قد نقول انه عيد يشبه ذلك العيد الذي احتفل به عميد الشعر العربي ابو الطيب المتنبي عندما  رجع بذيول الخيبة من مصر من حاكمها كافور الاخشيدي،.و أنشد بحرقة و حزن قصيدته المشهورة :

عيد باية حال عدت يا عيد     بما مضى أم بامر فيك تجديد

انه يوم عيد يشبه في احتفاليته عيد المدرسة ،فيه اعلان عن بداية الدراسة،و فيه يتعرف التلميذ الجديد على مدرسته و مرافقها و مدرسيه.عملا بما تفعله الدول التي لها باع طويل في تطبيق ما يقوله علماء النفس النمو و التعلم و الجماعات الصغيرة…وهم يفعلون ذلك-بعلم- حتى يكون اندماج المتعلمين و تكيفهم مع الوسط المدرسي يتم بسلاسة و سهولة و بدون ضغوط نفسية.فالرهان على الطفل،فهو مشروع الدولة الغربية المستقبلي،وهو الذي سيحمل المشعل و يؤمن دوام الدولة و بقائها و تطورها.و لهذا فالتربية و التعليم و محتوياته و طرقه و مخرجاته من الامور التي لا تتساهل فيها الدولة ،بل يعد ذلك من القضايا الاستراتيجة وقضايا الوطن العليا.لانه مرتبط بالصراع من اجل البقاء أقوياء مع الدول القوية.و ان تبقى الدولة محافظة على بقائها قوية مع الامم و الا لانحدرت الى سلم الدول المتخلفة.وعليه تنفق الدولة بسخاء لكل ما يرتبط بالتعليم، على باحثين في فلسفة التربية و باحثين في البيداغوجيا و باحثين في الديداكتيك(وهي مصطلحات يعرفها من مارس التدريس في وطني، و هي ما كان يطلق عليها باسم (التربية الخاصة) في الانظمة التكوينية القديمة بمراكز التكوين في مستوياته المتعددة :ابتدائي واعدادي و ثانوي.

و من جملة الامور التي تقوم بها الدولة الفرنسية انها تساعد المدرسين على الابتكارو اكتشاف اساليب جديدة في التدريس او في التعامل مع جماعة القسم او مع جماعات القسم الصغيرة على وجه الدقة، و ذلك بواسطة محفزات مادية لمن اكتشف او اخترع او اهتدى الى طريقة او منهج جديد يتعلق بالتدريس و التعليم او التعلم. و تسعى وزارة التعليم الى امداد اطرها بما جد في عالم الكتب و المراجع الحديثة و البحوث الجديدة، تبعث بها الى المدرسين ليكونوا دائما على اطلااع على  المستجد .و بهذا تساهم الدولة بطريقة غير مباشرة في التكوين المستمر للمدرسين..

و نعرف تمام المعرفة ان المدرس اذا لم يساير المنتوج التربوي و المنتوج الثقافي و العلمي و السياسي اعتبر في لائحة الموتى فكريا.

في وطني يتهم المدرس بالاخلال بالواجب،و انه مقاوم للتغيير الذي تريد الوزارة احداثه في حجرة الدراسة.و يبررون هذا القول انهم استقدموا تجربة التعليم بالاهداف الامريكية و من امريكا الشمالية و كندا التابعة لها واوروبا (انه العالم الغربي يستفيد من بعضه البعض.و ان النظريات التربوية ينظرلها كالموضة في اللباس و الحلاقة و السيارات)فكل العلماء في الميدان المرتبط بالتعليم يجتهدون من اجل اكتشاف نظريات و مناهج و اساليب تربويبة ذات فعالية اكثر من سابقاتها،و تبنى الدراسات على قاعدة التجارب و الاستفادة من علوم اخرى لها صلة بالكائن البشري منها علم الوراثة و الهندسة الوراثية و العلوم الفيزيائية و البيولوجية.كل العلوم في نظرهم يمكن الاستفادة من تطبيقاتها  في مجال العلوم الانسانية…لاجل الوصول الى نموذج انسان خارق    le superman في مجال الذكاء.و لعل الدراسات الجديدة التي قلبت الطاولة علة المعتقدات العلمية القديمة  التي كانمت سائدة حول (الذكاء البشري) و التي اعطيت له تفاسير كانت صحيحة في وقتها،و لكن كشفت الدراسات الجديدة اشياء اخرى لم تكن فيب حساب الدارسين السابقين و الذين وضعوا مقاييس  مضبوطة لقياس الذكاء في مراحل العمر المختلفة لتصنيف العباقرة، والمتفوقون،و  المتوسطون،و الضعاف و البلهاء. و قالوا لأول مرة بالعمر العقلي و العمر الزمني. و هذه اشياء كان اكتشافها في وقتها مبهرا.و الان الدراسات الجديدة في الذكاء البشري تصنف الذكاءات الى انواع:منها الذكاء الموسيقي،الذكاء الطبيعي،الذكاء الرياضي..الخ

كتابنا الاجلاء في المدارس العليا، ينقلون و يترجمون ما فعله الاخرون و ما اكتشفوه و يطبعون الكتب .و كل يوم تجد في المكتبات سيلا من الانتاجات من الكتب التربوية المترجمة الى العربية،تتحدث عن ما فعله الاخرون من الغربيين وما توصلوا اليه من نتائج.فعرفنا سيلا من الانتاجات بالعربية و الفرنسية و الانجليزية و الاسبانية(و هي اللغات الحية  المعروفةالمدرسة بالمدرسة المغربية) تغزو المكتبات .

مكتبات تعرض مصنفات مختلفة في بيداغوجيا التعليم بالاهداف التي كان لها الصيت  في الثمانينات من القرن الماضي.وكذلك الامر عندما انتقلنا الى بيداغوجيا الكفايات في صورها المختلفة بما فيها بيداغوجية الادماج.و نجد الانتاجات الكثيرة في العدد المتشابهة في المحتوى، يتم اقتناءها و التهامها من طرف المدرسين لانهم لا يريدون ان يبقوا يغنون خارج السرب و خارج المعرفة و الاطلاع.فتنفذ المجلات و الكتب التربوية في ايام معدودات.و مع ذلك ينعت المدرس المغربي انه كائن لا يطالع و لا يساير المستجدات.وهو يفعل ذلك من مدخوله الشهري و ليس كما تفعل الدول الغربية(تمنحه للمدرس مجانا) و يذهب الى الملتقيات و يخضع لحصص التأطير و التدريب رغم ضحالة محتوى التكوين: لانه لا ياتي بجديد و لا بحلول للمشاكل المطروحة.و الخلاصة ان المدرس بريئ براءة يوسف من الذئب، في ما آلت اليه المدرسة من نكبات.فاي تجربة تربوية ان نجحت في موطنها و يراد ان تنقل الى موطن اخر ،لابد من اخذ الاعتبار انها لن تنجح الا في وجود شروط نجاحها:من المدرسين و التلاميذ و البرامج و المواد المدرسة و الامتحانات و العطل و الشروط المادية للعمل وعلاقة اباء التلاميذ و ادوارهم بالمدرسة،و علاقة الادارة بالمدرس و المراقبة التربوية و الوزارة، و مكانة المدرس في المجتمع و في وسائل الاعلام، و الجهات التي تمد يد العون له من المشرفين النفسانيين و الاجتماعيين والطب النفسي الخ…

ثم نتساءل بجدية :هل المسؤولون كانوا جادين في استقطاب نظريات آخر موضة و يراهنون على نجاحها؟ام ان الداعي الى ذلك ليس امرا تربويا و لاغرضا في نفس يعقوب يتجلى في تطوير الاداء المدرسي؟ بل المشكلة بكل بساطة اقتصادي بحث:التعليم بالاهداف جاء ليحل مشكلة توظيف المدرسين الجدد و التقليص من نفقات بناء اقسام ومؤسسات جديدة:(زيادة ساعات 3للمدرسين في الثانوي و4 ساعات للاعدادي و النجاح  ب3و4 في الابتدائي و6و7 الاعدادي و الثانوي بشرط الاقسام النهائية بالثانوي) .و التعليم  ببيدغوجيا الكفايات جاء ليحل مشكلة البطالة لدى المتعلمين المتخرجين(بيداغوجية الكفايات مبنية في اساسها على الاعتماد على النفس في حل المشاكل و اقتراح حلول…هذا ما يفعله المتخرج من المدرسة ،عليه ان يدبر امره في البحث عن عملأو شغل أو وظيفة ولا يعتمد على الدولة في ذلك.و بهذا يتم التنصل من ادوار الدولة في التعليم و العمل و يكون نفس الامر مطبقا على الصحة… لأنها عاجزة اقتصاديا  و مالياعلى الانفاق و النفقة على هذه القطاعات )

المدرس المغربي كجندي يقاتل بلا اسلحة،و يحاسب على الهزيمة…مع العلم ان المسؤولين لهم اغراض اخرى و مآرب يريدون تحقيقها. والمدرس هو كبش الفداء و الأضحية لا غير…لهذا هو المسؤول الأول و الأخيرعن الفشل في نظرهم و اقوالهم وتصريحاتهم في انهزام المؤسسة التعليمية:فالاصلاح خرج من بيت الوزارة معافى و في صحة جيدة و ناجحا،و كذلك عندما كان في الأكاديمية و النيابة التعليمية الى حدود أبواب المدرسة…و لكن..ماان دخل القسم حتى تبدلت اوضاعه و اصبح يجر ذيول الفشل و الخيبة و الانتكاسة لوجود من يقاومه…هكذا يبررون الاموال التي اكلوها  حبا ونهما و لما جما…فهنيئا لهم بما اكلوا …بشرط ان لا يحاسبونا نحن عن الفشل الذي صنعوه لنا بأيديهم و جعلونا مسؤولين عنه. و كل هذه المسرحية المملة و المبتذلة من أجل تصفية المدرسة العمومية و خوصصتها ونحن نعرف ذلك و لن نسكت ان نكون فقط اكباش الفداء…فلتكن لهم الشجاعة بالاعتراف ان هذا هو هدفهم(الخوصصة) و كفى المؤمنين شر القتال….

و كل عام ومدرستنا العمومية بخير ان تراجع القوم عن نواياهم،و كل عام ومدرس العمومي بخير…

صايم نورالدين