محنة الامتحان
ملحوظة:هذه كتابة افتراضية و ليست حقيقية و ساخرة لموضوع يتوهم أنه فلسفي…ومشاكل الفهم المترتبة عنه.
كان يوما حارا بل شديد الحرارة و مشمسا.شمسه تتوسط السماء و يخيل للمرء أنها فوق الرؤوس تشويها أو تذيب ما يوجد داخلها …كان يوما من أيام يونيو الحارقة، في سبعينات من القرن الماضي….
يونيو شهر من شهور الصيف و اللبن(الصيف ضيعت اللبن .اللبن له حكاية طريفة لمن يريد الزواج في شيخوخته من صبية في ريعان الشباب و لكنها فقيرة معدمة)…وهو بلا منازع، شهر نحس و غبن و أوجاع وأرق و فقدان شهية، بالنسبة للتلاميذ و والياء أمورهم…و بالنسبة للمدرسين هو كذلك، فيه الحراسة و المراقبة و الصيد والرصد و الترصد و التربص لكل صغيرة و كبيرة.إن الحارس يشبه القناص ببندقيته، ينتظر دائما شيئا يتحرك ليقذف الرصاصة نحوه.(الم يشر السيد المحترم صاحب سلسلة (اقرأ) احمد بوكماخ إلى نص في القراءة تحت عنوان »القناص و الغراب الأعور ».فمن هو القناص ومن هو الغراب الأعور في مدارسنا؟
مدرسون يحرسون و تلاميذ يمتحنون.و الكل موجود في حجرة واحدة يتبادلون النظرات من حين لآخر…وفي الامتحان محن و محن… الامتحان يحدث الإسهال في البطن، و العين. ولكن ليس في العقل الذي يصاب بالتصلب و التكلس. المدرس يدعو كل صباح « اللهم جنبنا الامتحان و جنبنا الحراسة ».ففي الامتحان يعز المرء أو يهان.إنها عبارة رجعية كانت تروج منذ القدم. وتبين إلى أي مدى كان الامتحان و ما يزال رهيبا…
الامتحانات موجودة منذ اللحظة الأولى لميلاد أي واحد منا.إنها من اللحظات الحرجة التي يمر بها الإنسان، كما يقول أهل علم النفس (إما الحياة أو الموت):إما الصراخ أو الاختناق؟
العزة أو الاهانة في الامتحان تجعل أشجع الفرسان، و لو كان عنترة بن شداد(يفرغ على سرواله كل ما يوجد في مثانته ، من شدة الخوف).الامتحان بالنسبة لتلميذ الأمس و اليوم و كل الأيام هو الفزع العظيم،و الهلع و الهرع،وهو يوم تشخص فيه الأبصار..
كان يوما من الأيام الثلاثة الامتحانية بالنسبة للشعبة الأدبية، و في مادة هي الفلسفة.إنها العدو رقم 0 في سلم الأعداد التصاعدية. على اعتبار أن 0 بداية الأعداد الموجبة(0من اختراع العرب) كما يهمس في آذاننا كثير من المؤرخين.انه اكتشاف عظيم .الصفر و ما أدراك ما الصفر؟ خاصة إذا وجد على يسار أي عدد. الصفر بالنسبة للتلميذ عدو مكروه كما يكره العرب كافة العدو الصهيوني الغاصب و المغتصب للأرض و العرض( وان كانت هناك استثناءات حكام السعودية و الخليج الذين يناصرون العدو الصهيوني و يعادون إيران الشيعية)
الفلسفة ملعونة كبيت مسكون بالأشباح و الجن و العفاريت و الشياطين الليلية.إنها تفتك بالضحايا فتكا.الكتابة الفلسفية من الطلاسم الفقهية التي لا يفهم في نقوشها إلا أهلها.الم يقولوا » أهل مكة أدرى بشعابها؟
و يقولون أيضا « مدرسو الفلسفة كلهم مرضى و حمقى و معقدين ».
و لا ينفع مع هذا المخلوق الاصطناعي( أي الفلسفة) المرعب عند سماعه، إلا الطلاسم والبخور و طاقية الإخفاء.أي إخفاء كل (المحرزات) و المستورات من (المحرزات) في كل مكان من الجسم ،حتى تحت الطاقية-الم يقل آهل العلم و الصنعة « القضية في الطاقية ».كثيرة هي المحرزات و الملصقات و الخطاباتmessage و المكالمات فوق و تحت الطاولة وفي المراحيض؟
و لهذا طالب كثير من آهل الحراسة ب تجهيز قاعة الحراسة بأجهزة السكانير والفحص بالأشعة الحمراء و ما فوق البنفسجية و الأشعة المغناطيسية و الكاميرات الذكية والبليدة،لعل التلميذ(ة) يكشف ما يخفي من أشياء غير مرغوب فيها، في معدته، أو في عروقه، أو تحت عظام جمجمته ،بل حتى في أمعائه الرقيقة؟ من يدري؟؟
كانت مادة الفلسفة في أول ساعات الصباح من ذلك اليوم الغبر، الذي…
وزع الحراس الثلاثة الأوراق المزدوجة على التلاميذ، و عليها العبارة التي كتبت بلون اسود قاتم كالفحم ( ورقة امتحان البكالوريا).
فعلا انه يوم اسود كشهر أيلول الأسود عند إخواننا الفلسطينيين… وزعت أوراق الأسئلة و الكل يبصر و يتفحص و يبصبص في وجه و ملامح أول تلميذ تلقى ورقة الأسئلة: هل يلاحظ على محياه (الارتياح أو القلق أو التذمر الخوف أو الفزع).و بعبارة بسيطة:هل الموضوع سهل الكتابة فيه أم لا؟
قرأ التلميذ الموضوع التالي: » هل تعتقد أن نظرية الفيض عند الفرابي….السؤال…حلل و ناقش؟؟؟؟
ومن شدة الارتباك و الخوف و الفزع و الهلع و الرعاش…قرأ التلميذ الموضوع كالتالي »هل تعتقد أن نظرية البيض عند الفراني….السؤال…حلل و ناقش؟؟ قرأها بهذه الصورة 20مرة أو أكثر.
ويسال نفسه على الدوام :هل هذا موضوع فلسفي أم اجتماعي أم تجاري؟؟؟ربما انه خليط من هذا وذاك؟ كأنه كان يشك أن في الأمر شيئا ما… وسأل نفسه و تساءل عن مضمون السؤال:علاقة البيض بالفراني ، هل هذا هو المطلوب؟فليكن؟
البيض معروف ( انه أولاد الدجاج في عرف الشعب الجزائري)،و الفراني هو صاحب الفرن الموجود في كل أحياء المدينة الفقيرة و الغنية.
و بدا الإسهال الفكري في رأس التلميذ يتقاطر كالماء المحلول في الطين.أفكارمن هنا و تساؤلات من هناك وأفكارأخرى… هل الفرن التقليدي الذي يستعمل الخشب و الحطب و بقايا النجارة؟ ،أم الفرن الكهربائي الذي يصنع الخبز الرومي؟،أم الفرن الغازي المنزلي الذي يحتل مكانا بالمنزل و يعتبر واحدا من أفراد العائلة؟ و بعضنا يخصص له اسما كتقدير على الخدمات التي يقدمها،فينعتونه « مبارك .مبارك.(عيدكم مبارك، و حجكم مبارك، و شهركم مبارك،و كل شيء مسعود و مبارك من النجاح في الامتحان إلى شيء آخر ، ومباركة مسعودة، أي شيء بتاء التأنيث).
تركت التلميذ في شانه الخاص ،وانكببت على الشأن العام وهو الحراسة .تائها حائرا ،كيف يمكن أن يضيع مصير إنسان بجرة قلم و انزلاق في الفهم؟؟؟كيف يمكن للخوف أن يصنع الخوف الفشل و المرض النفسي و الإحباط و أشياء أخرى؟انه هول الفلسفة الملعونة التي تمارس إرهابا فكريا على كثير من التلاميذ؟
ملحوظة:
الهدف من إدراج الموضوع الافتراضي هو تنبيه من يهمه الأمر من وزارة التربية الوطنية الوصية على قطاع التعليم ومن المصححين كذلك إلى إدراك آن التلميذ يصاب برهاب الامتحان بصفة عامة و رهاب الفلسفة بصفة خاصة.و تكون النتيجة القراءة المغلوطة للموضوع و الإجابة و الخروج بالاجابة عن المطلوب.
وعليه نقترح إعادة النظر في سلم التنقيط عملا بالمبدأ الديني المعروف في قضية الاجتهاد: من اجتهد و أصاب فله أجران(الثواب) ومن اخطأ فله اجر واحد..
انجاز :صايم نورالدين
Aucun commentaire