده و من حلفائه القدامى.و بدا كل واحد من المعارضين و الموالين يبحث عن المصالح( الكراسي و المناصب و الغنائم و الجاه و الامتيازات ) ،و يبحث في الاحزاب الاخرى عن من يحقق له الرئاسة في المجالس البلدية و المدينة و الجماعات.و من يبيع معه ويشتري.و من يتفاوض معه على مناصب في مدن مقابل مناصب في مدن اخرى…تلك هي السياسة يا صديقي .لقد كتب الروائي الروسي « دوستويفسكي روايته المشهورة (الاخوان كرامازوف) ،و ترجمها بعض الكتاب العرب الى ( الاخوان كرامازوف اوالاخوان الاعداء)…
فأعداء الامس قد يكونون اخوة اليوم،و العكس صحيح…فدائما الحب و السياسة شيء واحد فلسفتهما: كلام الليل يمحوه النهار…
اما نحن من هم خارج الاشواط الاضافية نقول » نحن لا ناقة لنا و لا جمل ، و لا نتحمل اية مسؤولية في ما حصل « …يا بيضاوة…
Aucun commentaire