رؤساء جماعات بإقليم بركان يزكون النهب الممنهج للملك العام !!
حينما يصدر رؤساء جماعات ترابية بإقليم بركان بيانا مكتوبا تحت الطلب من محبرة الشيطان الأكبر (..) يباركون فيه مساعي رأس الفساد على درب نهب المال والملك العامين في البلاد ، مستنكرين وقوف الشرفاء المخلصين له بالمرصاد للحيلولة بينه وبين ما يشتهي هو ومن يحركونه من وراء حجاب في الرباط عاصمة البلاد ، فما علينا إلا قراءة الفاتحة على أرواح هؤلاء اللذين انتخبوا لخدمة مصالح جماعاتهم ورعاية حقوق ساكنيها ، فأبوا إلا أن ينذروا أنفسهم خدما أوفياء لأعتاب السلطة .
طبعا ، إن مبادئ الديمقراطية ، فضلا عن قواعد الأخلاق ، تفرض على هؤلاء الرؤساء ألا يتخذوا موقفا من الصراع القوي الدائر بين المجلس البلدي لبركان وعامل إقليم بركان حول العقار الإستراتيجي الإقليمي المراد تفويته لأحد الخواص المحسوبين على حزب ( لعروبية ) ، دون الرجوع لمجالسها المنتخبة من أجل التداول والتقرير بشانه.
حقا ، لو تصرف هؤلاء المسؤولون الجماعيون بصفتهم الشخصية لكان عاديا ، لكن أن يتكلموا بلا ضوء أخضر من مجالسهم فالأمر مرفوض وتجن على الديمقراطية والسياسة معا ، لأن القانون لا يخول لهم البتة إبداء الرأي من تلقاء أنفسم في قضايا ينعقد الإختصاص فيها للمجالس المنتخبة .
و لا نعتقد أن مثل هكذا بيان منحاز للسلطة المخزنية سيؤثر على مآل عملية التفويت ، كما أن عدالة هذه القضية لا تتوقف على عدد المدافعين عليها ، لأنه بالحق يعرف الرجال ، ولا يعرف الحق بالرجال ، ما يجعل الكثيرين يعدون هذا البيان المتهافت خطوة أحادية بئيسة تستهدف إضفاء الشرعية المفقودة على عمل سلطوي دنئ ينطوي على تبديد ممنهج لعشرات الهكتارات من أملاك الدولة ، مرصودة لاحتواء مشاريع تنموية هامة تستهدف كل ساكنة الإقليم وليس جماعة سيدي سليمان شراعة فقط ، وعلى رأسها كلية متعددة الإختصاصات ، وسجن مدني ، ومرافق رياضية للقرب…
و إزاء هذا المنعطف الخطير التي تمر منه هذه القضية التي تستأثر باهتمام الرأي العام المحلي والوطني ، فإن كل الموقعين على هذا البيان السيء الذكر يتحملون مسؤولية تاريخية و سياسية و أخلاقية في مصيرها ، إذ اسهموا بذلك في تضييع جزء هام من الرصيد العقاري الإستراتيجي للإقليم ، وزكوا عن سابق إصرار وترصد قرار إستنزافه المدثر برداء تنفيد حكم قضائي صادر ضد الدولة ، محمي من جهات نافذة في الدوائر العليا لللدولة تقتات على الفساد الإداري والمالي.
طبيعي أن يستغرب الجميع ، منتخبين و أحزاب جمعيات وساكنة ، كل هذا الإصرار وكل هذه الإستماتة اللذان أبدتهما السلطة الإقليمة من أجل تنفيد هذا الحكم القضائي بالذات و في هذا الملف بالذات ، سيما أنه ثمة أحكام قضائية كثيرة وهامة ينتظر أصحابها التنفيذ منذ عقود ، فلا السلسطة الإقليمة ولا غيره فكر في تنفيذها حماية لحقوقهم وتكريسا لهيبة القضاء ؟ !!.
والمثير للتقزز والإمتعاض أنه ، وعوض أن يهب ممثلو هذه الجماعات المنكوبة للدفاع عن الأراضي المغتصبة ، نكلوا بمن انتصبوا للذود عنها مخلصين ، بإيعاز من كبير العمالة المستقوي بآلته الإعلامية الجهنمية المشكلة من بعض المتزلفين له من رجال السلطة ، وعملائه من المستشارين الجماعيين والفاعلين الجمعويين.. ، من خلال حملة إعلامية شرسة ترشح كذبا وقذفا وسبابا ، وهمزا ولمزا ، وضربات تحت الحزام ، واتهامات مجانية لا تنطلي على عاقل ، في حق المناوئين لعملية تفويت أزيد من 50 هكتار من أملاك الدولة لأحد المحظوظين .
و الملاحظ أنه رغم مرور شهور عديدة على انفجار هذه الفضيحة المدوية ، لم نسمع بخصوصها إلى حد الساعة لبرلمانيي إقليم بركان ركزا ، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول السر الكامن وراء صمتهم المريب ضد هذا النهب الممنهج للملك العام ، الذي لا يمثل سوى حلقة صغيرة من مسلسل الفساد بالبلاد ، والذي ما يزال مستمرا ، وبشكل أفضع وأوضح ، في زمن الدستور الجديد الذي علق عليه المغاربة آمالا عريضة لتكريس دولة الحق والقانون ، ومحاربة الفساد عبر إرساء هيئات الحكامة الجيدة ، وربط المسؤولية بالمحاسبة .
Aucun commentaire