فسحة في التسول بين الهواية و الاحتراف
فسحة في التسول بين الهواية و الاحتراف
العلم غزير كالمطر،ومن غزارته أن يصنف في أكياس و يخزن في مخازن المكتبات و الرفوف.وخزنه مهم في اليوم الأبيض لينفعنا في اليوم الأسود.العلم كالدرهم،و لكي تحصل على الدراهم لا بد أن تتسلح بالعلم.العلم يقودنا إلى النظريات العلمية.العلوم كلها حبيسة نظرياتها .و العلم الواحد تقوده نظريات متعددة، وذلك بحسب الباحثين المختلفين في الميدان الواحد…
العلوم كثيرة و غزيرة كالمطر الذي يملا السدود،علوم خاصة بالكون و أخرى خاصة بالفضاء و السماء و النبات و الحيوان و الجراثيم و الهواء،و أخرى لها علاقة بالطبيعة ومكوناتها البيولوجية و الجيولوجية، و الإنسان و تكوينه و عقائده الخ …
ولهذا ليس للعلم موطن أو وطن،و لا انتماء له إلى أي عنصر بشري ابيض أو اصفر أو اسمر أو احمر.العلم ليس عربيا و لا فارسيا و لا هنديا و لا أمريكيا أو ألمانيا، فليس له جواز سفر.انه من الإنسان(قديما و حاليا و مستقبلا) الذي له عقل و ذكاء و بصيرة (حتى نبتعد عن البصارة و الفكر البصاري)
جميع الحرف التي يمتهنها الإنسان تقتضي الإلمام بالعلوم .ومنها التسول الذي يعتبر أقدم مهنة قام بها الإنسان، و راكم فيها-منذ القدم- تجارب و كيفيات و تقنيات عديدة و متنوعة..
التسول علم من العلوم الاجتماعية له مدارس متخصصة شرقية و غربية و شمالية و جنوبية. ومدارس عربية و هندية و أمريكية و صينية و و. الفت فيه كتب: مثل1000طريقة للتسول.تمارين و حلول في التسول. الموحدات في التسول المعاصر.كيف تنجز موضوعا في التسول. الاتجاهات الشرقية و الغربية في طرق ووسائل التسول.الحساب السريع في التسول النظري. كيف تصبح مليونيرا في 5ايام…
كل المتسولين المحترفين لا ينعمون بالثروة التي جمعوها.وغالبا ما يتركونها عندما يفارقون هذه الحياة في الوسادة ،أو في السلة التي يحملونها معهم أين ما حلوا و ارتحلوا،أو يخصصون لها مكانا كرقعة في ملابسهم، حتى يشعروا بدفئها و حنانها و عطفها.(الصرة المالية)هي كل شيء عزيز عليهم:هي الأهل و الأحبة و الوطن.وهي الصديقة و المؤنسة في الأيام الموحشة.ولهذا فهم في اتصال مستمر و حميمي معها…
ونظرا لأهمية التسول في المجتمع المغربي و العالمي ،فان المجلس الاجتماعي للتسول وصل إلى نظره الفاحص أن تكون كلية التسول المحلي و الاقليمي ومراكز في التكوين المهني في الشحاتة، تمنح شهادات الكفاءة المهنية الكبرى في الميدان الشحاتي. فيكون لدينا شحات مبتدئ و شحات متخصص،و شحات متدرب،و شحات مبرز،شحات محنك ،وشحاتة خبيرة.(اسأل الخبير و لا تسال الطبيب)، و شحات من الهواة وآخر من أهل الاحتراف .و الشحات المحترف هو من يقدم دروسا و تكوينا للشحاتين المبتدئين.
التكوين و المهنة يمارسها الأفراد و الجماعات في جميع الأعمار، و لجميع الفئات الاجتماعية و للجنسين : الذكور و الإناث، في المدن و القرى…
ما يلاحظه المرء هو الطرق العديدة و المتعددة في الشحاتة. وأخر ما ابتكره العقل الشحاتي آن يشتري أي شخص من السوق المركزي للملابس الخردستانية ،صدرية خضراء تميل إلى الصفرة (وهي عادة ما يحملها عمال النظافة و رمي الازبال) إنها ملابسهم المهنية، والتربص بأحد الطرق ذات الاستعمال الواسع و تعرف حركة وقوف السيارات،ثم يلبس الصدرية و يحمل عصا…و يبدأ بإرشاد سائقي السيارات إلى أماكن التوقف.و في جباية أموال كل من أوقف سيارته… و بدون ترخيص من الجهات المسؤولة عن هذا الشأن، يعطي لنفسه المهنة عن جدارة و استحقاق.و يصبح متربصا و مبصبصا و ممحصا في كل من أوقف أو تحرك…
التسول نوعان:التسول بأعين وديعة و متمسكنة و متسامحة إلى أقصى درجة التمسكن لأجل التمكن من دريهمات الجيوب، و تنبعث منها الدروشة التي تحطم القلوب و الجيوب،حتى أن صاحب هذه العيون الناعسة تحسبه من القطط المنزلية في توددها ومجاملتها لأهل الدار…وتحتاج هذه الخبرة إلى علوم كثيرة في علم النفس و علم الاجتماع و الحساب الفلكي وعلم الأرصاد القلبية و الثقافة الشعبية و الدينية…و مثل هؤلاء يواجهون كل متملص من الأداء بجملة من الآيات القرآنية التي يتلونها بصوت مرتفع ليسمع القاصي و الداني :(كل من عليها فان) (و الذين يملكون الذهب و الفضة…) أين أنت يا مرضي الوالدين..أين أنت يا فاعل الخير…من يحجز مكانه في الجنة…الدنيا فانية لا يبقى فيها إلا وجه ربك…صدقة صغيرة تدفع (بلاوي) كبيرة…
التسول الثاني هجومي و عدواني و اقتحامي،يمارس بتكبر كبير و اعتزاز بالنفس، و العصا باليد :إذا لم تدفع فترقب النتيجة(أنت وحظك).أنت الآن أمام حارس متسول بالقوة و بحزم و شراسة الضباع الجائعة، و بلياقة وحركة النمور و الفهود السريعة، حتى لا يهرب من الأداء أحد…ونقطة ضعف هذا النموذج الشحاتي، انه يمارس وظيفة غير مراقبة و لا مشرعنة بالقانون، ولا يملك في مزاولتها ترخيصا… .الترخيص الوحيد هو هذه الصدرية الخضراء (ملابس المهنة)والتي أعطته في نظره الحق آن يبتز كل سائق متوقف.
هذا الأمر قد يدعو بعضنا إلى التفكير في مصير هذه الفئة من المجتمع.ألا تفكر الحكومة الموقرة في دمج هؤلاء في مدارس التكوين المهني ليتدربوا على هذه المهنة ليتخرجوا بشهادة مهنية. Mendiant diplômé .فيقول لك: » أنا متسول بدبلوم ». »أنا متسول (قاري) و عندي تكوين ،و شهادة من مدارس التكوين المهني الشحاتي.JE SUIS MENDIANT PROFESSIONNEL ET Diplômé YA BABAK
وتكون لهم حقوق التقاعد و التمريض و العطلة و التعويضات العائلية،والانتماء الى النقابات،و العضوية في مجلس المستشارين كممثلين لهذه الفئات من العمال…
وأخيرا أسجل خاتمتي مع القول المشهور للفيلسوف الفرنسي المعروف(رونيه ديكارت) » أنا أفكر إذن أنا موجود ».فتتحول إلى مقولة:
. » أنا متسول أنا موجود ».
(رد بالك يا مسيكين ، راحنا امسلمين و امكتفين).
انجاز :صايم نورالدين
Aucun commentaire