مجرد رأي في إصلاح التعليم
ربما ليس هناك قطاع في المغرب عرف إصلاحات من حيث العدد، وهدر للمال والجهد مثل قطاع التعليم.
فمند أن حصل المغرب على استقلاله وهو يجري إصلاحات تمس قطاع التعليم في جانب معين، فشعار الأول مغرية الأطر ارتبط بالظرفية التي عاشها مباشرة بعد الاستقلال في محاولة الاستغناء عن الأطر الأجنبية، ثم توالت الإصلاحات في شكل مناظرات وتغيير البرامج والمناهج واعتماد بيداغوجيات معينة وإحداث هياكل وتقسيمات للوزارة، كل هذه الإجراءات والأشكال كانت تدخل في مسمى » إصلاح التعليم « ، والهدف المعلن من قبل المسؤولين هو بناء منظومة تعليمية في مستوى التطلعات، وتجاوز الاختلالات التي كانت تنعكس أحيانا في اضطرابات اجتماعية.
ولعل المتتبع لمسار الإصلاحات التي همت قطاع التعليم، يلاحظ أن ما من إصلاح في مرحلة زمنية معينة إلا ومآله الفشل، مباشرة بعد الشروع في تنزيله، حتى أضحى الفشل لازمة يرتبط بالتعليم، وبالتالي فالأولى تسميته « وزارة التعليم والإصلاح والفشل « .
وها هي مرة أخرى تعقد اجتماعات وترفع شعارات تحت دريعة التعبئة الشاملة من أجل إصلاح جدري لا سابق له لمنظومة التعليم، كأن مكامن الخلل غير واضحة، وأن الجهود ستنصب لتشخيص عللها وأسبابها، هي وحدها كافية للنهوض بهذا القطاع، وفي جرأة غريبة من قبل المسؤولين، فقد تمت الاستعانة بمكاتب دراسات أجنبية، بتكلفة مالية عالية، تمخض عنه إصلاح الإصلاح فيما يسمى » الخطط الاستعجالي « ، لتاتي أثناءه وبعده التقارير الوطنية والدولية فتصنف البلاد في ذيل قائمة الدول في مجال التعليم، بالرغم من الأموال الطائلة التي ابتلعتها مشاريع المخطط الاستعجالي.
ولئن جاء الخطاب الملكي ل 20 غشت في الصيف الماضي، ولم يتوان عن وصف القطاع بالكارثي، فإن القائمين على الشأن التعليمي لا يزالون يتباكون على المآل الذي آل إليه، فقد جاء في تصريح للوزير أنه من شدة هول ما اطلع عليه، فإنه بقي أربع أيام لم يذق فيها طعم النوم، نثمن هذا الشعور إلا إذا ترجم إلى أفعال ملموسة، وتوفرت الإرادة السياسية، فغياب هذه الأخيرة هي وراء تعثر جهود الإصلاح منذ الاستقلال، ولا نقصد بها تدفق الأموال، من الجهات المختصة على قطاع التعليم، فقد رأينا كيف راهن المخطط الاستعجالي على هذا الجانب دون أن يفلح في تحقيق الأهداف المسطرة، وبقي أمامنا حل آخر لم يجرب في اعتقادي من قبل، وهي التعبة الشاملة لكل شرائح المجتمع، ومؤسساته في شكل ثورة علمية تعطي الأولوية لجهود إصلاح المدرسة المغربية بعيدا عن الحسابات السياسوية الضيقة، في شكل اعتماد مخططات مرحلية، تستحضر مطبات الطريق، وتستفيد من أخطاء الماضي، مع العلم أن الطريق ليس سالك وأن الفشل ليس معناه انهيار المنظومةالتعليمية بالكامل، فالحمد لله هناك تجارب رائدة في ربوع الوطن وهناك استعداد للمساهمة والتضحية من كل الأطراف، فقط يجب على المسؤولين بالدرجة الأولى أن يتخلوا عن أنانيتهم وكبريائهم، ويشرعوا في تنفيذ التوصيات المتراكمة لديهم في الأرشيفات دون الحاجة إلى اجتماعات يهدر فيها الوقت والجهد وتبذر فيها الأموال.
Aucun commentaire