عندما يتجاهل الوطن مواطنيه من الباحثين و المفكرين
ماتت السيدة المغربية فاطمة المرنيسي الأستاذة الجامعية و الباحثة في علم الاجتماع،وعالمة الاجتماع كما صرح بذلك و ينعتها كل الكتاب ب sociologue ، وهم الذين ساهموا في إثراء النقاش عن مساهماتها العلمية و الثقافية عندما وريت الثرى .ومن بين الأمور التي تسترعي الانتباه بهذه المناسبة التي يودع فيها الوطن مفكرة من الطراز الرفيع و مثقفة يشهد لها بمساهماتها الدول الغربية و الشرقية التي ترجمت كتبها و أبحاثها إلى لغاتها،و هي الباحثة التي شاركت في ندوات عالمية باللغة الفرنسية و الانجليزية و نالت جوائز تقديرية مناصفة مع كبار الكتاب الغربيين و قد نعتتها الصحف الأجنبية الفرنسية و الانجليزية و الأمريكية أكثر من المنابر الإعلامية المغربية. أما في وسائل الإعلام المغربية الرسمية فقد مر خبر وفاتها مرور الكرام و كأن هذا الوطن لا يعترف إلا بالأجنبي من المغنين و الراقصين و الرياضيين في الرياضات المختلفة.
و ظل الوطن الذي أنجب فاطمة المرنيسي غير معترف بكفاءتها و تكوينها و ثقافتها وتصحيح كثير من الأمور الدينية الفاسدة التي انتقلت إلينا بالوراثة و ليس بالعلم و المعرفة،و جاحد لمساهماتها في ودراجات كليات الجامعة المغربية. و هي التي تعترف بتواضع أنها خلقت لتبحث و لتكون باحثة مغربية في التراث الثقافي المسؤول عن صنع العقليات المختلفة،وكانت في قرار نفسها تعتبر نفسها أنها لم تخلق للتدريس بل اعتبرت نفسها مدرسة فاشلة تواضعا، رغم أن طلبتها يشهدون لها بالتميز في التعامل و العلم و يسر التواصل معهم و مساعدتهم عندما يسرعون يطلبون يد العون منها.
ومن بين الأمور التي تسترعي الانتباه في هذا الوطن الجاحد لأبنائه أن هذه المرأة المناضلة و الباحثة في هدوء و التي من خلال كتاباتها تعرف مقدار العيوب في التفكير المتزمت التي يتميز به بعض البشر عندنا ،خاصة ما يتعلق بالأمور الدينية والتي تختلف عن ما يصرح به القرآن في نظرته إلى الإنسان(رجل وامرأة) و ليس إلى الرجل.
قد نالت جوائز عالمية من كثير من البلدان الغربية و شهد لها الباحثون خارج الوطن بكفاءتها العلمية و قيمة أبحاثها في التاريخ التراثي، و حاضرت في أشهر الجامعات المرموقة، لكنها لم تنل و لو جائزة من بني وطنها في أي مناسبة من المناسبات، و لا حتى اعتراف صريح بمكانتها العلمية. و كأن هذا الوطن لا يكرم إلا أصحاب (البندير و التعريجة و هز يا وز و الكلام الساقط في الأغاني والتافهة في الموضوع،و الممثلين المصريين الاباحيين و الذين سيساهمون في جعل كرامة المواطن العربي تحت التراب).
و أنت تتعجب لكون كثير من المفكرين المغاربة أمثال عابد الجابري و الباحث المغربي المهدي المنجرة و السيد عبد الهادي بوطالب و عبد الهادي التازي المؤرخ المغربي… و غيرهم كثير،لا يعرفهم المواطن المغربي، و وسائل الإعلام لا تهتم بهم و لا تقدمهم في المناقشات و الحوارات في كل مناسبة من المناسبات الثقافية أو العلمية أو السياسية،رغم شهرتهم العالمية و المعترف بها دوليا،بل حقا إنها تعمل على تجاهلهم و إبعادهم و رميهم إلى سلة المهملات .بخلاف القنوات الفرنسية على سبيل المثال ،التي تعتبر مثقفيها و مفكريها و فنانيها الكبار،ثروة وطنية لا تقدر بثمن و تستحق التنويه و الإعجاب و الاحترام، وتقدمهم للجمهور المشاهد و الجمهور الحاضر يستمع إليهم و إلى أرائهم،و تشهر انتاجاتهم الفكرية و العلمية للجمهور القارئ و المتعلم و المثقف…إن الوطن هو مثقفوه و مفكروه و علماؤه الذين لهم إسهامات واضحة في تطوره و تقدم الإنسانية جمعاء،وإعلاء قيمته بين الأمم…
كل مناسبة يرحل فيها مفكر مغربي مرموق إلى دار البقاء نكتشف أنفسنا أننا لسنا إلا أعداء جسورين و همجيين للتفكير و العلم و القراءة و الثقافة. و حبنا و غرامنا و شعورنا بالانتشاء و النشوة كلها موجهة – بأسف عميق- إلى (هز يا وز. و رقصني على واحدة ونص. و رقصني يا جدع)
Aucun commentaire