سبّ وشتم وقذف وتبادل تهم ومواجهات بين المستشارين،

يحول جلسة مجلس وجدة إلى فرجة درامية مؤسفة أثارت استياء المواطنين

عبدالقادر كتــرة

تحولت قاعة الاجتماعات لقصر بلدية وجدة التي احتضنت الجلسة الثالثة من دورة فبراير لمجلس الجماعة الحضرية لمدينة وجدة، مساء يوم الاثنين 7 مارس 2011، إلى حلبة للمواجهات اللفظية العنيفة والجارحة تبودلت فيها عبارات السبّ والشتم والقذف باستعمال جميع أسماء الحيوانات (الكلاب والحمير والبغال و…) والنعوت الحاطة من الكرامة (الشفار والبياع وابن البياع والمشري و…)، الأمر الذي دفع إحدى المستشارات إلى التدخل والتذكير بضرورة احترام السيدات المستشارات والمواطنات الحاضرات.

ودام شوط الجلسة الأول قرابة الثلاث ساعات دون أن تتم مناقشة أي نقطة من نقط جدول الأعمال المقترحة، ولم يتمكن الرئيس عمر حجيرة من تهدئة المجلس الذي كاد أبطاله من بعض المستشارين أن ينهوا مشاداتهم الكلامية وتصفية حساباتهم بالتشابك بالأيدي داخل القاعة وخارجها وحتى وسط الشارع، تارة بين بعض أعضاء حزب الحركة الشعبية، وتارة أخرى بين أعضاء من الأغلبية من جهة وآخرين من المعارضة،  لولا تدخل بعض المستشارين من الجانبين، واضطر حجيرة إلى رفع الجلسة قبل صلاة المغرب واستئنافها بعدها، بعد أن لم تنجح قراءة المجلس بمبادرة من الرئيس لخمس من قصر سور القرآن الكريم في إنزال السكينة على المجلس والسلم بين أعضائه.

وبقدر ما استمتع جمهور المواطنين  وأعضاء الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين الذين ظلوا طيلة اليوم معتصمين في بهو البلدية  الذين حضروا مشاهد الجلسة/الفرجة/المهزلة، بقدر ما تأسفوا على مستوى ما وصل إليه مجلس مدينتهم  ومسؤوليه الساهرين على تسيير وتدبير الشأن المحلي، وذلك من خلال علامات السخرية البادية على ملامحهم، وهي الجلسة الثالثة التي تأتي بعد أن تأجلت سابقتاها لانعدام حصول النصاب القانوني الأمر الذي  دفع بالرئيس اتخاذ قرار سحب التفويض من نائبيه المتغيبين عمدا ليسجلا، مرة ثانية، حضورهما في هذه الجلسة.

واندلعت شرارة الصراع بين  مستشارين من الأطراف المتناحرة، بعد أن استفسرت المعارضة الرئاسة، حول أسباب سحب بعض النقط من جدول الأعمال، خصوصا منها مراجعة سومة كراء منزل باشا المدينة ومنزل والي الأمن السابق، ومشكل الأسواق بالمدينة، والترخيص لأحد الأشخاص بتجزيء قطعة أرضية وسط حي تازاغين بعد اقتنائها وكانت مخصصة لمرافق عمومية، وطلب إحالة لائحة أسماء المقاومين المقترحة منحها لبعض الشوارع، على اللجنة  وإضافة لائحة أسماء أخرى المقترحة من طرف المعارضة، وعدم جاهزية تقرير لجنة المرافق العمومية، نقط تم تداولها خارج جدول الأعمال وأثارت خلافات تحولت إلى صراعات هامشية فجرت المجلس على حساب مصالح المواطنين وشؤون المدينة الألفية.

ولم يتمكن المجلس الذي استأنف أشغاله حوالي الساعة السابعة مساء من الحسم في النقطة الحادية عشرة الوحيدة التي تم تداولها من أصل 20 نقطة مقترحة، والمتعلقة ب »الدراسة والمصادقة على اتفاقية بالمراضاة بين الجماعة الحضرية لوجدة والسيد محمد كنفوذي بخصوص تعويضه بقطعتين أرضيتين بتجزئة البستان مقابل تنازله عنة قطعته الأرضية بحي السلاك طريق عين بني مطهر »، والتي تم إرجاؤها إلى حين استجلاء ملابسات ملف تجزئة البستان الممتدة على أرض بلدية مساحتها 100 هكتار وما اكتنفها من غموض حول كيفية توزيع البقع الأرضية والمستفيدين من المستشارين وعدد البقع التي تمت حيازتها، وهو الملف الذي تطالب المعارضة بإحالته على لجنة تحقيق بهدف تشريحه واسترجاع ما تم الاستحواذ عليه بغير وجه حقّ، قبل أن ترفع الجلسة في حدود الساعة الثامنة مساء.

وحمّل الرئيس حجيرة مسؤولية ما وقع إلى المعارضة مشيرا إلى أن الدورة كانت مشحونة لسببين أثارالا غضبها، أولهما بحث المعارضة عن هفوات واختلالات لدى الرئيس في الحساب الإداري الأمر الذي لم يوفقوا فيه، وثانيها حققت الجماعة فائضا غير مسبوق أكثر من 4 ملايير سنتيم وستتمكن من برمجة 4 ملايير و300 مليون سنتيم بعد تصفية الديون لفائدة المدينة. وعزا الغليان الذي عرفته الجلسة إلى كون المعارضة جاءت وفي اعتقادها التفرج على شريط سوء التفاهم الذي سبق أن وقع بينه وبين نائبيه لكن لم يتم ذلك وأصابهم إحباط بعد عودة المعنيين بالأمر إلى حظيرة الأغلبية. وتساءل عن دواعي مناقشة منح أسماء  مقاومين لشوارع المدينة وذكر بأنه رئيس وابن مقاوم ولن يقبل بمناقشة ذلك ما دام رئيسا  دون أن يقصي أس أسم  من أسماء المقاومين بعد إحالتها على المندوبية السامية للمقاومة التي تقوم بتحرير نبذة عن حياتهم. وعبّر عن استيائه للتجاوزات الأخلاقية التي وقعت داخل القاعة قائلا « أنا رئيس ولست مدرسا ولن أعطيهم دروسا في الأخلاق وأغلبية الأعضاء أكبر مني سنا، السياسة أخلاق وعلينا احترام بعضنا البعض مهما كان الخلاف ».

ومن جهة أخرى، وقّع 13 مستشار استقلاليا على وثيقة، نتيجة التحولات التي تقع بالجماعة، يؤكدون فيهالا أنه كلّ ما تقرر داخل الجماعة من طرف رئيسهم يعنيهم جميعهم ويساندونه في كلّ ما أقدم عليه، وإذا ما وصل إلى حدّ الاستقالة فذلك يعتبر بمثابة استقالة الفريق الاستقلالي بمستشاريه الثلاثة عشر.

ومن جهته، أشار إسماعيل زوكار رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس الجماعة في تصريح للجريدة إلى أن لدى الرئيس حجيرة إشكال كبير في طريقة تسييره التي تتميز بالاستفزاز في الوقت الذي كان من المفروض فيه أن يضبط المجلس ويكون أكثر أعضائه رزانة ورصانة وأقلهم انفعلا وارتباكا، »لأن من مصلحته أن تسير الأمور بصفة عادية ». وأوضح أن المعارضة لم تشكك أبدا في أسماء المقاومين ولا يمكن أن تحصل مزايدات على الآخر لا في الوطنية ولا في المقاومة ولا في الحبّ للوطن بحكم أنها قيم مشتركة، ولا يجب أن يكون هناك اختلاف حولها لأن كل المغاربة مجاهدين وهم أبناء مجاهدين ضد الاستعمار،مشيرا إلى أنه تم طرح إشكالية قانونية اللجنة التي اشتغلت بعضوين فقط دون إخبار باقي الأعضاء. وحّمل مسؤولية ما وقع في الجلسة للرئيس بعد دخوله في عملية مزايدات وبعض مستشاري أغلبيته باستفزازهم لأعضاء الآخرين وتلفظوا بكلام ناب وغير مسؤول وتسببوا في تفجير الوضع.