نافذة على المدرسة الوطنية : المجموعة القصصية « الاستبداد الناعم » للقاص المغربي علي عبدوس مقاربة ميكروسردية تقويم عام للمنجز السردي
صنف عبد الفتاح لحجمري الكتابة السردية ضمن ندوة حول أساليب وتقنيات الكتابة الروائية إلى ثلاثة أنماط من الكتابة :
1-كتابة ذات شكل تقديمي للحكاية.
2-الكتابة ذات مستويات مفرزة للبعد الدلالي والجمالي للحكاية.
3-الكتابة ذات مظهر كلامي علائقي دال على الصيغ الإنجازية.
إذا أردنا إسقاط هذه الأنماط على الأشكال السردية في الاستبداد الناعم أضمومة القاص علي عبدوس وجدناها تنطبق على نصوص المجموعة:
حيث تمثل النمط الأول عدة عناوين منها : طيف ، وعبير الرغبة ، وهج الفتنة الأولى، ونص ،و عالم خاص ، بثينة، بقايا خمسة نجوم، بيضة اللقلاق… إذ تكتفي القصة برسم السياق السردي، كتمهيد لوقوع الحدث القصصي ، وكأنه محذوف لمعرفة الراوي به ،وحمل روايته إشارات إلى المتلقي تغني عن الحكاية.
أما النمط الثاني فتمثله قصة سم الخياط ، المايسترو، الآمر بصرف البحر، سيدة الظلام… حيث يتولى الوصف السردي- مثلا- في القصة الأخيرة ، رسم الأبعاد الجمالية » ، لسيدة موصوفة »، سيدة جميلة منتشرة على الكرسي » ،تحيل النعوت التي تميزها عن عالم النساء، على الإيماء بدلالات رمزية تحدد انتماءها المجتمعي : »لباسها وهيأتها تنمان عن الأرستقراطية » بينما النمط الثالث ينطبق على الاستبداد الناعم، وزكية ،ولطيفة ،الرجل الأجوف، عيد ميلاد، لعبة الصغار، كل ماعلى الأرض هواء… إذ يحاول السرد رواية الحدث القصصي وتناميه، وقص بؤر تأزمه وانفراجه ،وحكي لحظات الختم والتنوير.لكن الجامع المشترك بين هذه الأنماط من الكتابة السردية، إحالتها على التاريخ كقصة بقاياخمسة نجوم ،أو تصويرها للواقع كقصة سم الخياط، أو لعب الصغار،وعيد ميلاد، والمايسترو…أو تجريبها للرسم بالكلمات الشعرية كقصة نص، ووهج الفتة الأولى… أو انفتاحها على عوالم الغرابة والعجائبية والخيال كقصة الآمر بصرف البحر، والرجل الأجوف…مما يشي بنضج في الكتابة السردية، وامتلاك
لناصية السرد بدرجة عالية ، تسمح بمزاوجة بين عرض حكايات المغامرات العاطفية، وبين اقتحام عوالم التجريب ، وبين التنويع بين الحكائية والحوارية ، وبين التناصية و التصويرية الرومانسية .
*- الإحالات:
*1- للمزيد من التفصيل انظر كتاب « صورة المغرب في الرواية الإسبانية مكتبة الإدريسي بتطوان الطبعة 1 السنة 1994 .
*2- للتعرف أكثر على طبيعة المنهج وشروط اكتشافه ارجع إلى كتاب » من أجل مقاربة جديدة لنقد القصة القصيرة جدا ( المقاربة الميكروسردية) الدكتور جميل حمداوي الطبعة 2009
3-جيرار جونيت في كتاب خطاب الحكاية بحث في المنهج في ص201 و202 يميز بين ثلاثة أنماط من التبئير تناظر وجهات النظر عند تودوروف وبويون :1- التبئير الصفريقابله الرؤية من الخلف والتبئير الداخلي يقابله الرؤية مع والتبئير الخارجي يقابله الرؤية من الخارج.
4- توماشفسكي من أهم الشكلانيين الروس الذين اهتموا بعلم السرد وفصلوا في الحوافز وهي وحدات حكائية صغرى تحمل غرضا مشتركا وتساهم في تشكيل مفهوم البنية السردية على مستوى المتن والمبنى الحكائي وهي أنواع : مشتركة وحرة ودينامية وثابثة.وتتعدد أنساقه من تأليفي وواقعي وجمالي .لمزيد من التفصيل انظر كتاب نظرية المنهج الشكلي شلوفسكي وتوماشفسكي وكتاب بنية النص السردي لحميد لحمداني.
5- لمزيد من التفصيل انظر كتاب » المرجعية المعرفية للسيميائيات السردية جريماس نموذجا ص 52 لصاحبه سعيد بوعطية حيث يبسط نظرية تسنيير.
6-للاستزادة انظر كتاب الأنا والهو سيجموند فرويد ترجمة الدكتور محمد عثمان نجاتي دار الشروق 1982
7- انظر كتاب الحلم وتأويله دار الطليعة للطباعة والنشر بيروت لبنان الطبعة الرابعة 1982 . ترجمة جورج طرابيشي.
8- تمعن في كتاب سيميائيات الأهواء من حالات الأشياء إلى حالات النفس لجوليان أجيرداس كريماص وجاك فونتانيي ترجمة سعيد بنكراد دار الكتاب الجديد المتحدة 2010 الطبعة الأولى.
الهوامش:
(1) المجاز في كتاب التعريفات للشريف الجرجاني اسم لما أريد به غير ما وضع له المناسبة بينهما.من جازإذا تعدى أي متعد من محل الحقيقة إلى محل المجاز وهو أنواع :1-لغوي :الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له بالحقيق في اصطلاح به التخاطب مع قرينة مانعة عن إرادته في ذلك الاصطلاح.
2-عقلي : إسناد الفعل أو معناه إلى ملابس له غير ماهوله أي غير الفاعل بتأول متعلق بإسناده.
3- مركب :هو اللفظ المستعمل فيما يشبه بمعناه الأصلي أي المعنى الذي يدل عليه ذلك اللفظ بالمطابقة للمبالغة في التشبيه.
(2) فضل جان كوهن في كتابه بنية اللغة الشعرية الانزياح الاستبدالي المؤسس على الذخيرة الذهنية واستبدال الغائب بالحاضر الاستعارة على الانزياح السياقي المبني على المنافرة المتحققة بالحذف والزيادة والتقديم والتاخير….
(3) لمزيد من التفصيل انظر كتاب آن إينو »السلطة بوصفها هوى بيف 1994 .حيث تقول في ص 214 : » تحليل كفاية الذات الإبستيمولوجية الفاعلة هوالذي يفضي إلى قضية الهوى » بمعنى أن المسافة تلغى بين الذات المدركة والعالم الموضوعي في سيمياء الهوى بينما تكبر وتتوسع في سيمياء الفعل.
(4) انظر كتاب علم الدلالة والمضمون السردي لكريماص وبريمون.
المراجع :
1- خطاب الحكاية بحث عن المنهج جيرار جونيت ترجمة محمد معتصم عمر حلي عبد الجليل الأزدي مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة 1 1996
2- الصورة الأدبية لمصطفى ناصف دار الأندلس للطباعة والنشروالتوزيع الطبعة الثانية1981.
3- مجموعة الاستبداد الناعم القصصية للقاص علي عبدوس طبع أين برانت حي موريطانيا د2 رقم 2 وجدة السنة 2013 .
4- سيميائيات الأهواء من حالات الأشياء إلى حالات النفس لجوليان أجيرداس كريماص وجاك فونتانيي ترجمة سعيد بنكراد دار الكتاب الجديد المتحدة 2010 الطبعة الأولى.
5- مستجدات النقد الروائي الطبعة الأولى سنة 2011 للدكتور جميل حمداوي.
Aucun commentaire