Home»Débats»جماعة سيدي لحسن : هل تتحمل الجهات المسؤولة مسؤولية تراخيها الطويل وتنقذ ،،البسط،، من التسيب الذي طاله ؟

جماعة سيدي لحسن : هل تتحمل الجهات المسؤولة مسؤولية تراخيها الطويل وتنقذ ،،البسط،، من التسيب الذي طاله ؟

0
Shares
PinterestGoogle+

،،صانفيل،،
شحلال محمد


عندما غادر المحتل الفرنسي بلادنا،كان قد خلف وراءه بصمات يتعذر معها نسيان،،الكافر،،وما أبان عنه من تفوق حضاري جعلنا ندرك هول تخلفنا كلما وقفنا على أسلوب حياته والالات التي أدخلها في الخدمة.
وبالرغم من موقع بلدتنا في زاوية منعزلة عن المغرب النافع،فإن قدم الفرنسي قد توقفت بها،وكشفت العديد من عناصر غناها التي كان الأهالي يجهلون عنها كل شيء.
وهكذا،وإلى جانب الثروة المعدنية التي تم استغلالها،فإن الفرنسيين قد انبهروا بالغطاء النباتي الذي حظي باهتمامهم،فقاموا بتشييد مركز لمصلحة المياه والغابات ليتم الحفاظ على هذه الثروة والانتفاع بخيراتها.
كانت المصلحة تشمل مساكن للموظفين،ومكتبا إداريا ناهيك عن محجز للحيوان والمتاع لتفعيل الإجراءات العقابية في حق المخالفين.
أصبح مركز مصلحة المياه والغابات يعرف لدى الساكنة ب،،البسط،، تحويرا للكلمة الفرنسية ( poste)،وهو مكان اكتسب مهابة استثنائية عمرت بعد خروج المستعمر طويلا،قبل ان يستشري فيه الفساد والسيبة بشكل لم يسبق له مثيل.
لم يكن أحد يجرؤ على التوقف بمحاذاة،،البسط،،لأن ذلك قد يتسبب له في شبهة تكلفه متاعب لا يطيقها فما بالك بامتداد يده إلى غصن شجرة أو اصطحاب كلب ؟
ارتبط ،،البسط،،في أذهان الناس ب،،البروصي،،( الذعيرة) التي كان يستحيل الإفلات منها،لذلك حرص الجميع على التزام أقصى درجات الحذر لتفادي عقوبات،،الكرض،،كما كان الأهالي ينطقون الجزء الأول من المصطلح الفرنسي : Garde Foréstier.
خلال فترة طفولتنا المطبوعة بكثير من البراءة،كنا نردد فيما بيننا كلمتين بعيدتين عن لغة تواصلنا الأصلية دون أن ندرك فحواهما،ويتعلق الأمر بكل من : ،،صانفيل والدبيش،، ! *
كان ،،البارعون،،من كبار البلدة يرضون فضولنا بالقول إن ،،صانفيل،،هو ،،راديو خاص يتكلم عبره الكرض،،مع المخزن،أما ،،الدبيش،،فكنا نكتفي بما تراه العين،حيث صرنا نطلقه على أعمدة خشبية متراصة على امتداد البصر،ويربط بينها خيط أسود لا نعرف دوره،وإن كان الرعاة يحولونه إلى هدف عند تجريب المقاليع الجديدة التي يصنعونها ليتباروا في وصول مقذوفاتهم إلى أهدافها.
كان هؤلاء التعساء يرتكبون جرما لا يقدرون عواقبه إلا عندما ينتشر خبر اعتقال أحدهم وقد ضبط متلبسا بتخريب،،الدبيش،،حيث يؤدي الأولياء ثمنا يضمن الزجر الأبدي.
توسع مجال إدراكنا مع مرور السنين ،لنقترب من عالم،،،،صانفيل والدبيش،،وكان الفضل يعود إلى الحوادث المميتة خلال المعارك الدامية التي ميزت بلدتنا في الماضي،ناهيك عن حالات الانتحار أو الحرائق وحوادث المرور،حيث كنا نسمع الكبار يدلون بدلوهم حول ما يحصل ،فيوردون بأن ،،الكروضا ،،قد أبلغوا،،الجدارمية،،عبر ،،صانفيل و،،الدبيش،،فحضرت،،لاجيب،،قادمة من دبدو للقيام بالإجراءات اللازمة،وأنهم قد،،سلسلوا،،الفاعلين في حالة الشجار الدامي، وتوجهوا بهم نحو،،السيلون،،ليتعرضوا للتنكيل !
ظل الأهالي يدينون ل،،صانفيل الكروضا،،بكثير من الفضل،حيث كان يوصل أخبارهم السيئة إلى،،المخزن،،وهو ما زاد من قيمة هذه الالة السحرية التي تشبه حديث ،،المعيذي،،الذي يجدر بالمرء أن يسمعه ولا يراه !*
لقد كان على حامل الخبر أن يتوسل الوصول إلى مكتب،،الكرض،،ثم يقنعه بعد ذلك بوجاهة تبليغ شكواه،وهذا ما كان يفسر دواعي الهالة التي أحاطت ب،،البسط،،على مدى عقود كثيرة، قبل أن ينقلب الحال اليوم بشكل مقرف لا يمكن تفسيره إلا بالاستهتار والتسيب الذي ينم عن تطليق بائن لحس المسؤولية التي كان يجسدها حارس الغابة،ونلمسها في عذرية غابة وفرت الملاذ الامن لأصناف من الطيور والوحيش والزواحف،قبل أن يتعرى المكان أمام أعين الجهات الموكول إليها صيانة هذه الثروة التي لن تتجدد أبدا.
لقد أصبح موظفو حراسة المياه والغابات يختارون الإقامة بمدينة تاوريرت،ويتنقلون لماما نحو مقر عملهم الذي يسود فيه صمت رهيب، وقد أصابه التصحر الذي يفضح مظاهر التقصير في أداء الواجب،بل إن ،،البسط،، قد فقد دوره الذي واكبته الأجيال،وصار مجالا مفتوحا أمام أيدي المخربين الذين تحللوا من كل مخاوف العقاب،وكان من أبرز صور الاستهتار،ما حصل يوم الخميس الماضي الذي هو يوم السوق الأسبوعي.
لقد غادرت السوق قبل منتصف النهار،وكان علي إيصال أحد الأئمة إلى المسجد الذي يؤدي فيه مهمته،وفي طريق العودة وعلى بعد كلم من،،البسط،،وقع نظري على كلب من الفصيلة المصنفة، وقد ربط إلى دراجة نارية كبيرة أمام دكان أحد المعارف على الطريق المؤدية إلى مدينة تاوريرت.
لم يمر على المشهد إلا وقت وجيز حتى سمعت عن حالة استنفار في البلدة.
لقد استغل أحد الغرباء خلو،،البسط،،من الحركة،فتسلل إلى حرمته،ثم كسر أقفال المكتب وعبث بالمحتويات،وكان على رأسها،،صانفيل،، الذي صار اليوم أكثر عصرنة،حيث تعرض لأعطاب جعلته خارج الخدمة،وبعد أن أجهز على كل ما امتدت إليه يداه،جاء دور دراجة أحد الحراس النارية التي لم يستطع الجاني تشغيلها،لكنه جرها لمسافة حوالي كلم قبل أن يتوقف عند ابن صاحب الدكان،حيث أناخ مطاياه،وطلب كأسا من الشاي لم يتأخر إحضاره،ثم ما لبث أن عرض على الشاب شراء الدراجة النارية فاعتذر.
استأذن الوافد الغريب في الغياب لبعض الوقت بعدما أوصى بالدراجة خيرا،ورافقه كلبه ،لكنه لم يعد ابدا.
لقد رأته إحدى النساء بجوار الطريق يغير ملابسه قرب شجر سدر،ثم اختفى ليمتطى الحافلة المتوجهة نحو تاوريرت.
عاد حارس الديمومة إلى مقر عمله لحظات بعد حصول الأحداث، ليكتشف تعرض دراجته للسرقة و،،البسط،،للتخريب،فكان الهاتف المحمول أجدى اليوم من ،،صانفيل،،حيث تجندت الجهات الأمنية لتلقي القبض على الجاني بمدخل المدينة وتعيده إلى ،،مسرح الجريمة،،ليعيد أطوار إمعانه في التخريب المجاني.
لست أدري كيف تخلص من الكلب الذي كان يلازمه حسب من شاهدوه،ولا أحد عرف شيئا عن هويته،مما سيوسع دائرة التشويق لدى الأهالي الذين شرعوا في نسج حكايات مكملة للحدث الرئيسي الذي لن تكشفه إلا ،،خبرة،،الجدارمية التي لا تتأخر في مثل هذه الحالة،حيث يضطر المتهم للإدلاء بكل ما يؤكد جرمه،وبالمقابل،هل تستفيق الجهات المسؤولة من تراخيها الطويل وتعيد إلى ،،البسط،،شيئا من كبريائه،أم أن الحدث لن تعمر أصداؤه طويلا في انتظار أن يبلغ التسيب مداه في قادم الأيام ؟
* صانفيل: هو جهاز الاتصال اللاسلكي
* الدبيش: هي البرقية اختصارا….

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *