الإعلان الأسود في البيت الأبيض
البيت الأبيض في الإمبراطورية الأمريكية هو عرين الأسد الأمريكي في بلد العم سام.و كل أربع سنوات يتربع على عرش الإمبراطورية صقر من الصقور أو حمامة من الحمائم. و إن كان كل ساكن من البيت الأبيض هو من الصقور سواء كان من الحزب الجمهوري أو الحزب الديمقراطي.فالموت بالذبح أو الشنق أو الغرق أو بالسم أو بالرصاص أو بانهيار ارضي أو سكني هو موت واحد. الموت هو إعلان بمفارقة الروح للجسد.و تحول كل عنصر إلى أصله (عالم التراب و المادة و عالم الروح).الصقور أكلة للحوم و تصطاد بني جلدتها من الطيور الجارحة الأخرى الأضعف و الأصغر منها و الحمائم، و تجعلها فرائس… إنها الطيور المتوحشة اللاحمة…
الحرب الانتخابية تدور بين حزبين (حزب الفيل و حزب الحمار)،أو الحزب الجمهوري و الحزب الديموقراطي.و هي تدور الآن ن وعلى أشدها و حرارتها و قسوتها، في كل الولايات الأمريكية،بين المرشحين في الحزب الواحد إلى أن ينتصر واحد على الجميع.ثم تبدأ الحرب المستعرة بين الناخبين في كل حزب على حدة.إنها لعبة الديمقراطيات الغربية،التي تنتهي بفوز شخص واحد سيسكن في البيت الأبيض لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط.ففي مجتمع يحب التغيير في كل شيء، لا يطيق المواطنون أن يبقى الرئيس مدى الحياة ،أو يتحايل على النظام الانتخابي فيزور النتائج ليبقى حتى الممات. إنها أضحوكة الديمقراطية،و أم المهازل، تلك التي يمارسها الرؤساء في الجمهوريات المتخلفة في رأي المواطن في العالم المتحضر. الرئيس في العالم العجيب الغريب، يجب أن يحصل على 99،99 % من أصوات الناخبين. و تلك مهمة يجب أن يقوم بها أحسن قيام من يتولى وزارة الداخلية في هذه البلدان. هذه النتيجة قد تبدو غير مقنعة لرؤساء هذه الدول .ذلك أن ما يبحث عنه الرئيس هو 100 بالمائة .انه قد يعلن الحرب على الأمة و يقيل الوزراء، و ينشر الجواسيس، من اجل أن يبحث عن001من المواطنين الرافضين و المعارضين ليدخله السجن.
الإمبراطورية الأمريكية قوة عظمى، أنانية متغطرسة و مغرورة بتفوقها في كل الميادين. ولها ولع مرضي بالسيطرة و احتقار الآخرين ككل الإمبراطوريات التي عرفها التاريخ. ،فتنظر إليهم كخدم في أحسن الأحوال أو كعبيد في أسوئها.،فيطبقون على أتباعهم و مستعمراتهم ، نظرية السيد و العبد الفلسفية، التي تحولت إلى سياسة برجماتية انتهازية، لدى الدول الاستعمارية.
كل دول العالم تعتبر و ينظر لها أنها من مماليك الإمبراطورية الأمريكية، بثروتها البشرية أو المعدنية أو الإستراتيجية…فبعد اندحار الإمبراطورية السوفيتية و تفكك مستعمراتها الأسيوية و الأوروبية،بقيت أمريكا وحيدة في قوتها، كوحيد القرن.. إنها القوة الوحيدة التي تمارس دور الدر كي في العالم كله. و تؤدب الدول الصغيرة التي تريد أن تعصى سلطة السيد.
الإعلانات السوداء في البيت الأبيض بدأت الآن.و الحملة الانتخابية بدأ يسعر جحيمها، بين كل من يطمح إلى السكن في البيت الأبيض(عرين الأسد).ومن الآن ترفع الشعارات و الدعايات و الحملات الإعلامية من اجل كسب الناخب الأمريكي.النار مستعرة الآن في الحزب المحافظ الجمهوري بين المرشحين للرئاسيات.
الشعارات التي ترفع الآن. و الآن تقرع طبول الحرب على الاتفاق النووي المنتظر بين الرئيس الأمريكي حاليا، و الدول الخمس…وذهبت بعض التصريحات من هؤلاء المرشحين، إلى الدعوة إلى إلغاء كل اتفاق سيبرم و سيوقع عليه.بل إن بعضهما هدد إيران بمحوها من الخريطة إذا لم تصرف النظر عن البحوث النووية. و آخرون رفعوا شعارات تسليح المعارضة السورية من اجل الإطاحة بالنظام القائم. وفي المقابل كل مرشح للرئاسة يتعهد بحماية إسرائيل و مساعدتها و تسليحها من اجل أن تبقى القوة الأقوى في المنطقة.
كل هذه الشعارات ترمز إلى شيء واحد وهو: الحلم بعودة المارد الأمريكي للعب وحيدا في الساحة الدولية.و من اجل أن تعود أمريكا أيضا كقوة عسكرية و سياسية و اقتصادية وحيدة وواحدة في العالم .هي من تأمر(السيد)، و على الآخرين(العبيد) الخضوع فقط.
الساكن الحالي في البيت الأبيض و الذي جعل شعاره حل المشاكل الدولية بالحوار،و إعلان أن أمريكا لن تحارب من الآن فصاعدا –صرح بهذا الأمر في أثناء اللقاء الأسطوري غير المتوقع، بين الرئيس الأمريكي و الرئيس الكوبي « راوول كاسترو ». بل انه صرح-لأول مرة في تاريخ أمريكا المعاصر- أن أمريكا الدولة العظمى،ستمد أيديها إلى دول أمريكا اللاتينية ،و غالى التقارب بين شعوبها… كما انه يسعى قبل انتهاء ولايته إلى إبرام اتفاق القرن بين إيران و الدول 5، وهو في سباق مع الزمن- قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية- من اجل الوصول إلى هذا الاتفاق.متعهدا انه لن يتخلى عن الحليفة (الدولة الصهيونية).بل انه و ككل الأمريكيين المرشحين للرئاسة، تعهد أن لا تصل الدولة الإيرانية إلى مستوى تهديد الدولة الصهيونية العنصرية.
فعلا كل الحروب (الفاعلان الأسود في البيت الأبيض)التي خاضتها الإمبراطورية الأمريكية كانت في عهد المتطرفين المحافظين الجدد(بداية من بوش الأب..).هي حروب من اجل إسرائيل (العراق و سوريا و اليمن ومصر و قريبا في إيران.) ومن اجل السيطرة على منابع الطاقة ،العمود الفقري لكل نهضة صناعية الآن.
لكن تصريحات أوباما اليوم، تفصح أن هناك شيئا ما يطبخ في القدر الأمريكي.فهذا التراجع في المواقف، هل يعكس تراجعا في الاقتصاد ،هل ينبئ أن نجم أمريكا بدا بالأفول؟هل إن القانون الطبيعي: ( بعد القوة سيكون الضعف الذي بدا يسري في أوصال الإمبراطورية العظمى (« وتلك الأيام نداولها بين الناس ».صدق الله العظيم)؟؟فما ينطبق على الإنسان، هو نفسه ما ينطبق على الكون، وهو نفسه ما ينطبق على الحضارات.؟أي بعد بذرة الحياة ثم القوة، يأتي الضعف و الموت و الفناء؟
و دول قوية تطمح الآن، أن تحل مكان الإمبراطورية الأمريكية:هي الصين و الهند و روسيا،و قريبا البرازيل و بعض الدول الآسيوية الأخرى( ماليزيا أو اندونيسيا). إن أمريكا تعمل الآن كل جهودها وخدعها من اجل السقوط الناعم البطيء،و في نفس الوقت محاولة إيقاف حركة النمو الاقتصادي و العلمي و العسكري في هذه البلدان،عن طريق مراقبة المنافذ البحرية و السيطرة عليها، و عن طريق اللعب في أسعار المحروقات و العملات الخ.
القانون الطبيعي لا مفر منه (الضعف والقوة و الموت و الفناء) هو قانون يسري على جميع المخلوقات التي صنعها الله تعالى و على الكون كله ،و لن تخرج الحضارات عن هذا الناموس(تلك سنة الله في خلقه).
و اختم هذا المقال بالعودة إلى الانتخابات التي بدأت الآن في الولايات المختلفة الأمريكية بإبداء الملاحظات و التساؤلات التالية: إن نزعة التطرف التي يرفعها المرشحون المحافظون من الحزب الجمهوري في شعاراتهم الانتخابية الآن للرئاسيات المقبلة،هل يمكن تفسيرها أن المجتمع الأمريكي، و بفعل التطورات و ما يحدث في العالم من حروب و دمار و علاقات متشنجة بين الدول و بفعل الأزمة الاقتصادية العالمية،يتجه نحو التطرف و استعمال القوة في حل الأزمات و الصراعات ، و يأتي المحافظون للتعبير عن هذا التوجه؟
أم أن المرشحين للرئاسيات يسعون إلى توجيه المجتمع الأمريكي نحو التطرف ،و إيهام المواطن الأمريكي بطريقة إيحائية مغناطيسية أن دولتهم مهددة وان هناك أعداء متربصون بهم و بقيمهم الحضارية ؟
فلتذهب أمريكا بانتخاباتها ،و برؤسائها الأحياء و الأموات و ما هو منهم آت إلى الجحيم المقيم اليقين…أما نحن، أبناء العالم الذي ينتظر تحت ظل الشجر، نعلن أنا هنا قاعدون متربصون، في بلدنا الأمين ،و مع مواطنينا سالمين، مسالمين، غانمين وداعين متضرعين إلى الله، كما يدعو و يتضرع حفظة القران في بيوت المغاربة، التي تصنع المأدبة في مناسبات الموت و الحياة و الأفراح و الأحزان_وفي آخر شوط من الليلة المباركة -وبعد الأكل وما يصاحبه من مشروبات و حلويات و فواكه و أشياء أخرى لا نعرف أسماءها تمهيدا لفض اللقاء، إلا أن نقول معهم : (الله اطعم من أطعمنا و اسق من سقانا)، وارحم موتانا…………آمين،و الحمد لله رب العالمين…………
انجاز :صايم نورالدين
Aucun commentaire