مدينة دبدو … الفردوس الضائع
بقلم عبد الحفيظ حساني
دبدو مدينة صغيرة تحتوي على مؤهلات مجالية طبيعية و تقافية تنموية حقيقية ، لكن للاسف مدينة مهمشة و منسية تنعدم فيها فرص العمل شروط الاستقرار ، فعوض ان تكون فردوس الاقليم و الجهة الشرقية ،تحولت دبدو بسبب التهميش و الاهمال الى جهنم صغيرة او الى قاعة كبيرة للانتظار …
انها دبدو : انعدام البنية التحتية و غياب للمرافق الحيوية ، مدينة تعيش العزلة و لا تتوفر حتى على محطة طرقية ، جل طرقها غير معبدة و مليئة بالحفر…
دبدو تعا ني خصاصا كبيرا في المرافق الصحية على مستوى التطبيب و الاستشفاء ، وتعاني كدلك من نقص حاد في البنية التعليمية على مستوى المركز و على مستوى امتدادها الواسع على روافدها القروية …
مدينة جل بنياتها التحتية مهترئة ومدمرة ، فلا نجد ملعبا بلديا لكرة القدم او ملاعب القرب بمواصفات مقبولة و لا حتى مرافق وقاعات عمومية ترقى لمستوى تطلعات شبابها وتعكس مستوى الثرات الثقافي لمعالمها الضاربة في جدور التاريخ …..
دبدو تنعدم فيها المعامل و المصانع و تغيب فيها الاستثمارات الضخمة وحتى البسيطة فلا نجد مثلا و لو مصنعا واحد لخياطة الملابس يمتص عطالة نسائها و بناتها ، و لا نجد مصنعا واحدا مرتبط مثلا بالصناعات الفلاحية كتبريد او تصبير المنوجات الفلاحية لخلق فرص شغل لشبابها على طول السنة ، لقد غيبت الدولة الاستثمار في هاته المنطقة كان بالامكان تحويل او جلب استثمار واحد فقط كمصنع الالياف الكهربائية بطنجة او بالقنيطرة سيكون كافيا لخلق فرص لجميع شبابها الدين تحولوا الى شيوخ بسبب هموم العطالة…
دبدو مدينة لا تريد الخروج من قريتها ، مجلس جماعتها يتناوب على نفس سياسة التسير و التدبير و يعيد انتاج نفس الحياة الميتة ، مشاريع ترقيعية خافتة و بطيئة بدون اية رؤية تنموية مستقبلية … لقد ظلت دبدوا لعقود و لسنوات عديدة ضحية خريطة سياسية جعلت شبابها يعيش الوهم بالرهان على تكتلات سياسية جل قاداتها و منظريها استفادوا من هاته المدينة كدائرة انتخابية للوصول الى مناصب مهمة و حقائب وزارية و تنكروا لعطائها و لفضلها و خيراتها …
انها الفردوس الضائع ، بنيتها الفلاحية و بنيتها التاريخية الثقافية كان بالامكان استغلالهما لتكون هاته المدينة جنة الاقليم و الجهة الشرقية و معلمة سياحية على المسنوى الوطني …. يكفي في البداية تشجيع الصناعات الفلاحية كمصانع الزيتون لخلق فرص شغل و خلق رواج اقتصادي، و العمل على ترميم شوارعها و معالمها … ، كما يمكن خلق مشاريع بمنطقة تافرنت و بعين سبيلية …
كان بامكان الجماعة مثلا خلق شركات للتنمية المحلية او تعاونيات يستفيد منها العشرات من المعطلين لتعبئة مياه عين سبيلة و توزيعها في الاقليم و الجهة الشرقية بأثمنة مناسبة تحمل اسم تافرنت او عين سبيلية تكون منافسة للمياه المعلبة ك » سيدي علي » الدي لا يرقى لمداق و صفاء وجودة عيون المنطقة… تعاونيات تخلق فرص شغل للعشرات من الشباب العاطل و تجلب مداخيل مالية للجماعة و اخرى لتعبئة حليب العبار في قنينات شبيهة بالطرق تقليدية » ليتروا » وبيعها في الاقليم، حليب طبيعي بثمن مناسب سيجعل ساكنة الاقليم تتردد على شرائه لجودته و تشيع اقتصاد المنطقة…
كان بالامكان كدلك وفي نفس السياق اقامة مسبح اقليمي و فندق مصنف و باحة نمودجية للاستراحة و محطة طرقية مصنفة و تدشين طريق سيار او مزدوج بينها و بين تاوريرت لتتحرك المدينة و تتنفس من جديد و تعاد الحياة الى شبابها واهلها .
لو تظافرت كل الجهود وأعطي الاهتمام الكافي بهاته المنطقة بالامكان ان تتحول الى منتجع او مدينة سياحية جميلة علي شاكلة شفساون و مولاي يعقوب و سيدي حرازم او اصيلا …
ربما خلق هدا الطريق سيخفف العزلة عن هاته المدينة و يجعل روابط الاتصال بينها و بين مدينة تاوريرت اكثر قوة و تفاعل خصوصا على المستوى الاقتصادي، كما سيخفف من حوادث السير و يساهم في تقليص الفترة الزمنية الرابطة بين المدينتين خصوصا ادا أخدنا بعين الاعتبار تعطش ساكنة تاوريرت الى فضاء اخضر و اماكن للاستجمام و قضاء العطلة الاسبوعية ( باستتناء » باحة الاستراحة الخاصة بالجالية » هاته الباحة القاحلة و المنكوبة و الغير مجهزة والمغلقة معظم اوقات السنة و تستغل جيوب المواطنين في الصيف حيث يصل ثمن » براد اتاي » الى 25 درهم . . . تبقى مدينة تاوريرت مجرد ارضية اسمنتية تفتقر للمجال الاخضر و فضاءات الاستجمام العائلية … ) .
انها مجرد ملاحظات عابرة استوقفتني و انا اتناول كأس شاي في احد مقاهيها الجميلة ، مدينة دبدو تستحق الاهتمام و تستحق العناية ، و تستحق الخروج من العزلة و التهميش ، و ساكنتها و شبابها يستحقان التمتع بفرص الشغل و بالمرافق الحيوية و بكافة حقوق المواطنة الكريمة .
بقلم عبد الحفيظ حساني
صباح يوم 10 فبراير 2019
Aucun commentaire